الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى تغادر النخبة الليبية أبراجها وتخوض معركتها الواجبة ؟

محمد عبعوب

2015 / 9 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


من حين لآخر ينشر صديقنا وزميلنا ابراهيم حميدان إعلان عن محاضرة او ندوة في دار الفقيه حسن بالمدينة القديمة بالعاصمة طرابلس تتناول واحدة من القضايا الملحة التي تواجهنا على مختلف الصُّعُد، نستبشر بهذه الإعلانات ونستعيد ثقتنا في نخبتنا المثقفة وبحرصها على خوض المعركة الحقيقية والمفصلية التي يجب أن يبدأ منها مشروع إعادة بناء ليبيا، وهي معركة إعادة بناء وعي الإنسان الليبي على أسس سليمة ومنفتحة باعتباره القاعدة والساعد الذي سينجز على كاهله مشروع إعادة البناء.
قبيل فبراير 2011م كانت نشاطات التوعية في هذه الدار وبعض الديار الأخرى في شرق البلاد مقولبة إلى حد ما، وفي أحسن الأحوال كانت تتم تحت المراقبة والتوجيه والتوظيف لتكريس أركان السلطة، وكنت كلما أتيحت لي الفرصة احرص على حضورها ، خاصة إذا كان موضوع المحاضرة او الندوة يستهويني، وكم كنت أتمنى على الجهات المسؤولة والمعنية بالثقافة في تلك الفترة أن تستنسخ هذه المبادرة البناءة ويتم تعميمها على كبريات المدن الليبية حتى تعم الفائدة ويتم وضع الأسس السليمة للانطلاق نحو بناء الإنسان الليبي، ويومها لم تكن الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد مثلما هي اليوم تستوجب وبإلحاح تعميم هذه المبادرة، كما أن السلطة كانت تراقب كل قول او صوت وتحاسب صاحبه الأمر الذي فرض حالة من الجمود على هذا الصعيد .
أما اليوم وبعد هذا التسونامي المدمر وتبعات زلزال 17 فبراير التي لا زالت متواصلة يغطي ضجيجها ودخانها الكريه سماء ليبيا ويهدد بدمارها، فإننا نحتاج الى مئات الديار المماثلة لهذه الدار، ليس كمبنى وتجهيزات، بل نحتاج إلى عطاء وجرأة مثقفينا وشريحتنا الواعية المتمترسين في هذه الدار ، بالاسراع بإقامة وإدارة عشرات الديار المماثلة لها و بالتحول من نخبة تخاطب نفسها تتخندق في أبراجها العاجية، إلى خطباء ومحاضرين يجوبون أحياء المدن الكبرى مثل طرابلس وبنغازي، يتخذون من قاعات المدارس وصالات المناسبات الاجتماعية وكل الفضاءات العامة منابر لهم، يفجرون من خلالها الثورة الحقيقية التي لم تحدث بعد في ليبيا، ثورة في العقول تطهرها من أدران التخلف والكراهية والحقد ورفض الآخر المختلف، ثورة تطهرنا من وثنية القبيلة والعرق والجهوية، ثورة تؤسس في وعينا الديمقراطية وصناديق الاقتراع كآلية وحيدة للتداول على السلطة، ثورة تعيد إلى وعينا قيمة الوقت الذي نبدده دون أن نعي أن قيمة الإنسان في واقع الأمر محصورة بزمن محدد مصيره للانفراط، ويجب ان يستثمر كل دقيقة فيه . وفي مرحلة ثانية يجب على وزارة الثقافة أن تضع برنامجا طويل المدى لاستحداث نماذج مماثلة لهذه الدار في كل مدينة مهما صغرت ، وأن تقدم الدعم والمساعدة للنخبة المثقفة تمكنهم من خوض معركة إعادة بناء الانسان في كل ربوع ليبيا، وان لا يقتصر الأمر على كبريات المدن، وأن تنظم مهرجانات ثقافية دورية في مدن الدواخل تستدعي لها كل المثقفين والباحثين والمتخصصين وتخصص لها الجوائر التشجيعية لأخذ بيد المبدعين الذين يطويهم النسيان والتهميش في الدواخل.
باختصار شديد يجب ان يتم تعميم نموذج دار الفقيه حسن كفاعليات ثقافية وفكرية في كل أحياء المدن الليبية ، وان تسرع النخبة الليبية بمغادرة أبراجها العاجية وجامعاتها ومراكز بحوثها ومؤسساتها المختلفة، وتنزل إلى الشارع والأحياء الشعبية وتخوض معركتها الواجبة بكل جسارة وشجاعة وثقة في النفس لتزيل عن عقول الناس ظلام الجهل والتخلف والتقوقع، وتفتح أمامهم آفاق التقدم على أسس سليمة وتعيد توجيه تفكيرهم نحو آفاق أرحب وانفع لمستقبلهم، بدل بقائهم أسرى لأحقاد الماضي القريب والبعيد التي تنذر باندثار وتفكك وطن اسمه ليبيا وتحوله الى كنتونات متصارعة ومتناحرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا