الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتصار الجبهة الشعبية لصالح الديمقراطية الحقيقية

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


انـتصرت الجبهة الشعبية على الحكومة في معركة الشارع حول قانون المصالحة مع الفاسدين. الموضوع السياسي للمعركة هو مشروع القانون المذكور و الذي تـقـدم به رئيس الجمهورية، و لكن من الناحية الواقعية تحول موضوع المعركة بين دفاع الجبهة عن أحقية الاحتجاج السلمي و ان كان في ضل قانون الطوارئ، و بين القمع البوليسي الشرس و الفـظيع تجاه المحتجين بشكل واضح بالتمام و الكمال في كونه قـرار حكومي في اتباع سياسة قمعية بوليسية.
حكومة و من ورائها من حزب اغلبي هو نداء تونس و توجيه مباشر من رئيس الجمهورية و الفاقـدة لبرنامج سياسي اتجهت وسط الاخفاقات الواضحة للعيان في بعث نفـس اقـتصادي جديد، جعلت من بين ادواتها الرئيسية القمع البوليسي لفرض ارادة الحكومة، و جعلت من دور المعارضة كديكور لن يتعدى في نهاية الامر دور المشاغب في مجلس النواب. مازال منطق الديمقراطية القائم على الاعتبار الحقيقي للمعارضة و الرأي العام غائب عند العقلية السلطوية. فمن الاولى الاعتبار بتجربة حركة النهضة في الحكم مع العلم ان حركة النهضة حين صعدت الى السلطة في اكتوبر 2011، كانت اكثر قوة بكثير من حركة نداء تونس اليوم. لها اغلبية مريحة في المجلس التاسيسي و لها مشروعية ثورية بما انها كانت معارضة للنظام النوفمبري، و لعا مشروعية دينية. رغم كل ذلك اسقطها الشارع. نداء تونس يتصور انه بإمكانه قمع الشارع و اسكاته عبر محطات القمع التي ابتدأت مع المعلمين و هي فضيحة كبرى لم يجرؤ على الاقـدام على اقـترافها حتى نظام الاستبداد النوفمبري.
و من الجلي ان مفهوم هيـبة الدولة عند التركيـبة السلطوية اليوم تـتـلخص في القمع لأجل تـنفيذ اجندات و اوامر صندوق النقد الدولي، و لم تكن معركة قانون المصالحة التي اريد لها ان تكون في ضل قانون الطوارئ سوى المحطة الاساسية لفرض الارادة القمعية البوليسية و العودة الى مربعات ما قبل الثورة مع الاحتفاظ ببعض المكاسب التي تـتحول شيئا فشيئا الى مجرد اشكال مزيفة لديمقراطية مزيفة، من ذلك الانتخابات الحرة و التعـددية الحزبية و حرية الاعلام بين قوسين..
فجريدة المغرب التي تم انـشاؤها بعد الثورة تعتبر اكثر منبر حائز على الاحترام من قبل المثـقـفين. فهي من حيث الشكل و المضمون تـتصل بقدر كبير من التعـددية و الموضوعية و الاحتراف. هذه الجريدة اسسها السيد عمر صحابو و هو من مؤسسي حزب نداء تونس، ثم اشتراها السيد منصف السلامي سنة 2013، و هو عضو في البرلمان الحالي عن حزب نداء تونس كذلك. و هي رغم ذلك تـتجه الى الموضوعية مما جعلها تمرر لونها السياسي بذكاء شديد لمحناه عديد المرات و آخرها في عدد اليوم الاحد 13 سبتمبر 2015.
من المعروف ان اغلي التونسيـين يكـتـفون بقراءة العناوين و خاصة عناوين الصفحة الاولى. في هذا العدد لجريدة المغرب نجد عنوانا بالأحمر العريض البارز فوق صورة حمه الهمامي و زياد الاخضر و بعض القيادات في الجبهة و حزب المسار. العنوان هو : المعارضات تـفـشل في حشد الشارع. الكلام عن مسيرة يوم السبت 12 سبتمبر للجبهة الشعبية التي تـزعمت و حددت توقيت المسيرة و غيرها من قوى سياسية و مدنية. فالقول معارضات يترك انطباعا بهشاشتها جميعا لدى القارئ العادي اي ارادة اقصائها و هو منطق الحزب الواحد الذي لا يزال متحكما في المشهد و ان كان باحتـشام. و كان من المفـترض لإعلام يحترم نفـسه ان يسوق كلمة المعارضة على اقـل تـقـدير بما ان موضوع تحركها واحد.
من وراء العنوان هناك ارادة في طمس جدية المعركة الحالية بل تأثيرها على المسار السياسي القادم برمته. هناك ارادة سلطوية في طمس روح الثورة و الايهام بان ثورة كأنها لم تحدث في البلد. من جهة اخرى و هذا يتوضح في متـن الجريدة، فهناك موقف متساوق تماما مع موقف السلطة و حزب نداء تونس الذي استـشاط غضبا حين حولت الجبهة الشعبية المعركة من البرلمان الى الشارع، ذلك انها بحكم عدد نوابها الستة عشر في البرلمان لا يمكنها ان تمنع المصادقة على مشروع قانون المصالحة الرئاسي، مثلما لم تـتمكن من ايقاف سيل القروض و لا ايقاف مشروع الميزانية الاشعبي الذي تم إقراره كما انها لا يمكنها في البرلمان ايقاف المشاريع المنـتظرة و هي الاخطر و التي ستطبق شروط صندوق النقد لتـثبـيت الدولة العجوز لمجتمع شاب.
قالت الجبهة انها لن تسكت عن هذه المهازل التي ستحبط الشعب. نزلت الى الشارع لأنه هو النابض بالحياة و ما الانـتخابات في نهاية الامر إلا خدعة للشعب و ان كانت حرة نزيهة، فهي آلية فيها منطقها الذي لم يكن ليوصل الجبهة الآن بنسبة مؤثرة في البرلمان نظرا للاستـقـطاب الذي حدث بين النداء و النهضة و الذي ثبت للجميع الآن زيفه و بهتانه.
قالت الجبهة ان الديمقراطية ليست "انتخبك لتـفعل ما تـشاء و انما لتـنـفـذ ما وعـدت به و ليس لان تخدع الشعب و تغـرر به". قالت كذلك ان "الشعب الذي لم ينـتخبنا هو قضيتـنا المركزية مثل الذي انـتخبنا". قالت ان الديمقراطية احتجاج في الشارع و ارغام السلطة على التوجه الى الرأي العام و التـقيد به. ليست الديمقراطية معارضة تـنبح كالكلاب و سلطة تـفعل ما تريد.
قالت الجبهة انه لا مجال لعودة دولة القهر و البوليس و ان كان بعنوان الطوارئ لمحاربة الارهاب.
من جهة اخرى فانه قد توضح لدى الجبهة تراجع الحكومة عن سياسة القمع ما ان تم استدعاء "حمه الهمامي" الناطق الرسمي للجبهة الشعبية من طرف رئيس الجمهورية. لأجل ذلك لم تحشد الجبهة اعضائها في بقية المدن ليلتحقوا بالعاصمة و لم تحشد انصارها في تونس العاصمة و انما شاركت بنواتها الصلبة في العاصمة فقط. المعركة حسمت ضد سياسة القمع لصالح الاعتراف بحق التظاهر و الاحتجاج السلمي، اما عن مشروع قانون المصالحة فانه من المفترض ان تـتم فيه تعديلات ليمر الى البرلمان و هو الان سيعرض في مناخ من الرفض الشعبي المعلوم الذي سيجعل تمريره بدون محاسبة و كشف و اعتـذار للشعب متعذرا..
انها انتصار للجبهة في معركة تسبق المعركة الكبرى و هي الاستـقلالية و الحرية الفعـلية حسب القراءة العلمية للواقع التونسي من جانب الجبهة الشعبية، او الرضوخ لصناديق الامبريالية العالمية حسب الائـتلاف الحاكم في البلد. انه الصراع بين الديمقراطية الحقيقية و بين الديمقراطية الزائفة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه


.. بسبب سقوط شظايا على المبنى.. جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ت




.. وزارة الصحة في غزة: ما تبقى من مستشفيات ومحطات أوكسجين سيتوق


.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟




.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د