الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( بِسَبَبِكَ .. أصبحتُ بعثِياً )

امين يونس

2015 / 9 / 20
الادب والفن


كُنتُ مسؤول الإعلام لفترة في تنظيم الحزب في العُمادية ، ليسَ لمُؤهلاتي ولا لخبرتي ، حيثُ كنتُ شاباً بِلا تجارب عملية في مِضمار الإعلام .. ولكن ببساطة ، لأنهُ لم يَكُن هُنالكَ مَنْ يعرف العربية كتابةً وقراءةً ، أحسن مني ويكون مُستعِداً للنزول كُل خميس الى دهوك ، على حسابهِ ، لحضور إجتماعات المكتب الإعلامي . وكُل نشاطي كان ينحصِر في إرسال بضعة سطور الى جريدة طريق الشعب ، بإسمٍ مُستعار هو " بخشان " وإخترتُ ذلك الإسم لأني كنتُ مُعجباً بطالبةٍ في المعهد الطبي إسمها بخشان ، وتخرجنا ولم أجرؤ على الإفصاح لها عن إعجابي ! .
عندما أستذكِر اليوم .. نزولنا الإسبوعي الى دهوك في أعوام 1976 /1977 .. أنا بإعتباري ممثل إعلام قضاء العُمادية ، فكنتُ أوتوماتيكياً عضواً في المكتب الإعلامي لمحافظة دهوك . وكذلك مٌمثل الطلبة والشباب ومٌمثلة عن المرأة وعن العُمال .. الخ . كنتُ حينها ، في قرارة نفسي ، أدركُ بأنني غير مُؤهَل لمثل هذا الموقع ( لأنني كنتُ أظنُ بأن جميع أعضاء المكتب ، فطاحِل وبارعون في الإعلام والصحافة ومن ذوي المعرفة الموسوعية ) .. ولكني تدريجياً إكتشفتُ بأنه ، ماعدا مسؤول المكتب ، فأن معظمهم مثلي ، إذا لم يكونوا حتى أقل مُستوى ! .
أردتُ أن أكتبَ مقالاً حقيقياً عن " الجمعيات الفلاحية " التي أنشأت في المنطقة .. لكن المُشكلة ، هي الحصول على معلومات دقيقة ، حيث كانتْ هنالك تعليمات صارمة ، من قِبَل الإدارة البعثية ، بعدم الإفشاء بأية معلومات في كافة الدوائر .
كنتُ ألتقي ب " معروف بيطار " الموظف في دائرة الزراعة في المقهى أحياناً ، وكانَ يعجبني ، لأنهُ لم يكُن يستَجِب لضغوطات قريبه ، مدير البلدية البعثي محمد بيطار. ففاتحتهُ بنيتي أن أكتب مقالاً عن الجمعيات لفلاحية .. وطلبتُ منهُ أن يجلب لي معلومات مُفّصلة .. فأخبرَني بأن مفتاح الدائرة معهُ ، وأنهُ يُفضِل أن أذهب معه الى الدائرة ، بعد الدوام ، حتى لايرانا أحد . وبالفعل توجهنا عصر نفس اليوم الى دائرة الزراعة .. وأراني جداوِل مُفّصلة ، فقلتُ لهُ : لماذا لا آخذها معي ، لأن نقلها سيأخذ وقتاً ، وسأسلمها لك صباح الغد قبل الدوام . وافقَ معروف . عند خروجنا ، إلتَقينا بالحارس الليلي للدائرة الذي كان بيته قريباً .. إرتبكَ معروف قليلاً ، تبادلنا السلام معه وغادرنا .
أكملتُ كتابة مقالي العتيد ، في نفس الليلة ، متضمناً أدق التفاصيل عن مساحات الجمعيات ومواقعها وعدد الفلاحين والمحاصيل المزروعة والمكائن الموجودة ... الخ . ثم إقتراحات لتطوير العمل وضمان حقوق الفلاحين . لم أنتظِر ، فقبل منتصف الليل ، ذهبتُ الى بيت معروف وسّلمتهُ الجداول ، شاكِراً أياه .
بعد إسبوعَين نُشر مَقالي في طريق الشعب ، بإسم بخشان ، على مساحة ثلاثة أرباع الصفحة ، وكانَ بالنسبةِ لي حدثاً مُهماً ، فكنتُ أتبختر وأنا أعرض الصفحةَ على أصدقائي ومعارفي !.
بعد يومَين .. إستدعَتْ منظمة حزب البعث " معروف بيطار " ، وكان قريبه محمد بيطار جالساً مع بقية الرفاق في إنتظاره . قالوا لهُ مُباشرةً ، مُشيرين الى جريدة طريق الشعب المفروشةِ أمامهم : هل أنتَ الذي قّدمتَ هذه المعلومات للشيوعيين ؟ أنكَرَ معروف قائلاً : كلا . لم ينتبِه معروف ، بأن حارس دائرة الزراعة كانَ واقفاً على جنب .. فسألهُ محمد بيطار : هل رأيتَ معروف مع أحد الشيوعيين يخرجون من الدائرة عصراً ، ومتى ؟ أجاب : نعم رأيتهما وكان ذلك قبل حوالي عشرة أيام ! .
اُسقِط في يد معروف ، ولم يَحر جواباً . أخبروهُ : أن عقوبة إفشاء أسرار الدوائر الحكومية ، قد تَصِل الى الإعدام .. فكادَ معروف أن ينهار . فأخبرهُ محمد بلهجةٍ مُعاتِبة : كنتَ تتحجج دائماً ، عندما اطلبُ منك الإنظمام إلينا .. والآن أمامَك طريقَين : أما تُقّدَم للمُحاكمة بتُهمة الخيانة ! .. أو تُوّقِع فوراً على طلب الإنتساب للحزب .
....................
إلى اليوم .. يتهمني معروف ، بأنني كُنتُ السبب في إنتماءه لحزب البعث ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - !!مو خربت بيت الرجال الاأ شوية
كفاح جمعة كنجي ( 2015 / 9 / 20 - 17:03 )
... جميل ذلك كان واقع تلك السنين .. الشيوعيين كانوا يغامرون بحياتهم من اجل الافضل والبعثيين يهددون الناس لأتفه الاسباب بالمحاكم والاعدام ....
...


2 - البعث او الاعدام
سامي البطناوي ( 2015 / 9 / 20 - 17:26 )
والله من حقه


3 - ايام الموسكوفيتش
كامران عبد الرحمن ( 2015 / 9 / 21 - 10:40 )
أن يرغم فلان كي يصبح بعثيا ليست بمشكله ,, وهذه الحاله تشبه الى حد ما ان يرغم شخصا على الغناء رغم انفه ... ولكن لو اجاد هذا الشخص في الغناء فتلك هي المصيبه
فكم من شيوعي ارغم بالتهديد والوعيد على الانتماء للبعث في تلك الحقبه السوداء من تاريخ العراق .. ففي حيّنا كان استاذ حافظ شيوعيا معروفا في المنطقه ولكن بعد التهديد اصبح بعثيا
بل وبعثيا نشطا واصبح المسؤول الحزبي الاول في المنطقه وسرعان ما استبدل سيارته الموسكوفيتش .. بسياره تويوتا ذات مقود هايدروليكي ..!ا

تحياتي استاذ امين

اخر الافلام

.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة


.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ




.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ


.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال




.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ