الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدام و بينوشية ونهاية الدكتاتورية

فالح الحمراني

2005 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


يلوح لي ان ليس من قبيل الصدفة ان تتزامن محاكمة دكتاتور العراق السابق والمتهم حاليا صدام حسين في بغداد وقرار المحكمة العليا في تشيلي برفع الحصانة عن الدكتاتور الديكتاتور التشيلي السابق أوغسطس بينوشية.
والعلاقة بين الحدثين تكمن في انهما يؤكدان ان الدكتاتورية وباء له مواصفات عامة اينما ابتلى بها شعب او امة. والقرابة بين الحدثين في دولتين تبعد الواحد عن الاخرى الاف الكيلومترات تتمثل بكونهما يشيران الى ظاهرة عصرية واحدة: انتهاء عصر الدكتاتورية وانه قد ولى الى الابد مثلما غربت ذات يوم شمس الامبراطوريات العاتية، وان البشرية تخلصت من الخوف من الديكتاتوري الذي كانت رؤيته بل والتفكير فيه سرا يثير الخوف والهلع.
لقد حان وقت القصاص وتعرية الحقيقة.وقطعا لاتنحصر اهمية الحدثين ببعدهما السياسي، فثمة حقائق فكرية وفلسفية تقف وارئهما. انه نضج الذهنية البشرية اكثر. ولواستخدمنا تعبيرات هيجل لقلنا انه العقل المطلق في احدى تجلياته.
وجاء صدام وبينوشية للسلطة نتيجة انقلابات عسكرية تتعكز على ذريعة ان الامة تواجهة ازمة وانها على شفا الانهيار، والتجاء صدام و بينوشية وتعطشهما للقتل العشوائي والابادة الجماعية والفتك بالخصوم والاعتقال لكل اشكال المعارضة مهما كان حجمها او واقعيتها. وتملل في قبضة الوحشين شعوب العراق وتشيلي. وما يشكل قاسما مشتركا بين صدام و بينوشية انهما ارتكبا جرائما متشابهة ولاحقا شاعرين كبيرين هما االشاعر العراقي الكبير محمد مهدى والتشلي بابلو نيرودا رحلا وفي قلبيهما غصة لانهما لم يشاهدا نهاية الدكتاتوريات في بلديهما. واعتمد كلا الرجلين في تمرير نفسهما والبقاء في السلطة على بيئة دولية كانت تخدمها. ولعبا بحذاقة بارعة على تناقضات القوى الدولية الكبرى لتوظيفها لمصالحهما وكلاهما كان متعطشا للسلطة، وانهارت انظمهما مع تخلي الدولة الراعية عن احدهما.
ان تزامن الحدثين لابد ان يشكل مؤشرا قويا على تعمق وعي البشرية بان لامكان للانظمة الديكتاتورية في العالم بعد. واذا كان هذا الوعي على اشده في دول امريكا اللاتينية فان الشعب العربي يرتقي له بصعوبة. وان اللعنة سوف تلاحق الشخصيات الديكتاتورية الى ابد الابدين، على ما اقترفته من جرائم وماسببته من مصائب للامم والشعوب التي حكمتها. ان الديكتاتورية المعاصرية وبكل دمويتها اضحت في غالبية الاحيان صور كاريكاتورية للانظمة الديكتاتورية في العصور الغابرة في بابل وروما والصين وبلاد فارس وغيرها. ومن الممكن الحديث في المستقبل على انها كانت حدثا طارئا في تطور التاريخ البشري ووعي الانسان وبحثه عن الصيغ الامثل لنظام الحكم. ذلك النظام الذي يمكن ان يصون حرية وكرامة الانسان التي لاتتناقض مع المصالح العامة للوطن والامة.
لقد اعتقد البعض ان صدام كان قويا وهو يمثل امام حاكمه في بغداد، او بينوشية خرج منتصرا حينما سمحت بريطانيا مغادرتها بعد ان فرضت عليه الاقامة الاجبارية وحتى البت بسليمه لاسبانيا التي لمحاكته لديها على جائم اقترفها ضد مواطنيها. ولكن ذلك خاطئ جدا. ان الرجلين منخوران في الداخل، ومنبوذان في الخارج. وان التحلي بالعقل والرغبة في سيادة القانون لاشريعة الغاب وصبر الانسانية وحكمته ورغبتها الكامنة في تجاوز عصور الظلام، هي التي تبقي الرجلين على قيد الحياة لحد الان، وتسمح لهم الوقوف في قفص الاتهام للدفاع عن نفسيهما. ولكن بماذا سيوجهان البشرية، واية افاق تنظرهما وماذا ستسطر عنهما كتب التاريح . لقد انتهت الدكتاتورية، وتتطلع البشرية وخاصة الشعوب العربية الى افق جديدة، ربما سيوجب الوصل لها المرور عبر دروب الالام.

* اعلامي من العراق مقيم في موسكو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل توسع عمليات هدم منازل الفلسطينيين غير المرخصة في الق


.. عقب انتحار طالبة في المغرب مخاوف من تحول الأمر إلى ظاهرة بين




.. #فائق_الشيخ_علي: #صدام_حسين مجرم وسفاح ولكنه أشرف منهم كلهم.


.. نتنياهو يتوعد بضرب -الأعداء- وتحقيق النصر الشامل.. ويحشد على




.. في ظل دعوات دولية لإصلاح السلطة الفلسطينية.. أوروبا تربط مسا