الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم حشر سوري عالمي!

طيب تيزيني

2015 / 9 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


جاء في الأخبار وعلى لسان مصدر أممي، أنه في نهاية هذا العام 2015 ستكون قد هاجرت من سوريا جموع أخرى جديدة من سكانها يصل عددها مليوناً جديداً. وحتى ذلك الحين، قد يحدث من الصراعات العسكرية الدموية ما يضيف إلى هذا من أحداث التدمير والتفكيك ما يتجاوز إتفايقة سايكس- بيكو الاستعمارية بأضعاف. وفي يوم تاريخ هذا الخبر، أضافة قناة " العربية"، بأن مدير وكالة الاستخبارات الأميركية «سي أي إيه» أعلن أن المفهوم الوطني في المنطقة العربية سيسقط، لصالح مفهوم طائفي أو عشائري أو ديني! وبالطبع، فإن المفهوم القومي (العربي) سيتعين عليه أن يتلاشى، مُفسحاً الطريق أمام تلك المفاهيم الأخيرة (الطائفي والعشائري والديني.. إلخ) ومن ثمّ، فإن تحولاً جذرياً وعميقاً سيجتاح الخريطة الديموغرافية التاريخية للعالم العربي بأنساقه الوطنية المتعددة. وحيث يكون الأمر كذلك، فإن واقعة هجرة السوريين من وطنهم السوري بعر إخلائه لغيرهم ستكون في مقدمة مثيلاتها، التي تنتهي مع انتهاء «إعادة التأسيس» للعالم العربي الجديد! وبحسب الثقل الديني الراهن كما التاريخي، فإنه قد يظهر أن الهوية الطائفية المتوترة قد تصبح هي المهيمنة على مثيلاتها الأخرى.


وها هنا، ستبرز دول «شيعية» وأخرى زيدية وثالثة سنية وغيرها علوية وإسماعيلية، مع احتمال بروز كيانات أخرى ذات هويات عرقية وغيرها مثل الآشورية على سبيل المثال لا الحصر.

وذلك كله يمثل ما يراد له، كما يظهر، أن يكون «شرقاً أوسط جديداً» ليس بعيداً عن مشاريع أخرى يُسوَّق لها في الغرب كما في الشرق. إن إيران التي تحدثت عن وضع يدها على ثلاث أو أربع عواصم عربية، في وقت ما سابق، وضعت فيه اعتبارها أن هذه العواصم - وهي دمشق وبغداد وصنعاء وبيروت- ستصبح أو -أو هي أصبحت- مدناً ملحقة بإيران الفارسية، المتقنعة بمذهب ديني هو المذهب الشيعي. إن هذا الأمر وغيره صارا مطروحين ضمن الخريطة الشرق أوسطية الجديدة، مما يشي بمخططات أخرى سابقة وراهنة ربما تكون ما زالت مطروحة على بساط البحث. وتضاف إلى ذلك الجهود التي تبذلها قوى غربية، في ضوء التحولات الكبرى التي يعيشها الغرب منذ بروز الخطاب العولمي مع نشأة العولمة الاقتصادية خصوصاً. فإذا كانت الجهود الأولى المذكورة آنفاً، التي واجهناها مرتبطة بمفاهيم تتصل بهويات دينية أو إثنية أو عرقية قديمة، فإن تحولات الغرب المذكورة في إطار العولمة أنتجت نمطاً آخر من الهويات الأكثر إثارة للقلق.

وفي ذلك المفصل الجديد الهائل في تأثيراته، يبرز «السوق» واقعاً اقتصادياً استهلاكياً، ومنهجاً فكرياً ثقافياً، بمثابته الركن الركين للمجتمع برمته.

فمع بروزه بهذه الصيغة، يُقصي كل ما دونه، بالاعتبار الوجودي والإنساني الماهوي. وها هنا، نجد أنفسنا، بكل امتلاء وجودي وأخلاقي وإنساني، أمام تعريف العولمة الذي وضعه باحث أميركي في كتاب «أميركا التوتاليتارية»، فهو يقوم على أن هذه إنما هي «السوق المطلقة». وهذه تقوم على عنصرين اثنين يجبّان كل شيء دونهما، وهما «المال والسلعة». ونحن هنا لا نرى أن المسألة المتصلة بالعالم العربي تخضع للتحليل العولمي، وإن كانت جزءاً لا ينفصل عن المادة التي تعمل السوق العولمية على سحقها. وهي مسألة مقترنة بهويات ترتد إلى الماضي ويُراد لها أن تصبح سيدة المفاهيم والعلاقات والضوابط في المجتمعات العربية الشرقية الإسلامية، وما دونهما في قاع السلم التاريخي الشرقي.

ومن هنا فإن الإعلان عن اكتمال خروج مليون من السوريين إلى أوروبا وغيرها حتى نهاية هذا العام من حقنا أن نقرأ فيه فصلين اثنين، واحد يتمثل في تقديم أنفسهم وتاريخ وجودهم للآخرين، وآخر للتبشير بالعودة إلى سوريا لإعادة بنائها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى