الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أثر التظاهرات في المجتمع العراقي

زيد كامل الكوار

2015 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


أثبتت التظاهرات التي عمت أغلب مدن العراق في الشهر الماضي أن الشعب العراقي قد غادر السلبية اليائسة التي كانت تسم بعض فئاته لفترة طويلة من الزمن نتيجة العسف والاضطهاد القاسيين على مدى تأريخه الحديث منذ مطلع السبعينات من القرن المنصرم ، فقد كان العراق على عهد حكومة البعث الفاشية المظلم دولة بوليسية مقفلة لا تمتلك أدنى مقومات الحرية المدنية والعدالة الاجتماعية ، فحقوق الإنسان فيها منتهكة مغتصبة يندى جبين الإنسانية لمجرد تذكر تلك الحقبة المظلمة من تاريخ العراق الحديث .
وما أن حدث التغيير في عام ألفين وثلاثة ، حتى استبشر المواطنون خيرا وانفتحت في مخيلتهم كوة أمل جعلتهم يحلمون بمستقبل مشرق يغادرون فيه مرحلة الاضطهاد المادي والفكري الذي سحق روح الإنسان العراقي وجعله جسدا خاويا من الروح الوثابة المتطلعة إلى أفق الحرية الرحب ، بسبب القسوة والاستبداد والظلم وغياب العدالة الاجتماعية وحرية التعبير وعسكرة المجتمع التي أنست العراقيين الحياة المدنية والسلم والطموح .
ولكن سخرية القدر شاءت أن تري العراقيين واقعا مريرا من الإرهاب والفساد والظلم ونقص في الخدمات لم يشهد العراق فترة انحدار وتدن في الأداء الحكومي مثله في تاريخه الحديث ، ما أثر سلبا على الواقع الاجتماعي العراقي نتيجة البطالة المتفشية وسوء الخدمات على مستوى القطاعات الحكومية كافة ، وإذا ما علمنا أن نسبة المواطنين العراقيين الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر في العراق قد بلغت قرابة ثلث نفوس العراق فهذا قد أشر مؤشرا سياسيا واجتماعيا خطرا وجديدا فالمبالغ الفلكية التي صرفت على ملفات إعادة الاعمار قد تجاوزت حدود المعقول في أرقامها العالية والكارثة الأنكى والأشد أن العراقيين التزموا السكوت والانتظار ريثما تعود الأمور إلى نصابها السليم والصحيح ، ظنا منهم أن الكابينة الحكومية سيأتي عليها يوم تجد فيه الحل السليم والفعال لعلاج حالة التدني والتردي في الأداء الحكومي ، ولكن ما زاد الطين بللا والقشة التي قصمت ظهر بعير صبر العراقيين هو التدهور المستمر في واقع تجهيز خدمة الكهرباء للمواطن العراقي ، في أيام شديدة الحرارة حرقت وجوه العراقيين المحرومين من أبسط الحقوق ، وحرقت معها كذلك أوراق الحكومة التي لم تعد قادرة على الترقيع فلم تجد الحلول الترقيعية شيئا مع الواقع الفعلي المتردي . فما كان من العراقيين إلا أن انتفضوا بثورة حضارية احتجاجية سلمية عارمة، لم تكن كالثورات الدموية التي عهدها العراق والمنطقة برمتها ، ومن نافلة القول أن نذكر للتأريخ منقبة لحكومة العبادي التي شجعت على التظاهر بإظهارها شيئا من المرونة اتجاه الاحتجاجات التي كانت تخرج إلى الشارع العراقي من قبل موظفي وعمال شركات التمويل الذاتي في وزارة الصناعة ، فلم نر من القوات الأمنية ما تعودنا أن نراه من خشونة المعاملة أو القسوة والجفاء التي عهدنا من الأجهزة الأمنية القمعية بسب التوجيهات التي شدد فيها رئيس الحكومة على احترام المتظاهرين المحتجين السلميين ، وعدم التعرض إليهم الأمر الذي شجع الشعب العراقي الذي كان يقلق كل القلق من التجمعات البشرية خوفا من بطش القوات القمعية ، ولا أجد تفسيرا لهذا التغير في سياسة الحكومة سوى أن العبادي قد قضى شطرا كبيرا من حياته المهنية في أوربا التي اطلع فيها على ثقافة التظاهر والاحتجاج فتأثر بها ، على العكس من المالكي الذي قضى أغلب حياته في سوريا التي لا تختلف عن العراق إبان حكم البعث فهما من المنبع نفسه ، وبالمجمل فإن العراقيين قد شبوا عن الطوق ولن يرهبهم بعد اليوم جلاد ولا ظالم متجبر فقد أيقن العراقيون أن قوة صوتهم ترعب أقسى الجلادين وأكثرهم فجورا ، ولن يقتنع العراقيون بعد اليوم بحلول وقتية ترقيعية ، بل يريدون حلول جذرية مستندة إلى أساس صحيح متين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا