الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشهدٌ للرحيلِ الأخير

صبري هاشم

2015 / 9 / 12
الادب والفن


***
مشهدٌ للرحيلِ الأخير
***
الآنَ وفي متاهةٍ ما ، توقّفَ بيَ الرّحيلُ
لا أدري في أيِّ ناحيةٍ أنا
وفي أيِّ المحطّاتِ
ولا أدري أيَّ المساراتِ كان يَختارُها لنفسِهِ
ثمّ يَسلكُها الرّحيلُ
لكنَّهُ بيَ ألقى مِن على ظهرهِ في لحظةٍ عاصفة
لا أحملُ حقيبةً للسفرِ
ولا بوصلةً تُعينُ على معرفةِ السبيلِ
المطرُ في الوهادِ يَنْهمرُ
ومِن النَّفسِ يُغرِّبُ
والحَيْرَةُ مِن عقليَ شيئاً كثيراً تأخذُ
وبضعةُ أشباحٍ في الظلامِ توغلُ
والأرصفةُ تجهشُ وحدةً
ولا شيءَ في هذا الفضاء غير وجهيَ الذي
ظلَّ يعومُ في الذُّهول
**
قبلَ الآن
كُنتُ أُبددُ المسافةَ بصناعةِ أفكارٍ مِن ورقٍ شفيفٍ
وأحياناً أرسمُها على جسدِ الهواء
ثمّ أتركُها تُطاردُ دخانَ المَداخنِ
وقبلَ الآن
كُنتُ إلى البحرِ أَقْرَب
أما الآن
فصرتُ إلى متاهةٍ
حيثُ توقّفَ بيَ الرّحيل
**
" ..... كادَ البحرُ أنْ يَخلعَ وقاراً ويُراقصَ الأجسادَ التي به ظلّتْ تستجيرُ ..... "
" ..... ، وكادَ الموجُ يُزهرُ زغباً ....."
" ..... ونحن مِن غزوِ البحرِ الذي
فَتَكْنا بهِ هاربون ..... "
**
الآن أعاقرُ ضَياعيَ فأنا في دَوخٍ
وحولَ نفسيَ أَدورُ
وأدورُ
ثمّ أدور
حتّى منتهى الألمِ
أَبحثُ عَمّن يُدليَ بِصمتِهِ وكأنّني بهِ أُقايضُ الجَلَبَةَ
وهذا السكونُ الذي يَفترسُني مُريبٌ
والهياجُ إنْ اجتاحَني لا يُحرّكُ نَسمةً في جسدِ الرِّيحِ
والآن
تُخيِّمُ فوقَ وجوديَ وحشةٌ
وأضيعُ بين جدرانِ الفراغِ الأربعة
أينَ مَن يُرشدُني نحو الطريق ؟
الآن
**
" ..... تساءلتُ مراراً إنْ كانَ السَّفرُ قطاراتٍ تقطعُ هامَ المسافاتِ ..... "
" ..... أو كانَ السّفرُ أَشرعةً وحيازمَ للسفائن تفتضُّ بكارةَ الموجِ ..... "
" ..... تساءلتُ مراراً إنْ كانَ السَّفرُ أطياراً تقطعُ أعناقَ الجبالِ ....."
" ..... أو كوكباً سيّاراً يُحاكي النجمَ ..... "
" ..... تساءلتُ ، إنّما مِن دخيلتي تَساقطتِ نحوَ الهاويةِ الأسئلةُ ...... "
" ..... تساءلتُ أنا الذي يلحُّ بالسؤالِ ..... "
**
ذاك هو الموجُ الذي جعلَ مِن أشواقيَ درساً للعاشقين
وحَمّلَني أشواقَهُ زمناً
ذاك هو وقد باتَ يَخسرُني
ذاك هو البحرُ الذي أَغْرَقْتُهُ وما أغرقَني
باتَ يُناصبُني العداءَ
وأنا مهجورٌ في وحدتي مثلَ زورقٍ قديمٍ
يتوسّلُ يداً تمسحُ عن جسدِهِ الغبارَ
أو نَفْسَاً تَسْرِدُ شيئاً مِن حكاياهُ
أو صاحباً يذكرُ مُغامرةً لهُ في عرضِ البحارِ
مُغامرةً واحدةً فحسب
**
أنا الغاربُ
تُحاصرُني المتاهةُ التي
ألقى بيَ الرّحيلُ إليها في لحظةٍ بها توقّفَ الوقتُ
أنا غاربٌ لكنّني أبحثُ في اللحظةِ الأخيرةِ
عن فرصةٍ للنجاةِ ، أخيرة

11 ـ 9 ـ 2015 برلين


***









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من


.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري




.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب


.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس




.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد