الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسؤولون مزدوجو الجنسية.. بلاؤنا الذي ينخر في اجسادنا

صادق الازرقي

2015 / 9 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لو كان الامر متعلقا بالإنسان الاعتيادي الذي يطمح الى حياة مسالمة رخية تليق بإنسانيته، لقلنا ان من حقه ان يكتسب ما شاء من جنسيات الدول؛ غير ان القضية تتعلق بأشخاص سوقوا انفسهم للعمل السياسي وتبوأ كثير منهم مناصب في السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وكان عليهم ان يتخلوا عن جنسياتهم المكتسبة بحسب الدستور والمنطق، وبصرف النظر عن ذلك فانهم غير مجبرين على التنافس على المناصب في الدولة والحكومة، ولكن بما ان الامر جرى كذلك، يكون لزاما عليهم ان يتخلوا عن جنسياتهم الاخرى غير العراقية بحسب القوانين التي وضعوها هم وليس غيرهم.
اما وان الامر يعني ان خدمة فقراء العراق ومعوزيه وشعبه لا يعني شيئا في اهتمامات اولئك المسؤولين بسبب ولائهم المزدوج الذي دفع اكثريتهم الى محاولة استغفال الناس والاستيلاء على أموال البلد لأن بلدهم الآخر "الذي هو في الواقع بلدهم الأول" يؤمن لهم الأماكن المطلوبة للتصرف بالمال المسروق وتأمينه لهم؛ فان ذلك مكمن البلوى.
الغريب ان كثيرا من مزدوجي الجنسية من المسؤولين العراقيين الذين يتركون عائلاتهم وابنائهم في دولهم تلك ينتقدون الشباب على هجرتهم بعد ان أخفقوا في توفير الحياة الكريمة لهم، وذلك امر لا يهم هؤلاء المسؤولون لأن بقاءهم في العراق مؤقت وان ولاءهم هو لبلدانهم الاخرى الاصلية بالنسبة اليهم حقاً، والاكثر غرابة في الموضوع ان كثيرا من مزدوجي الجنسية هؤلاء هم من المتدينين الاسلاميين فتجد معمما دنماركيا وآخر ايرلنديا و وربما غيره بوركينا فاسوياً! وعندما تستمع الى أحاديثهم التي يبرعون فيها بسبب دراستهم للفقه وغيره من العلوم الاسلامية ترى انهم يحلو لهم ان يصنفوا الدول التي اخذوا جنسياتها وحقوق ابنائها على انها بلاد الكفر؛ ولا يخجلون عندما يقولون ان الاسلام يدعو الناس الى عدم العيش في بلاد الكفر و انه يدعو المؤمنين الى تركها واللجوء الى البلاد الاسلامية، في حين انهم يتسابقون اليها ويحجزون لأبنائهم أماكن فيها، فكيف يحدث ذلك؟!!
بعض السياسيين جاء الى العراق بعد سقوط النظام المباد كي يحوز على اموال الناس ليسرقها في رابعة النهار مطمئنا الى ان سرقاته تلك ستكون مضمونة لأن الدول القوية التي يحمل جنسياتها ستدافع عنه حتما ولن تتركه في السجن في حال كشفت تلك السرقات؛ وحصل هذا في اكثر من مرة كما في حالة وزراء سابقين للكهرباء والتجارة وغيرهم من المسؤولين مزدوجي الجنسية.
لقد حاول مزدوجو الجنسية السياسيون هؤلاء اللعب على وترين مستغلين الحالة المزرية التي عاشها العراقيون في ظل النظام الدكتاتوري المباد وتوقهم للخلاص بأي ثمن؛ فلقد حاولوا من جهة ان يسوقوا انفسهم بصفتهم الطائفية؛ لأنهم حسبوا اتجاهات الوضع المستجد بعد عام 2003 ولكي يؤثروا في الناخبين ليصوتوا لهم، ومن الجهة الاخرى استثمروا امثل استثمار تواجدهم في المؤسسات الجديدة كي يكون هدفهم الاوحد جني المال وارساله الى حساباتهم في الدول التي يحملون جنسياتها، لأنهم رأوا ان ذلك يشكل الضمانة بسبب حالة الاستقرار التي تعيشها تلك المجتمعات؛ فاهملوا شوارع بغداد ومحافظات العراق وتركوها نهباً للظلام وفي الوقت الذي كانوا يتمتعون في سفراتهم بمرأى شوارع المدن المضاءة النظيفة تركوا مدن العراق مرتعاً للقمامة، لأنها ليست مدنهم، وعمل فسادهم واهمالهم على ادامة موت الناس في تفجيرات لانهائية، وغير ذلك من الكوارث التي لم يزل يمارسها ويتسبب فيها مزدوجو الجنسية.
خلاصة القول ان ازدواج الجنسية لدى معظم السياسيين والمسؤولين "العراقيين" كان احد الاسباب الرئيسة وراء هذا الانهيار المخزي للعراق والتفريط بارضه واستباحته؛ لأن العراقيين غير مدرجين في حسابات كثير من السياسيين مزدوجي الجنسية، بل ان كثيراً منهم يجاهرون في مجالسهم الخاصة بالقول انهم يحنون الى بلدانهم الاوروبية وغيرها اكثر من شوقهم الى العراق، وهم محقون في ذلك بعد ان حولوا مدن العراق الى جحيم لا يطاق العيش فيها، وان عليهم اذا ارادوا تحسين احوالها، التخلي عن جنسياتهم الاخرى وتذوق الجحيم مثلما يذوقه العراقيون جميعا الذين يكتوون بنار فشل السياسيين؛ وعندها قد يُشفع لهم والا فان الحل الآخر يتمثل في النأي بأنفسهم عن العمل السياسي و عدم التطلع الى المناصب العليا، ولهم في تلك الحالة ان يحتفظوا بجنسياتهم غير العراقية فلا احد يلومهم عندئذ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط