الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العودة الى الذات

مشتاق جباري
كاتب

2015 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


انعكست الانقسامات السياسية بشكل سلبي على عمل الاعلام العراقي بعد اكثر من عقد على سقوط النظام الدكتاتوري في هذا البلد ,حيث يفترض ان تؤجل كل الخلافات وتتوحد الصفوف خلال الازمات الكبرى التي تهدد وجود الدولة العراقية ,الا اننا شهدنا عكس ذلك تمامآ ,وهذا يدل على انقسام سياسي خطير وصلت تأثيراته السلبية الى الاعلام الذي بقي تحت هيمنة خارجية او داخلية او تسيطرعليه ادارات فاشلة وفاسدة وبألتاكيد فأن هذا الامرلن يساهم في تقدم النظام الديموقراطي المرتبك في العراق ومن الثابت ان الانظمة الديموقراطية الناجحة تستند على اعلام حر نزيه يراقب ويعمل على تشخيص مكامن الخلل بشرط ان يكون هذا الاعلام حياديآ ومتوازنآ ومهنيآ في بحثه ونقله للحقيقة وفي مشاركته الفاعلة في بناء الدولة, ورغم ان الكثير من المراقبين للاعلام العراقي لايرون ان هناك اعلام حر ووسطي وغير مؤدلج في العراق يرى البعض الاخر ان هناك اعلام حر ومهني ,وبعد سقوط الموصل ومحافظات اخرى بيد التنظيمات التكفيرية حدثت متغيرات عسكرية وسياسية واقتصادية كبيرة كان لابد ان ترافقها متغيرات اعلامية تتناسب وحجم الحدث الا ان ذلك لم يحدث ,فقد رافق عمل المؤسسات الاعلامية العراقية الكثيرمن الاخطاء التي لو اردنا ان نخوض في تفاصيلها الدقيقة وتركنا مؤقتآ الحديث عن اسبابها الرئيسية لأشرنا الى الكثير ولنأخذ مثلا من تلك التفاصيل المهنية حالة عدم الدقة في نقل الخبر التي رافقت عمل الكثير من مؤسساتنا الاعلامية حيث اتسمت الاخبار المتداولة بألمبالغة وعدم الوضوح وذلك بسبب عدم الوعي بحجم الاخطاء التي تقع فيها مؤسساتنا الاعلامية وبشكل متكرر ومن هذه الاخطاء عدم المعرفة بكيفية خوض المواجهة الاعلامية بشكل صحيح حيث يعتقد الكثير من الاعلاميين ان تضخيم عدد قتلى العدو مثلآ خلال نشرة الاخبار يؤثر سلبآ على معنويات العدو, وهذا اعتقاد خاطيء ويدل على عدم الخبرة والجهل بأساليب التأثيرالاعلامي, ومن الملاحظات الاخرى المهمة هو اعتماد وسائلنا الاعلامية على نوع من الكلاسيكية المملة في طرحها الاعلامي دون البحث عن الاليات المناسبة لتطوير المستوى الفني وكذلك المستوى المهني للكوادر الاعلامية ودون تبني خطاب اعلامي ناجح ,ونتيجة لهذا الجمود تضخم دور الاعلام الاخر الذي يعمد الى التشويش على الحقائق حيث استطاع يؤثر في القواعد الجماهيرية عبر ما يقدمه من برامج مليئة بعوامل الجذب والتشويق واصبح هو البديل السلبي للفراغ الذي احدثه تراجع للأعلام العراقي , وقد فقد اغلب العراقيين الثقة بوسائل الاعلام المحلية واصبح الفرد العراقي يجد في وسائل الاعلام العربية اوالعالمية ضالته المنشودة,ومع الفتوى التي اطلقها اية الله السيستاني والتي غيرت معادلة الصراع العسكري في العراق كانت حالة من الهلع والخوف تسيطرعلى الشارع العراقي المحمل بكم من الذكريات المؤلمة من مشاهد القتل والذبح والتفخيخ وقد اشتدت حينها المواجهة العسكرية مع التنظيمات التكفيرية ووجد الاعلام العراقي نفسه محاصرآ بأزماته الكثيرة ولايمتلك القابلية على التأثير في تلك الحرب المصيرية لأفتقاده للكثير من عوامل النجاح خصوصآ وان التنظيمات التكفيرية استخدمت الحرب الاعلامية بشكل ناجح وقد استخدمت احدث اساليب التصوير والانتاج السينمائي واعتمدت على خبراء في هذا المجال ,ورغم ان الكثير من وسائل الاعلام العراقية نجحت بنسبة ما في الترويج لفتوى السيستاني بشكل ايجابي ومؤثر الا ان الحماس الكبيرالذي رافق عمل وسائل الاعلام هذه كان مؤقتآ واختفى تدريجيآ لتعود مجددآ حالة الخمول وعدم الفاعلية وكان الامر مجرد ردة فعل عاطفية سرعان ما انتهت وليست تأسيسآ جديدآ لأعلام مبني على رؤى واستراتيجيات فعالة راسخة الجذور, ومن الملاحظ ان الاعلام لدينا لايتمتع بتمويل مالي ممتاز ولايدار من قبل متخصصين في المجال الاعلامي على عكس الاعلام الذي تقف خلفه اجندة مشبوهة حيث يتمتع هذا الاعلام بأستقرار مالي واداري وقد استقطب افضل الكفاءات واكثرها ابداعآ ومقدرة على العطاء والتميز, ان عدم الالتزام بألمعايير المهنية والحرفية في العمل الاعلامي وعدم العمل على تطوير الكوادر الاعلامية لدينا جعلنا نشاهد كمآ من المراسلين الغير قادرين على نقل المشهد بدقة وحرفية ,بل وان بعض المراسلين غير قادر على صياغة الفكرة او الحدث الذي يريد ايصاله للمتلقي او القاريء بشكل لغوي صحيح والامر ينطبق على الكثير من مقدمي البرامج الذين يفتقد العديد منهم الى الثقافة التي تؤهله للعمل بهذا الجانب المهم, ولذلك فأن هناك ضرورة قصوى لأعادة النضر بألبنية الاساسية للأعلام العراقي وبلا تأخير,وان ممارسة النقد التأسيسي للنهوض بمستوى الاعلام وجعله قادرآ على التميز امر لابد منه ,ومن المهم جدآ الالتفات الى ان المحسوبية والحزبية وغيرها من الامور والتفاصيل الاخرى ساهمت بشكل كبيرفي فشل الاعلام العراقي وانتجت مافيات فساد كبرى نخرت جسد الاعلام واستحوذت على كل شيء فيه ,وربما لو خضنا في التفاصيل اكثر لجاز لنا القول اننا نفتقد على سبيل المثال لقناة فضائية واحدة تكون بمستوى قناة الميادين الفضائية ومواقعها الالكترونية التي تجاوزت بخبرتها ومهنيتها ومدى تأثيرها العديد من وسائل الاعلام الكبيرة وفي فترة زمنية ليست بألطويلة ,واصبحت نتيجة اجتهادها هذا من اهم المؤسسات الاعلامية في العالم العربي ,وبألتاكيد ان وجهة النضر هذه لاتعني عدم وجود شيء ايجابي في مسيرة اعلامنا بل بألعكس هناك الكثير من المحطات المضيئة والايجابية واهمها عرس الشهادة الذي رافق مسيرة هذا الاعلام التي امتلأت بألدم والدموع , ولكن في المحصلة النهائية نحن بحاجة ماسة الى تظافر الجهود لاحداث التغيير المناسب .واعلامنا بحاجة الى ان يعود الى الذات الاعلامية الحقيقية ويبتعد عن كل ما يمكن ان يبعده عن هذه الذات ..














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح