الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء من هذا القبيل - وشوقي اليكم

محمد الرديني

2015 / 9 / 15
كتابات ساخرة


"
غبت عنكم وانفصلت عن العالم الخارجي طيلة ستة اسابيع.
كانت تلك اوامر الطبيب الذي يبدو انه من اصل عراقي.
قال لي:
سنبعدك عن الانترنت شهرين على الاقل لتزول اعراض صحية كثيرة واجهتها طيلة الفترة الاخيرة وقبل ان تسألني سأقول لك بوضوح ان ارتفاع ضغط الدم الى اعلى مستوياته جعلني اتساءل لماذا مازلت على قيد الحياة،هناك ارتفاع ضغط العين ولا اشك انك ترى الاشياء بوضوح،قلبك مايزال يدق بخفوت في بعض الاحيان واخاف ان يتوقف فجأة فقد تعب منك،لديك مستوى عال من الكآبة تحاول ان تخفيها عبر الغناء مرة والتأملات مرة اخرى.
لهذا ستكون ضيفا عزيزا في دار العناية الصحية حيث لا يوجد انترنت وتتخلص من كل الاخبار القاتلة.
في هذه الدار وجدت اكثر من 40 عجوزا وعجوزة لايقل عمر احدهم او احداهن عن 80 سنة وحاولت ان احتج وصحت بالطبيب،لا اريد ان امكث في دار العجزة آخر ايامي.
ابتسم الطبيب،ولم اعر لها اهتماما، وقال:
انها ليست دارا للعجزة فهذه التسمية القاسية لاتوجد الا بالعراق مع الاسف،سترى هناك عالما مختلفا جدا،انماط من البشر كل واحد منهم يعيش عالمه الخاص بعد ان كان يعيش صاخبا معربدا ايام شبابه،يريدون الان ان يعيشوا بسلام في ايامهم الاخيرة ،لاتجد احدا يتذمر مما هو عليه الان.
قبل ان يغادر طلبت منه ان يعيد لي "الآي باد" ففيه مجموعة من الكتب لم اقرأها بعد.
كان يومي الاول مشبعا بالقلق فلم استطع النوم ولم اتمكن من قراءة اي كتاب في محفظة "الآي باد" واكتفيت بمراقبة النزلاء.
في الصباح يتجمع جميع النزلاء في صالةا الجلوس بعضهم يشاهد التلفزيون وبعض النسوة يحيكن خيوطا من النسيج الازرق بينما هناك ثلاثة احنوا رقابهم على طرف اكتافهم وغطوا في نوم عميق.
في الايام اللاحقة لم اجد هؤلاء الثلاثة يقظين ابدا فما ان يطلبوا من الممرضة نقلهم الى صالة الجلوس حتى يسترخوا على الكراسي المريحة ويغادروا هذا العالم الى حيث النوم العميق.
لا اخفيكم اني حسدتهم على هذه النعمة،فانا وطوال 40 سنة كنت اكره مجىء الليل فهو يعني لي التقلب في الفراش يمنة ويسرة والتحديق بسقف الغرفة ساعات الى حين ينبلج اول خيط من خيوط الفجر.
في ايام الشباب سمعنا بكثير من الادباء عراقيين كانوا ام عربا وكنّا نغرف من ينبوع نجيب محفوظ ويوسف ادريس ومصطفى العقاد وقليلا من مصطفى محمود وعلي الوردي والرصافي والزهاوي وغيرهم ثقافة جادة تغمرنا باحساس الذي يخرج من حمام تركي بعد ان يقضي فيه ساعة الى الهواء الطلق.
كان بعضنا يهيم بالروايات الاجنبية ويتحدثون عنها كما لو كانوا قد عثروا على كنز سليمان وحين تسألهم عن آخر كتاب قرأته لاديب عراقي او عربي يجيبك:
اوهههههه، انهم مقلدون ولديهم انتفاخ الذات وكبرياء اجوف.
في تلك الايام برز اسم ابراهيم اصلان ككاتب قصة قصيرة وانتظرنا ان تصلنا كتبه لكنها لم تصل حتى نسينا الامر رغم ما قرأناه في الصحف في الصحف لنقّاد تعرضوا الى اعماله.
من حسن حظي وجدت من بين الكتب التي خزنًّتها في الآي باد كتابين للقاص ابراهيم اصلان واستهليت يومي الثاني من اقامتي في بيت التمريض بقراءة كتاب "شيء من هذا القبيل".
شعرت بالحزن وانا اكمل قرائته،حزن من صدم رأسه بجدار لم يره وهو يسير في زقاق ضيق.
الكتاب يضم مجموعة خواطر اعدت قرائتها اكثر من مرة لأصل الى قناعة بان طالب المرحلة الثانوية بالعراق يكتب افضل منها حين يطلب منه مدرس اللغة العربية ان يختار موضوعا للانشاء حسب رغبته.
كانت مجموعة خواطر لا تغني ولاتسمن من جوع ولا ادري لماذا اراد اصلان ان يوقع نفسه بهذا المطب رغم انه كان حريصا على حضور الحوارات الثقافية التي تجرى بحضور نجيب محفوظ وبعض الكتّاب الاخرين ،حتى انه قال ذات مرة ان العقاد اشاد به كقاص موهوب ووعده بان يكتب لوزير الاعلام بضرورة تفرغه لمدة عام ليكتب عددا من القصص والروايات.
كان كتاب ،شيء من هذا القبيل،صدمة لي لم استطع ان افيق منها الا حين قرأت روايته الاولى ،مالك الحزين،ولكني لم اعرف اني سأسقط مرة اخرى في دوامة التوهان.
لم ادع في يوم من الايام باني امارس النقد لأني ببساطة لااعرف قواعده ولااريد ان اعرف.
المهم اني شعرت بالالم وانا انهي قراءة"شيء من هذا لقبيل" واحسست بغصة لكون اصلان اراد ان يضحك علينا.
في رواية "مالك الحزين"شخصيات متناثرة في مقهى مصرية لايربطها اي رابط يحركها اصلان كما يحرك لاعب مبتدىء حجرات الشطرنج،ينتقل من زبون في المقهى دون سبب معقول الى آخر يبده سلة برتقال ليرمي عددا منها على الزبائن القريبين منه ثم يأكل واحدة او اثنتين بينما صاحب المقهى ينتظر قدوم احد المكفوفين ليقوده الى مقهاه،لماذا يفعل ذلك؟لا احد يدري.
لم اجد وسيلة انفّس فيها عن كربي سوى ان العن هذا النوع من الكتابات التي لا ادري كيف حصل اصلان من خلالها على الشهرة.
الذي ارجعني الى صوابي وهدأت نفسي من خلاله كتاب خالد حسيني"عداء الطائرات الورقية" التي توثق مرحلة الغزو السوفيتي لافغانستان،كانت رواية من اجمل ما قرأت ولها حديث آخر في مقام آخر.
الكاتب علي بدر ارجعني الى نهمي للقراءة بعد ا انهيت روايته"اساتذة الوهم"التي تصور مآسي الحرب العراقية الايرانية من خلال ثلاثة جنود يهيمون بالشعر والادمان على القراءة،كانت رواية بحق من اروع ماقرأت واعتقد انها لها ايضا حديث آخر هي وبحث"الجريمة،الفن،وقاموس بغداد" واعتقد ايضا انها تستحق القراءة من لدن شبابنا المولع بالثقافة الجادة.
لايدري دكتوري الطيب ان جميع المكتبات العامة تقدم خدمة الانترنت مجانا عدا بعض المطاعم المشهورة مثل " ماكدونالد" وكنت بارعا في التسلل الى هناك بعد ان اغريت موظف الاستقبال بباقة ورد بمناسبة عيد ميلاده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سلامتك
عدلي جندي ( 2015 / 9 / 15 - 07:38 )
أستاذ محمد
لعلكم تكونوا الآن بحال طيب
تحياتي


2 - مرحباً بعودتك
حسن الكوردي ( 2015 / 9 / 15 - 11:57 )
حمداً لله على سلامتك . تشجع هناك من هم بحاجتك وكتاباتك الجميلة والرائعة لاتدع الصوص والحرامية يشمتون . وكنتُ يومياً قبل كل شيء أنضر الى صفحتك حتى بدأت أقلق عليك جداً ولاكن كنت متأكد من عودتك ولايمنكنك أن تستسلم وحينما رأيتُ مقالك اليوم لاتعرف مدى فرحتي وسعادي . وأهلاً بعوتك .


3 - بعضهم لا يفهم قواعد النقد ويظن نفسه أكثر من العقاد
سامح ابراهيم حمادي ( 2015 / 9 / 15 - 12:56 )
سلامتك سيدي الفاضل محمد الرديني

أتمنى أن تكون بخير.
السخرية ، والنقد، يحتاجان إلى مهارات لغوية وقواعد علمية
بعضهم لا يعرف أسسها ومع ذلك يعتبر نفسه أكثر من العقاد ناقدا
وأكثر من أحمد رجب ساخرا
وأكثر من درويش شعرا

كنت أتابع مقالاتك اللاذعة ونقدك لبعض شؤون العراق بحماس، ثم غبت فجأة ،
عودة طيبة، وننتظر كتاباتك الساخرة القيّمة وأنت ترفل بالصحة والعافية


4 - سلامتك
محمد الشوربجي ( 2015 / 9 / 15 - 14:45 )
ننتظرك وعلى موعد معك لنسمع قصائد -الغزل والأطراء في حق سكنة المنطقه الخضراء-
سلامتك.


5 - اردت
د.قاسم الجلبي ( 2015 / 9 / 15 - 14:55 )
اخي الرديني, اردت ان اقول شىء ولكن الآخوان سبقوني, اكرر عوده مخلصه , متمنيا صحه جيده والعوده الى الكتابه ولكن بدون ضغوط وارهاق عصبي , ولكن بهدوء وتروي حفاظا على صحتك من الضغط الدموي العالي , الاسترخاء وتنويع اوقات الفراغ له منافع صحيه عديده , الآستماع الى الموسيقى والتجوال في ألاماكن الخضراء وممارسه رياضه سويديه خفيفه , والسباحه , كلها تعطي حيويه ونشاط جسمي ونفسي , اشو صارت محاظره طبيه ,, مع التقدير


6 - سلامتك استاذنا
علي احمد محمود ( 2015 / 9 / 15 - 15:12 )
الحمد لله على سلامتك


7 - اخي عدلي جندي
محمد الرديني ( 2015 / 9 / 16 - 00:00 )
شكرا لك ،بكم وبحبكم استطيع ان استمر فمازال شبابنا يكنون الحب كل الحب لهذا العراق وانا مازلت اكتب عن وطن سوف يضيع اسمه العراق
تحياتي


8 - اخي عدلي جندي
محمد الرديني ( 2015 / 9 / 16 - 00:00 )
شكرا لك ،بكم وبحبكم استطيع ان استمر فمازال شبابنا يكنون الحب كل الحب لهذا العراق وانا مازلت اكتب عن وطن سوف يضيع اسمه العراق
تحياتي


9 - اخي الغالي حسن الكوردي
محمد الرديني ( 2015 / 9 / 16 - 00:06 )
لايأتيك ولا ذرة شك باني سامنح الشامتين فرصة البهجة بصمتي فانا وراءهم حتى في قبري اللعين ،لاني لست وحدي فهناك ملايين الشرفاء الذين يريدون استرجاع عراقهم من يد المغول الجدد
شكرا لعواطفك فقد ازحت عن صدري حزنا كبيرا


10 - اخي سامح ابراهيم
محمد الرديني ( 2015 / 9 / 16 - 00:13 )
شكرا لعواطفك وصدقا لولاكم لما استطعت الاستمرار فالكاتب بدون قراءه مايسوى - بيزة
رغم ان عدد الكتاب الساخرين بالعراق قليل جدا قياسا بالدول العربية الاخرى ولكنهم اكثر حرارة في توصيل مايريدون واكثر اخلاصا لهذا العراق
اما البعض الذين يحاولون ان يدخلوا هذا الميدان فلامانع ابدا، ليدخلوا وسيكون القارىء هو الحكم حينها
فقارئنا يعرف بالسليقة الغث من السمين
لك الود والتقدير


11 - اخي محمد الشوربجي
محمد الرديني ( 2015 / 9 / 16 - 00:17 )


سأظل عزيزي محمد بهم حتى يطيح حظ .........خوية محمد لك كل الود والشكر


12 - اخي محمد الشوربجي
محمد الرديني ( 2015 / 9 / 16 - 00:17 )


سأظل عزيزي محمد بهم حتى يطيح حظ .........خوية محمد لك كل الود والشكر


13 - عزيزي د. قاسم الجلبي
محمد الرديني ( 2015 / 9 / 16 - 00:23 )
المهم ان هذه المحاضرة سرقت مني ابتسامة اول وهذا اول القطف
كل الرياضات عداوة معي ماعدا المشي
لااعرف السبب وربما تكون عدوى من ابن قريتي السياب
اتمنى لك السلامة والرياضة المباركة ،ليش لا يمكن نحصل انا وياك على الميدالية البرونزية بالمشي ابطيء
تحياتي حبوبي


14 - اخي علي الوردة
محمد الرديني ( 2015 / 9 / 16 - 00:24 )
شكرا لك ولك مني كل الحب والتقدير

اخر الافلام

.. انتظروا الموسم الرابع لمسابقة -فنى مبتكر- أكبر مسابقة في مصر


.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل




.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت


.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو




.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??