الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلم الديمقراطي المستحيل .. من بوش لعز

رشا رمزي

2015 / 9 / 13
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


"ذكر هوميروس ان في عصره كان العبيد يستطيعون أن يتملكوا أراضيهم وأن يصبحوا حرفيين مستقلين". ومن هذا المنطلق، أوضح أن التمييز لم يكن بين العبيد والأحرار، وإنما بين المقربون إلى القصر وغير المقربون. بل زاد المؤرخ شيوبومبوس أن "أولى المدن التي ظهرت بها تجارة العبيد"، تمتعت أيضا بالديموقراطية في عهد مبكر (القرن السادس قبل الميلاد)، وقد أنهى كلامه بقولة "إن أحد مظاهر التاريخ الإغريقي هو- باختصار- المزج بين الحرية والعبودية، حيث انتشرت العبودية عندما أرسى سولون أساس الديموقراطية في أثينا.
الحقيقة ان الوضع لم يختلف حتى بعد مرور عشرون قرنا؛ كانت جميع الأنشطة متاحة للعبيد باستثناء السياسية منها، حيث كانت السياسة عند اليونانيين النشاط الوحيد الذي يتطلب أن يكون المرء "مواطنًا"، أما الأنشطة الأخرى فقد كانت متاحة بقدر الإمكان لغير المواطنين. "العبيد" حيث كان المركز هو المهم وليس النشاط ذاته.
الحقيقة الوحيدة التي تغيرت هو أن تلك اللعبة المسماة "ديمقراطية" الهدف الوحيد منها هو منح حالة وهمية من القدرة على السيطرة و التحكم لهؤلاء العبيد؛ بينما في الحقيقة أن من يديرون تلك العملية، صناع القرار، ساكني القصور... هم من يديرون أمور السياسية و يحكمون العالم... لا تستثنى دولة أو شعب بدء من الولايات المتحدة الامريكية أعتى الدول في الدمقراطية و انتهاء بالشرق الاوسط و ما يعانيه.
يصبح السؤال هنا هل من الطبيعي في مصر بعد ثورة شبابية شعبية أن نجد الوجوه القديمة عادت لتطل علينا من جديد في المشهد السياسي و البرلماني، بل أجزم انها لم تفارقنا أبدا؛ بدء من أحمد عز صاحب المال/السلطة و إبراهيم محلب رئيس الوزراء الحالي و عضو مجلس شورى السابق بالتعيين عن الحزب الوطني وعضو لجنة السياسات وزارة الاسكان حزب وطني، مرورا بأسماء أخرى مثل أحمد موسى الاعلامي الحالي و الصحفي سابقا ( ذو العلاقات الامنية التي لا ينكرها) و الخبير الامني للعهد المباركي سامح سيف اليزل، و الزند كوزير للعدل و أحد أهم الرموز المباركية. كل هذه الاسماء و غيرها كُثر عادت بعد ثورة شعبية من المفترض انها قامت على هذه الاسماء و غيرها، فلماذا عادت؟ و لماذا لم تختفي اصلا؟؟
السؤال الاول .. فإجابته ببساطة رغبة منها في عدم التنازل عن المعبود الاعظم "السلطة/النفوذ" اما السؤال الثاني فيتمثل في انها تمتلك القدرة على الاستحواذ على مقاليد السلطة.. كون النظام السائد حاليا يعكس رأي قلة من المجتمع التي تحكم وتسيطر بدورها على كل شيء مما يسمح لها بالعودة مرارا و تكرار سوء بنفس الوجوه او بوجوه أخرى لكن بنفس السياسيات.
نفس الحال ينطبق علي الولايات المتحدة معقل الديمقراطية و رافعة شعارها؛ فنفس الوجوه بدء من عائلة كينيدي معتادة السياسة/الدبلوماسية/المال، و عائلة بوش ممتدة النفوذ السياسي على يد الابن الاخير جيب بوش و هم من هم أصحاب نفوذ مالي منحهم نفوذ سياسي لعلاقاتهم البترولية النافذة، و على نفس الوتيرة تيد كروز المرشح الذي عمل والده ورافائيل بينفينيدو في مجال النفط، و ما أكثر الامثلة...فهل يتمتع الشعب الامريكي حقيقة بجوهر الديمقراطية الثمين من حكم الشعب للشعب لصالح الشعب ؟؟!!
و من ثم عندما وعت الشعوب مدى كذب تلك اللعبة "الانتخابية" قاوموها مقاومة سلبية، ظهر ذلك في تدني نسب المشاركة في الانتخابات و التي تستمر في التدني من موسم انتخابي الى الاخر. سنرى ذلك في الولايات المتحدة الامريكية 50.6% في انتخابات 2012، بينما كانت في الانتخابات السابقة 60%. "لم أشارك في الانتخابات لأنني اعتقد أن نظام الحكم في أمريكا مؤسسة غير شرعية. "حسب اعتقادي نظام الانتخابات يعطي الشرعية فقط للحكومة التي تقاد من الأعلى والأسفل من قبل نظام أوليجاركي". كان هذا تصريح السيد كيث برستون.
الحقيقة المرة التي يغفل عنها الكثيرين أن العملية الديمقراطية في حد ذاتها عملية انتقائية نخبوية غير شعبية بالمرة.. بدء من تاريخها اليوناني الاستثنائي لكل من النساء و العبيد (العمال و الصناع بالمعنى السابق ذكره) إذ إشترطت لممارستها المواطنة للذكور الاحرار فقط ... اما الديمقراطية الحالية و ان لم تبعد النساء الا انها مازالت نخبوية من أصحاب النفوذ بكل اشكاله .. مالي .. سلطوي .. اعلامي، و الا أنها و ان اختلفت عن ديمقراطية أثينا ففي عامل واحد فقط الا وهو كيفية الوصول للهدف الاسمى "السلطة/الحكم" فبينما كانت الديمقراطية في ثوبها الأثيني (نسبة الى أثينا) مباشرة صريحة، اختار انصار الديمقراطية الآنية الوهم كوسيلة للحصول على مرادهم "السلطة/الحكم" ,,, بإيهام الشعوب أنها صاحبة القرار و صانعته عن طريق استخدام صندوق الاقتراع ... يا سادة نحن "عبيد" سواء كنا صناع .. زراع ..أطباء .. مهندسون.. مازلنا عبيد .. و العبيد لا يغيرون و لا يصنعون القرارات لا بالانتخابات و لا بالثورات .. لان السادة الاحرار المواطنين اصحاب السلطة سيعودون مرارا و تكرارا!!! لذا يجب التفكير في ايجاد شكل و نمط أخر لتحقيق المساواة/العدالة اذا كان النمط الأثيني/الحالي بعد التطبيق لم يحقق "المساواة/العدالة" على مدار عقود و سنوات و هو الهدف الانساني الاول و الاولي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حادث مفاجئ جعله رئيساً مؤقتاً لإيران.. من هو محمد مخبر؟ | ال


.. مراسم تشييع الرئيس الإيراني في تبريز| الأخبار




.. نتانياهو -يرفض باشمئزاز- طلب مدعي الجنائية الدولية إصدار مذك


.. مقتل الرئيس الإيراني: هل تتغيّر علاقات طهران بدول الخليج وال




.. بايدن: ما يحدث في غزة ليس -إبادة جماعية- نحن نرفض ذلك