الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة العدوانية وراء مأساة اللاجئين

فهمي الكتوت

2015 / 9 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


أثارتْ قضية اللاجئين السوريين ردودَ افعال مختلفة خلال الأسابيع الأخيرة، بعدما تسبَّبت الأعداد المتزايدة في الهجرة إلى أوروبا عبر البحار بكوارث إنسانية. بسبب الوسائل غير الآمنة في نقل عشرات الآلاف من السوريين والعراقيين، التي أودت بحياة الآلاف منهم بحوادث مفجعة هزت الضمير الإنساني. دعونا نعترف أولا بأن هؤلاء اللاجئين هم ضحايا الحرب القذرة التي اشعلتها الدوائر الاستعمارية بهدف تدمير البشر والحجر والحضارة الإنسانية والتراث العربي. وهم ليسوا من الفئات التي فشلت في التعايش مع مجتمعها، وأن كلَّ مهاجر عربي عن أرض وطنه يعتبر استنزافا للطاقات البشرية الغنية بالمعرفة والخبرات التي يحتاجها الوطن بغض النظر عن التعددية بنمط التفكير بين أبناء المجتمع الواحد.
ما كان ممكنا أن تصل الأوضاع السياسة في المنطقة العربية إلى هذا المستوى من التردي لولا احتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، ولولا التدخل المباشر وغير المباشر لدول حلف الأطلسي في سوريا وليبيا...وغيرها من المناطق الساخنة. خدمة لمصالح الاحتكارات الرأسمالية، التي لا تتورَّع عن ارتكاب أبشع الجرائم لاستمرار نهب الثروات العربية. ولعل هذه الظاهرة الخطيرة تقودنا نحو تشكيل تيار شعبي عريض في مواجهة الجرائم التي ترتكبها الامبريالية الأمريكية بحق شعوبنا العربية.
قُوبلت حالات الهجرة المتزايدة بمعاملة غير إنسانية في كثير من الحالات؛ فقد شوهد على شاشات الفضائيات أشكال مختلفة من الاضطهاد والإذلال من قبل رجال الأمن المجريين وغيرهم للاجئين. كما استغلت التيارات اليمينية الفاشية، تزايد عدد المهاجرين لتأجيج المشاعر العنصرية المعادية للعرب والمسلمين، فقد دعت مارين لوبان من الجبهة الوطنية الفرنسية الفاشية لإغلاق حدودها تماما في وجه اللاجئين، كما أعلنت الحكومة الفرنسية عن رغبتها في استقبال عدد محدود من المهاجرين، يفضل ان يكونوا من المسيحيين. لم تنحصر الرؤية العنصرية بالتيار الفاشي الفرنسي وحده؛ فالحكومة الفرنسية ومعها عدد من الحكومات الأوروبية عملوا ضمن خطة تستهدف تهجير العرب المسيحيين من اوطانهم، ومحاولة انتزاعهم من جذورهم وتاريخهم، وقد تساوقت مواقف الحكومات العنصرية مع ممارسات الحركات الظلامية التكفيرية التي استهدفت المسيحيين على وجه الخصوص بالاضطهاد والتنكيل والتهجير.
في حين قُوبلت جموع اللاجئين بمشاعر إنسانية تستحق كل التقدير من قبل الشعوب الأوروبية المحبة للسلام والتي تعاملت معهم باعتبارهم ضحايا جرائم الاحتكارات الرأسمالية. في حين لم تخف الاحتكارات الألمانية دوافعها الاقتصادية في قبول اللاجئين السوريين والعراقيين، والمغلفة بدوافع إنسانية، فقد انطلق الموقف الألماني من حاجته للأيدي العاملة الرخيصة، في بلد يُعاني من تراجع عدد السكان وتعتمد على المهاجرين الأجانب للحفاظ على التوازن السكاني؛ حيث تشير بعض الدراسات الى تراجع عدد سكان دول الاتحاد الأوروبي من السكان الأصليين، خاصة في ألمانيا التي تمثل أكبر الاقتصادات الاوروبية. فإنَّ عدد سكان ألمانيا يتناقص سنويًّا، ويتم تعديل هذا التناقص بزيادة طفيفة من المهاجرين الأجانب.
لهذه الأسباب رحَّبت ألمانيا باللاجئين؛ وأعلنت أنها سوف تخصص أكثر من مليار دولار لتحقيق اندماج سريع للاجئين الجدد وتوفر لهم الإعداد والتدريب وتعليم اللغة الألمانية وتوفير فرص العمل خلال ثلاثة أشهر؛ فقد أوصتْ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل برلمان بلادها قائلة: "من يأتون إلينا طالبين اللجوء يحتاجون إلى مساعدتنا حتى يتسنى لهم الاندماج سريعا، وسيكون من الضروري مساعدة مثل هؤلاء الأشخاص على تعلم الألمانية بسرعة، والعثور على وظيفة"، فهي لا ترى الأسباب الحقيقية وراء هجرتهم ولا يخطر ببالها ومعها الحلف الاطلسي وقف التدخل السافر في الأزمة السورية والتوقف عن دعم العصابات المسلحة التي حولت الحياة إلى جحيم في سوريا ودفعت ملايين السوريين للهجرة إلى الخارج. على العكس من ذلك فهي تؤكد لن نرحل اللاجئين وسيصبحون مواطنين ألمان.
وكان اتحاد الصناعات الألمانية قد طالب بشكل واضح بتغييرات في قوانين وأنظمة العمل الألمانية، بما في ذلك التسريع في منح القادمين الجدد الحق في العمل مطالبا الحكومة بتقديم ضمانات بعدم إبعاد المهاجرين الذين يحصلون على وظائف.
وقد عبَّر عددٌ من الخبراء الألمان في استطلاع للرأي لوكالة "بلومبرج" أنَّ اندماج نحو مليون لاجئ في المجتمع الألماني سيكون شرطا أساسيا لإنعاش الاقتصاد الألماني. وتوقع أندرياس ريس الخبير في مصرف "يوني كريديت" أن يساعد الإنفاق الحكومي على اللاجئين على نمو الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا بغضون عام ونصف إلى 0.3%، وبنسبة 1.7% بحلول عام 2020، في حال نجاح إدماج المهاجرين في سوق العمل.
أمَّا باقي الدول الاوروبية، فهي إما قبلت أعدادا محدودة من اللاجئين على مضض، وإما ترفض استقبال اللاجئين بشكل صريح. فقد أعلنت كل من اليونان والبرتغال وإسبانيا والمجر وبلغاريا ورومانيا وكرواتيا، عن رفضها استقبال لاجئين بسبب ارتفاع معدلات البطالة في بلادها، فهي لا تعتبر جاذبة للعمالة الأجنبية، بل على العكس من ذلك فهي تحفز العمالة المحلية على الهجرة للخارج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أخي فهمي الكتوت
عصمت الفاروق ( 2015 / 9 / 20 - 15:25 )
لو وافقنا معك على أن الاستعمار هو ما تسبب بغرق عشرات الاف السوريين في البحار،
فهل توافق معنا أن الأسد بطائراته ومدافعه وصواريخه ودباباته وغازاته السامة قتل مئات ألوف السوريين ؟

الكاتب الذي لا يميز الحقائق الكبيرة عليه أن يتوقف عن الكتابة كيلا يشارك في بيع الأفيون للشعوب


2 - رد وتوضيح
فهمي الكتوت ( 2015 / 9 / 20 - 19:51 )
اخي عصمت؛ من المهم ان تعلم انني لست منحازا في الازمة السورية الا للشعب السورية الدولة السورية التي تتعرض للانهيار وانني كتبت عدة مقالات ضمنت فيها رؤيتي، انني مع حق الشعب السوري في الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية وتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع. كما انني أرى ان الازمة السورية لا يمكن معالجتها عن طريق الحسم العسكري وسبق وقلت في احدى المقالات ان الحرب الاهلية اللبنانية استمرت 15 عاما وانتهت على طاولة المفاوضات، صحيح لم تخرج لبنان من ازماتها، لكن المشكل التي لم تحل بالمفاوضات لن تحلها الحروب، وكذلك الامر في سوريا، فإنني ضد عسكرة الحراك وضد كل من استخدم العنف سواء من الحكومة السورية او غيرها، وهذا موقف مبدئي، لكنني واثق ان سوريا تتعرض لمؤامرة تدمير الدولة، مؤامرة صهيونية ونحن نتابع حجم التدخل الأجنبي من اميركا ودول الخليج وتركيا و-إسرائيل-، بما في ذلك قصة داعش.


3 - خطاب الإفلاس
عصمت الفاروق ( 2015 / 9 / 21 - 06:29 )
يصر الكتوت على خطاب الإفلاس
هل يا فهمي أطفال درعا وقد كتبوا على جدران درعا في الليل الشعب يريد إسقاط النظام وكانوا الشرارة التي ألهبت الثورة هم من عملاء الموساد ؟
وهل من اغتال المهندس المعروف معن العودات في مقبرة درعا يشيع رفيقه الشهيد من عملاء اسرائيل أم من عملاء النظام ؟
درعا استمرت في الثورة أربعين يوما وحدها قبل أن تنضم إليها حمص واعترف بشارك أن لأهل درعا حقوق يتوجب تحقيقها وكانت الحقوق حصد المظاهرات
بالرشاشات . قتل في درعا وحدها 300 شهيد قبل أن تتحرك حمص
من الذي رفض وما زال يرفض الحل السياسي !؟
زعماء الثورة الذين يجتمعون في اسطنبول وعددهم يفوق المائتين كما تشير صورهم على شاشة التلفزة معظمهم دكاترة واساتذة جامعات هل هؤلاء من عملاء أمريكا وبينهم زعماء شيوعيون كبار كجورج صبرا وميشيل كيلو ؟
أم مضللون ؟ أم تكفيريون معممون كما حسن نصرالله قاتل الأطفال المسلمين في سوريا ؟
كيف تريدنا أن نسكت على خطاب الإفلاس !!!؟؟؟


4 - رد
فهمي الكتوت ( 2015 / 9 / 21 - 16:26 )

اخي العزيز: بداية أقدر مشاعر اخوتي السوريين الذين يعيشون في اسوأ مرحلة في تاريخ الامة. ومع اعتراضي على تعبير -سياسة الإفلاس-.
ابدأ ردي بالترحم على شهداء سوريا وشهداء الامة العربية جمعاء والشهداء أنبل ظاهرة في التاريخ وهم الذين يسطرون تاريخ الامة بدمائهم وارواحهم، وانني لا اخلط بين الشهداء والمناضلين الاحرار الذين يناضلون من اجل الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية. وبين العملاء. وانني مؤمن بأن الحرية لا تتجزأ وحين اناضل في الأردن من اجل الحرية والديمقراطية، فأنني أواكد ان من حق الشعب السوري ان ينالها، وحين اتحدث عن العملاء والمأجورين، فإنني اتحدث عن النوع الذي تأويهم -إسرائيل - وتعالجهم في المستشفيات الإسرائيلية، وظهر بعضهم على شاشات العدو الصهيوني يطالبون بالصلح مع -إسرائيل- ويطالبونها بالقتال معهم، واتحدث عن الذين خرجتهم المخابرات الأميركية واشرفت عليهم غرفة الموك. والذين ارسلتهم اميركا عبر تركيا، اما ان هناك معارضة وطنية شريفة وحريصة على مستقبل سوريا هذا صحيح، لكن لا خيار امام الجميع سوى المفاوضات والوصول الى صناديق الاقتراع عبر مرحلة انتقالية تحت اشراف اممي. وفي الختام قلت وما

اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام