الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن هوية جديدة !

دعد دريد ثابت

2015 / 9 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


ظهور الأديان الأساسية الثلاثة في المنطقة المسماة بالعربية؛ اليهودية، المسيحية والإسلامية ومن دون غيرها من مناطق العالم الأخرى، وبهذا التركيز والكم من التغييرات المهمة،كانت له أسباب وعوامل عديدة. أهمها إن هذه المنطقة كانت منبع لحضارات أولى حضارية أثرت لقرون عديدة تلتها من تأثيرات على حضارات تبعتها وماترتب عنها من تطورات إيجابية أو سلبية في مختلف ميادين الحياة من علم ولغة وأدب وفن وفلسفة الى حروب وإقتتالات، دامت في كل مرحلة الى سنين طوال وأنتهت بإنتهاء وسحق ودك المرحلة والحضارة التي سبقتها وإرتقاء وولادة مرحلة وحضارة جديدتين. عوامل أخرى أثرت أيضاً لولادة هذه الأديان. منها العوامل الجغرافية من خصوبة الأراضي والتي تشكل طمعاً لشعوب تطمح في الإستقرار بعد بداوة وشظف قد عانوه. عامل مهم آخر ، هو سيكولوجية هذه الشعوب. فطبيعة ساكني هذه المناطق تمتاز بالقسوة وبالقبلية البدائية، وبالرغم من إختلاطهم الدائم مع شعوب أخرى بسبب الحروب والسبي لنساء القبائل المهزومة، تحاول هذه الشعوب بوهم تعتقده، بمهاجمة قبائل أخرى وفرض هيمنتها للحفاظ على جنسها . شأنهم شأن أي نوع من الحيوانات غير الناطقة. هذه الأسباب وغيرها أدت الى خلق فروق طبقية متفاوتة كثيراً، وسيطرة طبقة الحكام وكهنتهم على كل خيرات وموارد البلاد على حساب الشعوب التي إن لم يحمها نظام القبيلة، تشردت وعانت الفاقة والحرمان مما أدى الى خلق فوضى وهوس مجوني أشبه بعالم دانتي السفلي. فظهور الأديان إذاً كان لأسباب إقتصادية بحتة. أي لوهم حماية المظلومين والمنبوذين، الأقل شأناً والأكثر عوزاً. وكل ظاهرة لاتُخلق من عدم، وإنما هناك عوامل وجب توفرها وبأقصى الحدود. أي إن الظلم والفقر عليه أن يصل أعلى مراحله، ليكون مهداً لولادة أفكار ومعانٍ ومفاهيم جديدة ستنتشر بسرعة إنتشار الجراد في الهشيم، من دون أي صعوبة أو مانع، لحاجة هذه الشعوب الفاقدة لأبسط مقومات الحياة للإيمان من وجود من يحميها من هذا الظلم، وإن مايعانوه في هذه الحياة، سيكون له تكريما وثوابا على الاقل في الحياة الأخرى. إيمان هذا الفرد بإنه إن حارب ضد الظالم والمتسلط فهو لن يخسر شيئأ مادامت الجنة في إنتظاره وإن خسر حياته، التي لاثمن لها بكل الأحوال.
آخر هذه الأديان، الإسلام، قد حاول بالإضافة الى هذه القيم والغايات، التي لم تستطعها الأديان الأخرى في بداياتها على الأقل، توسيع رقعته. فالطموح وإن رُفعت راياته على أسس نبيلة كما يتراءى للأكثرية، لم يكن أكثر من مطامح إقتصادية وفرض نفوذ وهيمنة، ضد أهم الأمبراطوريات، وهما الفارسية والرومانية. وشعور العربي القادم من الجزيرة بعقدة النقص تجاه تلك الأمبراطوريتين، بقوتهما وجيوشهما وحضارتيهما وجمال شعبيهما، مقابل صحراء يسكنها بدو أعاريب لاأنهار ولا أراض تصلح للزراعة ولاحضارات تضيف اليه، ستجعله ينقرض محتماً إن بقي في مكانه أي في منطقة الجزيرة.
إذاً خُلق وهم آخر هو وهم الدولة الإسلامية. فهي وإن أنجزت وقدمت الكثير للبشرية فيما بعد، لتآلف وإمتزاج حضارات وأديان كثيرة. لم تكن كذلك دائماً بل على العكس. كانت كل منطقة دخلها المسلمون فرضوا ديانتهم بالقوة بطريقة أو ما. ولايفوتنا الحروب الداخلية والمؤامرات والإغتيالات، حتى الخلفاء لم ينجوا من الغدر بهم. وكما أنتهت وأندثرت مرحلة ماقبل هذه الأديان، أنتهى عصر الإسلام لوصوله الى عالم دانتي السفلي مرة أخرى، وتوج بمجازر مغولية وتتارية دامت قروناً، أتت بعدها مرحلة الأمبراطورية العثمانية، لتقسمها الى إمارات وولايات. حتى نهاية الحرب العالمية الأولى وسيطرة دول الحلفاء على تلك المنطقة.
أبتدأ مشروع آخر حديث في تخطيطه قديم في مغزاه. وهو تقسيم ووضع حدود وتسميات لدول ممزقة لايجمعها غير الضياع وفقدان الهوية. وسميت بدول عربية وأستمر هذا المشروع حتى بعد مغادرة المحتل من بريطاني وفرنسي هذه البلاد، طبعا بعد زرع كيان جديد وهو إسرائيل في وسط هذا الجسد.
بعد هذه المقدمة الطويلة، والتي هي بنظري ليست كذلك. إن مشروع توحيد هذه الشعوب تحت مسمى الدين الإسلامي قد فشل، وقد فشل أيضاً بتوحيده تحت المسمى القومي فشلاً ذريعاً أيضاً. فالمشروع الأول لم يكن عادلاً لوجود مذاهب وأديان أخرى، للمطامع الشخصية وللقبلية والولاء لها، البعيد عن العدل والتكافؤ.
أما المشروع الثاني فأسباب فشله، هو أيضاً لإختلاف القوميات وطبيعة شعوب هذه البلاد وتناثرها في قارتين مختلفتين مع تراكم الجهل والأنانية وعدم وجود أسس دينية معتدلة، مع سيطرة ديكتاتوريات لعقود طويلة وفشل الأحزاب المعارضة، أفقدتها مصداقيتها أمام شعوبها وجعلها تتوجه الى أحزاب دينية فاشية لاتختلف بمطامعها ودسائسها عن الديكتاتوريات التي سبقتها بل تزيد عنها، زادت شقة الفرقة بينهم كعرب أكثر مما جمعتهم.
حتى اللغة العربية لاتُستخدم الا من طبقة معينة، ولا يتحدث بها العامة ولا تراها الا في الكتب والجرائد، والتي قل إستخدامها لإنخفاض الوعي والمستوى التعليمي وإستخدام العالم الإلكتروني. بالمقابل فرض هذه اللغة وبالقوة على الأقوام غير العربية التي تعيش معهم، وعدم محاولتهم حتى تعلم لغة هذه الأقوام، كل هذه الأسباب، أوصلتني الى الحتمية التي سنصل لها، وهي إننا شعوب آيلة للإحتضار والإنقراض.
إحتضار حضاري، إجتماعي، لغوي وأخلاقي. حتى إننا أفلسنا دينياً عقائدياً وقومياً خصوصا بعد أن أنكشفت مؤامرات حكام آل سعود ودول الخليج بتغذيتهم وضخ المال والأسلحة لكل الحركات المتطرفة الشوفينية من الوهابية الى القاعدة وإنتهاء بداعش. ووقوفها موقف فاضح ومتفرج حيال المجازر والتفكيك والتقسيم الذي يتم بالبلاد، تحت ذريعة الخوف من المد الإيراني وهو أيضا صحيح. لكن أن تصب النفط المهدور مثل دم أبنائه المهدور هو الاخر ، على النار وهي دولة الإسلام القيادية، فهذا أكبر دليل على كذب وإحتضار المشروعين الإسلامي والعربي.
فالخوف هو أقدم مظاهر العقل الواعي، وللتغلب والسيطرة عليه أوجد وعي الإنسان المتطور، وجوداً أعلى يخفف عنه خوفه ووحدته، وتعليل مالا يستطيع عقله المحدود تعليله ويحدد له معاصيه وذنوبه. ولكن الذي حدث، إن الأديان التي أوجدت للسيطرة على الخوف أضحت هي الخوف نفسه، لأنها ولدت في زمن معين وتحت ظروف تختلف تماما ولاتناسب ظروف وقواعد الزمن الراهن ومتطلباته.
هذا كله يؤدي الى البرهان إن مصير مايسمى بالشعوب العربية سيكون الإنقراض وهو محتوم بذلك إن شئنا أم أبينا. فقد وصلنا الى حضيض الدرك وعالم أكثر سفلياً من عالم دانتي. وماسيتبقى منا سيكون شراذم متفرقة هنا وهناك في أمصار العالم وأقاصيه. فكما أبتدأنا سننتهي. قبائل رعوية بين الكر والفر وفي أحسن الأحوال مدجنين لتحسين وزيادة النسل الغربي المنقرض وأيادي عاملة تضمن ديمومة مجتمعات كان مصيرها سيكون الإنقراض أيضا لأسباب عكسية تماما لأسباب إنقراض شعوب الشرق الهمجية. الا إذا وهذا أمل صغير جداً، كمحاولة أن تضئ ظلام نفق طويل مظلم بشمعة. أن نجد مبدأ آخر يجمع أشلاءنا الممزقة، يحترم فيه كل فرد بغض النظر عن ماهيته، لونه، إسمه وعقيدته أو عدمها، عن هوية إنسانية مشتركة نسمو بها الى عوالم جديدة من سعة الأفق، من حب المعرفة وعدم القبول ببديهيات المعتقدات والأديان، بل التشكيك بكل يقين لإطلاق العقل من محاجره الوثنية المنقرضة، وعندها فقط ستجمعنا هوية المعرفة الحضارية لا هوية دينية ولاعرقية، ولن يكون مصيرنا كمصير الديناصورات أو ماتبقى من هياكلها في متاحف العالم المتحضر!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور وبانين ستارز.. أسئلة الجمهور المحرجة وأجوبة جريئة وصدمة


.. ما العقبات التي تقف في طريق الطائرات المروحية في ظل الظروف ا




.. شخصيات رفيعة كانت على متن مروحية الرئيس الإيراني


.. كتائب القسام تستهدف دبابتين إسرائيليتين بقذائف -الياسين 105-




.. جوامع إيران تصدح بالدعاء للرئيس الإيراني والوفد المرافق له