الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى نخلع صفر مريم بلونه الباهت عن مريم، وعن عموم الوطن

مجدي مهني أمين

2015 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


هذا الوجه البرئ، وهذا الملبس الريفي الرقيق، يطل علينا كل يوم من وجه مريم، تنتظر وتلح في الانتظار، أكاد أقرأ في هذا الوجه المسالم المتحدي، المعنى الكامن في معركتها معنا يتلخص في أنها تدافع عن كرامتها أمام أهلها وأحبائها، إذ أنها ترى في الصفر إهانة، لذا لا اعتقد أنها تدافع عن عام دراسي كي لا يضيع منها، بل تدافع عن كرامتها، عن صورتها التي تشوهت بهذا الصفر المنسوب إليها.

وها قد رحل رئيس الوزراء الذي وعدها بالدفاع عن حقها، ولم يتبقَ امامها إلا عدالة ناجزة، عدالة لا ترتكن لرئيس وزراء إنسان، بل ترتكن لدولة قانون وعدل، عدل كثيرا ما خذلته مصلحة الطب الشرعي في العديد من القضايا.

أمل مريم، وأملنا جميعا، أصبح في البحث عن إدارة جديدة، منظومة كاملة تكرس ذاتها للعدالة المطلقة، نأمن فيها الطب الشرعي، والأمن، والانتخابات، والامتحانات، وتوزيع الأراضي، واستثمارات المناجم، وكل ما نملك، أن يكون خاضعا لميزان العدالة بديلا عن سطوة أهل النفوذ على مقدراتنا، الناس لن يضيقوا ذرعا بنقص الموارد، ولكنهم سيضيقون ذرعا بتوزيعها بطريقة غير عادلة، سيضيقون ذرعا بسلب الحقوق دون حساب، بل وتحويل الضحية إلى مذنب.

- ألم يهدد وزير التعليم مريم بحرمانها ثلاث سنوات من الامتحان، بناء على تقرير الطب الشرعي الذي لم يصدقه أحد؟

تحولت مريم مذنبة عليها أن تتلقى عقاب الوزير بدلا من أن تحصل على أوراقها ودرجاتها الحقيقية، تحولت مذنبة يهينها مرتضي منصور، ويسخر منها تامر أمين، ويسألها المدرسون على سلم الوزارة، وعلى الهواء، اسئلة مفاجئة وصعبة، ومريم تجيب وسط هذا الصخب في جريها وراء أوراقها.

- هل قام أحد ممن سألوها، وأجابت، بسحبها إلى الكنترول كي تخرج لهم ورقتها الضائعة؟
- هل عاتب نادي الزمالك رئيسه لاعتدائه على طفلة مواطنة تبحث عن حقها؟
- هل عاتبت القناة الفضائية تامر أمين اللي قال عن مريم:" لو مش معترفين بنتيجة الكنترول ولا النيابة ولا الطب الشرعي يبقى سيبوا البلد "؟

ومريم وسط كل هذا تكمل مشوارها، تناشد الرئيس، تُسْتَكتب، ترد على أسئلة الاساتذة، تتنقس الأمل في كلمات من يشجعونها، تحبط في صمت وتستمر.. محاربة صغيرة، فالمحاربون الأشداء لا يفقدون الأمل ويستمرون وكأنهم لا يرون الصعوبات والعوائق. محامي مريم طلب من أستاذة الطب الشرعي الدكتورة منى الجوهري أن تفحص أوراق مريم وتقارنها بخط مريم، قامت بعملها وفسرت بناء على علمها في مجال تخصصها أن الورق المنسوب لمريم لا يتطابق مع خط مريم.

وائل الابراشي، في برنامجه ا"لعاشرة مساء"، استدعي الدكتورة منى الجارحي تليفونيا، حيث أقرت أن خط مريم مخالف لما جاء بهذه الأوراق، ثم استدعي الدكتور هشام غبد الحميد المتحدث باسم الطب الشرعي، د.منى شرحت باختصار العمليات التي قامت بها لتمييز الخطوط.
- د.هشام عمل إيه؟
- شكك في خبرة د.منى العملية، وبالتالي في قدرتها على التمييز بين الخطوط، د.هشام لم يناقش العمل نفسه، لكن شكك في قدرات الشخص.. وكما ذهبت أوراق مريم في طريق مجهول، يكون النيل من شخص د.منى هو مسعى للذهاب بتقريرها في نفس الطريق مجهول.

ما قام به د. هشام، يمثل في الواقع ظاهرة يعاني منها مجتمعتا كل يوم، فطول الوقت ناس كتير تتصرف بنفس الطريقة؛ لا تناقش الأعمال ولكن تكتفي بأن تشكك في الشخص، في نواياه، قدراته، أو أي شئ يتعلق بشخصه، وهنا لا يدور النقاش حول العمل، أو الرأي، أوالفكرأو الفكرة، لكن يدور حول الشخص ليضيق عليه الخناق، فبدلا من أن يدافع الشخص عن عمله، نجده يدافع عن شخصه، وهكذا يضيع الموضوع : ألية رخيصة لكسب المعارك أن نتربص بالشخص، وإن لزم نقتله كي يضيع الموضوع. في شخصنة المسائل لا نقتل الشخص والموضوع فقط لكننا نقتل الوطن أيضا، لان من سيتربعون على عرش الحقيقة الزائفة هم الإعلى صوتا والأكثر دهاءا والأقل أخلاصا وأنتاجا.

في صفر مريم، نحن لا نريد أن ننقذ فقط مريم، ولكن أن ننقد الوطن من دعاة الحقيقة الزائفة، من يمتصون نجاح مريم وخيرات الوطن لمصالحهم الخاصة. وسلاحهم دائما النيل من الأشخاص على حساب الموضوع














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس