الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلطة والخلود في البلاد العربية!!!

ساكري البشير

2015 / 9 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


الخلود كلمة يُقصد بها إستمرار حياة الإنسان يوم القيامة، بعد الحساب إمّا في الجنة أو في النار؛ أما بالنسبة لغير المسلمين فالخلود عندهم يختلف بإختلاف الملل والفلسفات، ففي الفلسفة والديانة الغربيتين يُسمى هذا الجزء اللاجسدي الروح أو النفس، ويُعدُّ مصدرا لفكرة الإنسان وإرادته.
وفي المعاجم العربية نجد أن "خُلُود النَّفس" : يعني بقاؤها بعد فناء البدن مع الاحتفاظ بخصائصها ومميزاتها الفرديّة، و " خَلَدَ" :تعني دام وبَقِيَ، و "خَلَدَ بِالْمَكَانِ" : تعني أَقَامَ فِيهِ وَدَامَ وَاسْتَقَرَّ طَوِيلاً.
معنى خلد في لسان العرب الخُلْد دوام البقاء في دار لا يخرج منها خَلَدَ يَخْلُدُ خُلْداً وخُلوداً بقي وأَقام ودار الخُلْد الآخرة لبقاءِ أَهلها فيها وخَلَّده الله وأَخْلَده تخليداً وقد أَخْلَد الله أَهلَ دار الخُلْد فيها وخَلَّدهم وأَهل الجنة خالدون مُخَلَّدون آخر الأَبد وأَخلد الله أَهل الجنة إِخلاداً وقوله تعالى أَيحسب أَنَّ ماله أَخلده أَي يعمل عمل من لا يظن مع يساره أَنه يموت.
هكذا نفهم بأن الخلود هو طلب البقاء في الدنيا أو الآخرة، ولكن سنقتصر على الذي يستحيل أن يخلد فيه فرد مع إصرار ذلك الفرد على تحقيقه، وبالتالي وجب ربط هذا المصطلح مع السلطة ليعكس لنا حال واقعنا العربي والإسلامي، وكيفية عمل المجال السلطوي أو الدولاتي في بلادنا، وبالتالي نجد أن السُلطة في المعاجم العربية تعني : التَّسَلُّطُ والسيطَرَةُ والتحكُّمُ أي بمعنى التسلُّط وسيطرة وتحكّم ، سيادة وحُكْم، والسُّلطة الزَّمنيَّة هي المتعلّقة بالأمور الدُّنيويَّة -حكومة أو مسئولون في الدَّولة ، قوّة سياسيّة يخضع لها المواطن – والسُّلطة الرُّوحيّة : هي المتمثلة في رجال الدِّين.
وبإختصار نجد أن مفهوم السلطة في المعاجم اللغوية حسب مراد كلاطي يدل على الملك والقدرة، وفي المعاجم الفلسفية على عدة معاني يؤخذ البعض منها على أنها ذات طابع سياسي، اجتماعي، اقتصادي، وذلك النفوذ المعترف به كليا لفرد أو لتنظيم يحاول في الأخير تقديم خدمات معينة. ولقد حمل مفهوم السلطة عبر العصور، الكثير من المخلفات الميتافيزيقية، وحتى اللاهوتية، وبقي هذا التصور هو السائد والمسيطر. الأمر الذي جعل فيما بعد الفكر السياسي، المحتكر الوحيد للحديث عن السلطة. إذ غالبا ما تعرف السلطة بأنها سلطة الدولة، أو السلطة السياسية، أو أنها عبارة عن مؤسسات، وأنظمة وأجهزة، يخضع المواطنين أو الرعايا لقوانينها داخل حدود دولة ما، لذلك فالسلطة تشكل نظاما من السيطرة والهيمنة، التي تمارسها فئة ما على فئة أخرى، متخذة بذلك صورا متعددة منها : صورة العنف تارة، والتشريعات والقوانين تارة أخرى.
وعلى هذا الأساس تتمظهر السلطة كأداة قمعية، أداة إيديولوجية، إنها ظاهرة في الأخير ترينا الوجه الأبيض في الواجهة، وحين نقترب منها تتبدل ألوانها، وتومئ حلكة الليل لحلكة ليل آخر، وخاصة حينما يظهر لنا أن القول بالسلطة هو قول يقْبر في طياته الاستبداد، أو أن تكون السلطة دلالة على الاستبداد.
وفي تحديد العلاقة بين المصلحين نجد بأن أنه يعطينا معنى جديد، والذي نعني به "البقاء في السلطة عن طريق القمع"، والواقع يعكس أكثر من ذلك بكثير من هذا، لأن الخطأ لا يقع على عاتق الحكومة أو الحاكم بل على المحكومين، نظرا لما تحمله سيكولوجية كل فرد على حدى أو السيكولوجية الجماعية للشعوب العربية، فتأليه الحكام ليس ولي اليوم، حتى في الشعر الأموي والعباسي نلحظ مدحهم للحكام وتأليههم، هذا السلوك ظل راسخا ليس عن قناعة ولكن بالقمع، فالحجاج بن يوسف الثقفي لما تسلم مقاييد السلطة قال في أول خطاباته :" إني رأيت رؤوسا قد أينعت وقد حان قطافها" ، هذه المقولة تبرهن كم كان القمع ولا يزال سمة أساسية في أي نظام حكم حتى بعد الخلافة العثمانية وولادة النظم القومية، وبالتالي نجد الحاكم العربي عندما يتسلم مقاليد السلطة يشرع مهرولا في تغيير الدستور الذي لا يخدم الشعوب بقدر ما يخدم مصالحهم الشخصية ، وكأن هذه الدول هي ملكية شخص، لا مسؤولية أمة بكاملها.
إذا كانت السطلة بهذا الشكل فلا بد للخلود أن يكون الصفة الثانية التي يتسم بها الحكام العرب، وقد رأينا كم كانت أيام سوداء يوم فقد العرب الرئيس المصري جمال عبد النار، تخرج الشعوب وتهتف بخسارتها لهذا القومي، حتى ظننا بأن روحه لن تفارق الدنيا وسيبقى بين أرجاء شوارع القاهرة يحرسها من ظلمة الفقر والعدوان.
الخلود الأبدي للبقاء في السطلة، لا يترك مجالا أو متنفسا لجيل صاعد يطمح إلى بناء دولة قوية البنية، ولا يترك حرية قد غابت عنا منذ زمن الخليفة والروح الطاهرة عثمان رضي الله عنه وأرضاه، ولا يترك لنا حتى الإنسانية التي إفتقدناها ، وظللنا تحت رحمة القمع.
الخلود السلطة لم تنتج سوى العبودية في بلاد كانت تنعم بالحرية، أو هي منشأة الحرية.
الخلود والسطلة شريكين في قتل العرب.
الخلود والسلطة هما العبودية والقتل بما تصفه هاتان الكلمتان من معنى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار