الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقطع ٌ بمصاطبَ واطئةٍ ، بجدران ِطينٍ ثخينةٍ ، بحُواةٍ و موسيقيين

حازم العظمة

2005 / 10 / 21
الادب والفن


(1)
...أو حين كنا نعود من نهاراتٍ رماديةٍ
، نتوجّه إلى الموضع كثيفِ العشبِ بأعلى التلّةْ

من هناك العنابر والمخازنُ الخاويةْ،
كأن نقول بأن أحجاراً ما تزال تقعُ بأسفل الجدارِ

،... أن بِركَ الضوءِ ...
إذا ما نظرتَ إليها من شقوقٍ في السورِ ...

، على مثل هذا كنا نؤسس حياتنا:

المياهُ الكبيرةُ ، الصخورُ الكبيرةُ ، العيونُ الكبيرةُ



(2)

، ثم أنهم كانوا ينحنون على المحركاتِ بالمفاتيح الكبيرةِ
بينما يلتفتون بالرؤوس إلى جهة الجدارِ

أو يتحدّثون
وهم يلتفتون بالرؤوس إلى جهة الجدارِ



(3)

بعدها روتْ كيف كانت تعبرُ من بواباتٍ واطئةٍ،
من خصور التلالِ الرملِ ثم من قاعات الأعمدةْ
،... وبطريقةٍ ما من غرف العَنَفَاتِ والأبواب الزجاجِ
إلى حيث الشارعُ في الظهيرةِ
وسوق الصَوّافينَ
وبائعاتُ التينِ



(4)

ثمّةَ فلاحاتٌ من الشمالِ كنّ يتخاطفن شالاتِ حريرٍ ملونةً
، يتخاطفن تفاحاً وورودَ أسيجةٍ قمراءَ ...

والرعاة كانوا يعرضون في السلال بيوض القطا
مرقطةً بنجومٍ صفراءَ...

أو مموهةً بلون الرملِ
....، أو كمعاطف الغُرَيراتِ ،وكنتَ رأيتها
وأنت تهبطُ بمنحدراتِ الصخورِ شمالَ "بُصرى"
،....أو هل كانت المنحدراتُ بشرق "بُصرى"

، والغُريراتُ لم ترَها
وإن كنتَ تعرفُ كانت هناكَ ....
معاطفها بلون الرملِ







(5)

، تقولُ أنكَ بعدها ترددتَ
تقولُ أنك بعدها استدرتَ وعُدتَ

(6)

ونحنُ بدورنا كنا سنعبرُ من خصور التلالِ الرملِ ...
ثم من قاعاتِ الأعمدةْ ، من غرف العنفاتِ والأبواب الزجاجِ
إلى حيث الشارع في الظهيرةِ

ومظلاتُ الرعاةِ
وبائعاتُ التينِ





(7)



بعدها فكّرتَ أنكَ لا تزالُ تعودُ إلى هذا المكانِ
(دائماً ما كنتَ تعودُ إلى هذا المكانِ)

وكنتَ تقفُ هناك في الموضعِ كثيفِ العشبِ بأعلى التلّةِ
وأنّ ملأً كانوا هناك في الشوارع الفسيحةِ ينهالون بالمطارق الكبيرة
على أجرامٍ في وسط الساحةِ ولا تسمعهم

ثمّ أنك لا تسمعهم وهم يشكِّلونَ بالمطارقِ الكبيرة أجراماً لها أوبارٌ لامعةٌ

لها رذاذٌ يبرقُ في الهواء المرتجف أمامهم





(8 )

كنا حين نصادفهم
نحنُ الذينَ تَنَاثَََرَنا الليلُ في طرفٍ من المشهدِ

أو حين صامتينَ يصعدون في الواجهات الزجاجِ

...أو أن طرفاً من الضوء كان يقع من نهايةٍ ما،
وكان لنا أن ننحدر من أجزاء المشهدِ البعيدةِ ،
أن نصعد من الدرجات التي ما تزالُ يرتفع فيها الرملُ ...

وقلنا هذا النهار لا تكفينا أهراؤهُ ...
وهذا الفارق الطفيفُ
، من مسافاتٍ ضئيلةْ
من خيوطٍ ضئيلةْ ...
، نترك الخيوطَ تنحني ، تتعرّجُ

نتذكّر أننا مدينيونَ نحنُ أيضاً
وأنه كان علينا أن لا نبتعدَ
في مقدّمة الضوء البنفسجيْ

نحن أيضاً كان علينا
أن ننعطفَ من نهايةٍ ما


(9)

الشوارع الخلفية صبيةٌ يسترقون المشهد من زجاجاتٍ ملونةٍ
جنودٌ بأحذيتهم يتمددون على أول سريرٍ يصادفونه
متجولون أتوا من منحدراتٍ في الثلجِ يعرضون جذوراً نادرةً ..
شرفاتٌ ضيقةٌ أحاطوها بأقفاصِ زجاجٍ
ونباتاتِ أوراقٍ حمراءْ....

هكذا دائماًَ تستشهدون بأشخاصٍ ماتوا
منذ سنينٍ بعيدةْ...

قلتُ لماذا لا تستشهدون بالأحياءِ ...مثلاً بفتاة الثامنة صباحاً ،
أو بفتى الأكواب المليئةِ المحمولة بيدٍ واحدةْ عالياً إلى سماء الحانةِ


(10)

ثم قالوا لنا أنْ ما من أحدٍ من بعدُ سيأتي
أن ما من أحدٍ سيصلُ في هذه القَفْرةِ ويرمي
، وهو يدخلُ ، عن كتفيه الليلَ

لكنهم يَصِلونَ

بينما يدلفون بالظهور من سدائلِ الخيامِ
، بينما يترنحون من صناديق صفيح مطبوعٍ يجرّونها على الرملِ
وعلى أكتافهم طيورٌ تحكي بلغاتٍ لا تُفهمُ

والطيور تتلفّتُ
كلما أشار أحدٌ إلى جهة الليلِ

كلما همس أحدٌ






(11)

ربما عدتَ من مشهد شتاء بعيدٍ
وأنت تَحْدِسُ أين من الكثيبِ الثورُ ....

والعقربُ ...

، والمرأة بالثوب الأزرقِ
والبيتُ الذي بنافذةٍ واحدةْ
في السُّهب الذي بصنوبرةٍ واحدةْ

،.... ثم بعدها بسنينٍ :
أين من الحافّة الأيْكةُ
والرصيفُ
ومرفأ الصيادينَ ....

أو ربما تفكّرُ أيّة حياةٍ في الصخورِ
أيّةُ حياةٍ هنا في الرمل الناعمِ
، تطيل انحدارك حتى لا ينتهي الأزرقُ من الصخورِ







( 12)


الفتيات اللواتي تركْنَني منذ أكثر من مئة سنةٍ كنَّ لا يزلنَ
على المصاطب الخفيضةِ يُصْلحنَ من زينتهنَّ أمام المرايا
التي بإطاراتِ مصابيحٍ كثيرةٍ بيضاءْ ...




ثم بينما يتحركن أو بينما يلتفتن كنّ يتركن في الضوءِ
طرفاً من الخصرِ ...أو من الوركينِ
... كأن يَدَعْنَ القماش ينحسر عن هذه الأماكن فلا يردُدْنَهُ ،
كأنْ يدَعنَ نهداَ واحداً طليقاً بينما يلتفتنَ ...
بالأكتافِ ، وبالأقراطِ ،
وبالعيون الدامعة السوداءْ

،.... الفتياتُ اللواتي تركنني منذ أكثر من مئة سنةٍ كنّ
في الفجر يعدنَ ، ينحدرنَ من المساربِ بين البيوت
صُحبةَ الحواة والغجريات والموسيقيينَ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-