الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب استنزاف من أجل الحياة

سماح هدايا

2015 / 9 / 20
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


حرب استنزاف من أجل الحياة
عندما تصير الأمة لبؤة، لا يمكن للحيوان الضاري أن يفترس أبناءها ...الأمهات والنساء هن من يجعل الأمة لبؤة في حرب الحياة. الأمهات هنّ من يرعى الحياة.
عندما لا يبقى للحياة مكان إلا في غمار المعركة وغمرات القتال فلا مجال للفرار. لابد من خوض الصراع من اجل البقاء... الشعب السوري مظلوم منكوب لكنه لم يفقد الإيمان والعزيمة .شعب لن يتوقف عن الحياة مهما اشتد حصار القتل والتشريد.
يربط الغوغائيون بين الثورة والخراب فدمشق أصبحت نتيجة الثورة، وما تلاها من حرب، مدينة منكوبة عير ملائمة للعيش والحياة ومن أسوأ المدن للعيش في العالم أمناً وصحة وتعليما وثقافة وبيئة وبنية تحتية؟ لكنّ للقول وجه اكثر واقعية في هذا السياق؛ فهل كانت دمشق وسوريا قبل الثورة دولة ومؤسسات ووطن وبلد صالح للحياة الكريمة؟
شهدت سوريا حربا شّنها النظام منذ عقود وتجلت بحرب الإبادة في السنوات الأربع ألأخيرة، ملايين من القتلى والجرحى، وملايين من اللاجئين والنازحين خارج سوريا وداخلها، ومئات الآلاف يهاجرون عبر البحار والبراري إلى أوربا.. ومساحة واسعة من سوريا تدمّر عمرانيا ومدنيا وجغرافيا، ومازال العالم يتعامل مع المأساة السورية عى أنها لعبة قمار أو يانصيب، والفائز الوحيد يجب أن يكون نظام الطاغية وطغمته.. أما الشعب؛ فمصيره الهلاك وبعض جوائز ترضية، بالتزوير والتلفيق والتشبيح، أو بالخديعة والمكائد، أو بالترهيب. المهم أنْ يستمرّ بقاء النظام، برأسه، أو من دون رأسه؛ لأنه صنيعة الدول الكبرى التي لا يعنيها سوى استثمار الشعوب والأنظمة لما يحقق مصالحها ومكاسبها.
لماذا يخرج السوريون للهجرة بهذا الشكل المكثّف المريع ويواجهون ظروف الموت غرقا في عرض البحار، وخنقا وذبحا ضحية لعصابات التهريب وللسياسات الأوربية العاجزة عن استيعاب مئات من الآلاف، ولا ينشغل العالم بحل مشكلتهم الأساسية بل ينشغل بمحاربة تنظيم إرهابي صنيعة المصالح الدولية؟
لماذا تبلغ حالة الفوضى والاستهتار بالإنسان غير الأوروبي في أنظمة الدول الغربية وحلفائها العرب هذا الانحطاط في التعاطي مع اللاجئين السوريين في كل مكان، لدرجة تآمر بين أجهزة أمنية واستخباراتية دوليّة وعصابات التهريب لمنع اللاجئين من التقدم لأوروبا ؟
لماذا الانشغال بالمثليين في سوريا، وإعداد جلسة للدفاع عن المثليين الذين قتلت داعش منهم ثلاثين، وعدم الاكتراث بمقتل مئات الآلاف على يد نظام الأسد وبنزوح الملايين، ومن ثم شن حرب على سوريا باسم محاربة تنظيم إرهابي وعدم التدخل إنسانيا وسياسيا وعسكريا ضد النظام السوري الذي يبيد بالتعاون مع شركائه وميليشياته البشر والحجر...؟

العملية السياسيّة الدائرة دوليا لعبة تكسير لعظام الثورة السوريّة ولشعبها، احتيال لإبقاء النظام وجيشه وأمنه، ومساومة على رأسه بصفقات لتحقيق مكسب. أصحاب القرار الدولي يدركون أن ماساة سوريا سببها نظام كامل برأسه وجيشه وأمنه...ولا يقتصر الأمر على المجرم. وأنّ المأساة السورية حصلت نتيجة مافيا الأسد الطائفيه وطغمته السياسية التي أوجدت العسكر والأمن لحمايتها ومحاربة الشعب وقمع نمو أي عمل أو شركة أو مؤسسة خارج هيمنتهم ونهبهم...فكل الأعمال التي انتعشت جاء انتعاشها لغاية ترسيخ نهب طغمة الأسد، لا لمصلحة سوريا شعبا وحضارة ودولة مؤسسات.
نظام الأسد الذي تأسّس في سوريا فكر غير وطني، فكر متطرف طائفي شعوبي لعصابات تتطوّع بما يلائم الظرف والزمان والمكان خدمة للرأس المدبر الذي يستخدم فلسطين والإسلام والعلمانية والمال والسياسة والدين بحسب الطلب. إيران وقوى دولية كثيرة تدعم نظام بشار وحتى لو تحول بشار لخطر عليهم فهم لا يستطيعون نسفه؛ لأنه سيفجر كل الألغام المشبوكة به وهي كثيرة.. وما يسمى بالحل السياسي، فهو لاحتواء بشار وتعديل نظامه وتدجين الثورة لمصلحه القوى الكبرى، لكيلا تخرج المنطقة عن سيطرتهم المطلقة.
وبالمقابل؛ فقد فشلت المعارضات السورية في إدارة العمليّة السياسيّة؛ لأنها محمّلة بالرواسب من عقلية النظام ومنظومته الطاغية وفكر الطغمة. وجاء تعبيرهم السياسي عن المشروع الثوري ضعيفا، انصبّ على تقاسم المصالح بين الأحزاب والكتل والشلل السياسية والمكونات، عوضا عن تعزيز العمل الوطني كمشروع تحرري عادل لمواجهة الطغيان وحلفائه ضمن رؤية سياسية وأخلاقية وإعلامية منهجيّة واضحة وجامعة ممسكة بمبادىء الثورة في الحرية والكرامة والعدالة، تتخطّى تحاصص الأقليات والأكثريات تقبل التعدّدية.. بدت المعارضة في عموم ادائها وأطيافها مثل طغمة سياسية طاغية رجعيّة متشبثة بموقعها عاجزة عن تمثيل المشروع التحرري النهضوي الثوري.
لكنّ إرادة التغيير تاريخيّة. ولن تعرقلها عقلية النخبة السياسية المشلولة، ولا عملية التضليل والخداع ، التي لا تنطلي إلا على الأغبياء.. أما الذين يسوّغون لهذه العملية؛ فهم جزء من لعبة الخداع والتضليل، أو أذناب وعبيد. العملية السياسية والحل السياسي بالأداء الحالي، وبالمنظور الفوضوي السطحي ضرب من العبث.
الخسائر البشرية الجسيمة التي قدمها الشعب ليست من أجل الفراغ أو لتسوّل صدقة أو لإعادة النظر في بقاء الطاغية ونظامه الأمني والعسكري، أو لكي تستبدل طاغية ونظام طغمة بعقل فوضوي وسياسي واهن وانتهازي. هي التضحية في ثورة من أجل حياة كريمة.
د. سماح هدايا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم


.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال




.. عصر النهضة الانجليزية:العلم والدين والعلمانية ويوتوبيا الوعي


.. ما الذي يجمع بين المرشد الإيراني وتنظيم القاعدة واليسار العا




.. شاهد: اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين يطالبون باستقالة رئيس وز