الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا بد للجنون أن ينتصر

محمد شرينة

2015 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


العقلانية الشديدة ليست حالة مثالية للبشر وما أقصده بالجنون هو تحديدا اللاعقلانية؛ بالأحرى غياب الشكل المتطرف للعقلانية
(لا بد للجنون ان ينتصر)
الجنون ليس إلا العيش في حالة متخيلة غير واقعية والإيمان بالتالي جنون، هذا ليس مدحا ولا ذما،
هذا يقود إلى بشرى ربما غير سارة لي ولمن ظن مثلي أن عالم الجنون سينتهي .
نعيش في العالم الذي نتصوره اكثر بكثير مما نعيش في العالم الواقعي. والجنون اللاعقلانية الوسيلة الوحيدة لنعيش العالم الذي نريده، نتخيله، لا الذي وجدنا انفسنا مرغمين فيه.
في النهاية، رغم أني قضيت معظم عمري أؤمن بالعكس، لا أجد مفرا من الاعتراف ان الجنون اللاعقلانية كما حصل دائما، سيتغلب؛ لان البشر الذين يكرهون الموت يكرهون اكثر منه ان يصيروا آلات منطقية باهتة مملة.
هم كذلك ليس لأن لديهم أرواحا بل لأن عقولهم قادرة على تصورات لا محدودة تتفوق كثيرا على كل الإمكانيات العقلانية التي يزودهم بها عالمهم المادي؛ ان لديهم عقول متطورة اكثر بكثير مما يحتاجه ويسمح بتحقيقه عالمهم المادي.
وصل العقل البشري في تطوره مرحلة النار ان طوقتها خبت واذا اطلقتها احرقت.
اما سخافة الوسطية فهي ذلك المخلوق الذي ليس بذكر ولا هو أنثى، من ذلك الذي يريد هكذا شيء، الطبيعية لا تحتاجه ولا تسمح به؛ هي تنزع لإظهار الأشياء عارية باكثر صورها أصالة وتطرفا.
اذا لم تخمد النار فمهما حميتها فانها لا بد من ان تفلت كما يحصل في اكثر المفاعلات النووية تحصينا، وانفلاتة واحدة كما تكرر خلال كل التاريخ ستكون كافية لان تحرق كل رتابة ونمطية ومنطقية العالم لقرون طويلة.
هذا ليس بالضرورة سيء حتى لو وافقنا جدلا على انه إبقاء للبشر في حالة قريبة للحيوانية فالبديل هو بشر آليين.
أما الوسطية فلا معنى لها الا العدم فالعناصر الكيماوية القلقة المتطرفة لا العناصر المستقرة الوسطية هي محرك الكون.
يقال ان الغرب تقدم بعدما عاد إلى العقلانية المادية اليونانية الرومانية؛ لكنه لم يكن ليصمد ويبقى موجودا لمدة عشرة قرون امام الضغط الاسلامي المتفوق لولا العقيدة اللاعقلانية المسيحية كما ان الحضارة الغربية الحديثة مسيحية بقدر ما هي اغريقية رومانية ان لم يكن اكثر.
اما كيف استطاع الغرب الحديث الجمع بين النقيضين والذي هو سر نجاحه؛ الجواب سهل: لانه مزيج متفجر بكل معنى الكلمة والحربين العالميتين دليل واضح على ذلك، فهل فقد الغرب ميزته الانفجارية بعد الحرب العالمية الثانية لا أعرف ولكن يوم يفقدها تكون نهايته قريبة بطريقة او أخرى.
احتجت للعيش في الغرب مدد متقطعة وطويلة وليس للقراءة عنه لادرك انهم يفكرون بشكل مختلف كليا عنا، فالغربي الملحد غير مهتم ولا حتى متحمس لان يصبح الناس ملحدين؛ انهم يدركون المكاسب والخسائر الناتجة عن كل من الحالتين ويعون ان العقلانية العالية التي يفرضها عدم الإيمان غياب القدرة على التفكير الجامح واللاعقلاني او العجز عن الجنون لها خسائرها التي لا مفر منها ولكنهم ملحدين؛ في غالبيتهم؛ لانهم عقلانيين وهم لا يمكن ان يكونوا الا كذلك بحسب طبيعة الأشياء فالرجل الكهل لا يمكنه ان يفكر ويتصرف كشاب او مراهق حتى لو اراد ذلك وبالتالي هو لا يمكنه ان يعود شابا ولكنه لا يكره ذلك، بينما المراهق الذي ايضا لا يستطيع التفكير والتصرف ككهل يكره في لغالب ان يكون كهلا.
أخيرا من المهم معرفة ان من ميزات اللاعقلاني المهمة انه يمكنه ان يكون عقلاني في حالات كثيرة وفقا لرغبته ولكن العقلاني الكامل او شبه الكامل لا يمكنه ان يكون مجنونا لاعقلانيا بالمرة.
وكنتيجة من المهم جدا للعقلانيين وانا ازعم اني منهم ان لا يبالغوا في توقعاتهم بعالم عقلاني وان يدركوا بحكمة نقاط ضعفهم ونقاط قوة الاخرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة