الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من العراق حتى المانيا .. افراغ واملاء

فارس حميد أمانة

2015 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


من العراق حتى المانيا .. افراغ واملاء

شهد العام 2015 زيادة غير متوقعة في أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء الانساني من دول تطحنها الحروب والاقتتال وينخر في مجتمعاتها الفقر والفوضى كسوريا وأفغانستان والعراق وشمال أفريقيا ودول كثيرة أخرى .. وفي سابقة غير معهودة فتحت أوربا ولا سيما المانيا ذراعيها للقادمين الجدد رغم ان ذلك سيكلف أعباءا مالية ضخمة تتحملها اقتصادات تلك الدول . فهل سيكون ذلك مجانا أو لن يعود بالنفع على تلك الدول المستقبلة للاجئين ؟

بلغ تعداد سكان المانيا حسب آخر احصاء أجرى في عام 2013 زهاء 82 مليون نسمة .. الا ان هناك تراجعا شديدا في نسبة النمو السكاني للسنوات العشر الأخيرة وبشكل ملفت للنظر حيث بلغت النسبة 0.11% حسب تقديرات البنك الدولي لعام 2009 مقابل نسبة نمو سكاني للعراق أصدرها البنك نفسه وقدرها 2.54% الا ان قائمة أصدرتها الأمم المتحدة في عام 2010 كانت أكثر تشاؤما حيث بلغت نسبة النمو السكاني لألمانيا – 0.07% ( بالسالب ) وللعراق بالمقابل بنسبة 1.84% مما يعني ان تعداد سكان المانيا ( ودول أخرى كبولندا واستونيا والمجر وسلوفاكيا ) سيتناقص بنسب تتراوح بين 10% الى 20% ولن تتحقق أية زيادة لأسباب كثيرة سنتطرق اليها لاحقا مؤشرا تحولا وعجزا في انتاج أجيال شابة جديدة مقابل ارتفاع مستوى الخدمات الصحية المقدمة للفرد الألماني والمتسبب بالتالي بارتفاع معدل عمر الفرد الى 80 عاما وهو معدل مرتفع سيما اذا عرفنا ان الصين واليابان لهما أكبر الأرقام حيث يبلغ المعدل 83 عاما بينما في العراق ينحدر المعدل الى 59 عاما لأسباب كثيرة لكن معروفة ( تقع سوازيلاند في أفريقيا في نهاية القائمة بمعدل يصل الى 39 عاما ) .

ان هذه الأرقام تشير الى ان عدد سكان المانيا سيعاني من مشكلتين أولاهما تناقص العدد من 82 مليون نسمة الى 67 مليون نسمة في العام 2060 والثانية ان نسبة من تزيد أعمارهم عن 64 عاما ( وهو سن التقاعد والمقدرة على العمل والانتاج ) سيبلغ خمس عدد السكان فاذا أضيفت اليها نسبة من عدد السكان من الفئات العمرية ممن لا يسمح لهم بدخول ساحات الانتاج وهم من لم يبلغ 18 عاما فان نسبة من لا ينتج من السكان ستقترب من النصف .. فمن سيدير عجلة أكبر اقتصاد في أوربا ؟

سسيكون الخيار الأفضل لألمانيا هو القبول بأعداد كبيرة من المهاجرين والفارين من الحروب لا سيما من الشباب والأطفال الذين سيكونون الدماء الشابة المستقبلية والذين سيحركون باستقرارهم في المانيا عجلة الاقتصاد وبالتالي سيكونون الضمانة المستقبلية لاستمرار وتفوق اقتصاد المانيا على اقتصادات بقية دول أوربا ومن هنا سنفهم سر ترحيب المانيا بهذه الأعداد من اللاجئين والفارين كما سنفهم سبب عدم التزام المانيا باتفاقية دبلن التي كان أحد بنودها اعادة أي لاجيء أخذت بصمته في دولة من دول الاتحاد الأوربي قبل وصوله المانيا الى تلك الدولة التي أخذت بها بصمته حيث تعتبر تلك الدولة دولة آمنة ومن هنا أيضا نفهم سر اصرار المجر على أخذ بصمات عدد كبير من اللاجئين بشكل قسري لتضمن اعادتهم من المانيا أو الدول الأخرى التي سيصلونها لتحصل على حصتها من اللاجئين الذين يمثلون الدماء الشابة المستقبلية حيث ان المجر مهددة كألمانيا بتناقص عدد السكان كما أسلفت سابقا الا ان انخفاض مستوى الدعم المقدم للاجئين وضعف اقتصاد المجر مقارنة باقتصاد المانيا يحفز اللاجئين للاتجاه الى المانيا بدلا من المجر ..

في مقارنة سريعة بين نسبتي النمو السكاني لألمانيا والعراق سنجد ان المانيا من جانب بلد مسيحي لا يبيح الزواج من أكثر من زوجة واحدة مقابل العراق الذي تسكنه غالبية مسلمة تبيح الزواج بأكثر من زوجة وحتى أربعة كحد أعلى في نفس الوقت ( وبأكثر من ذلك ربما عند وفاة احدى الزوجات أو انفصالها عن الزوج ) وبالتالي ستكون نسبة المواليد للعراقيين أعلى بكثير من مثيلتها في المانيا .

في نفس المجال وعلى صعيد آخر يعيش المواطن الألماني مطمئنا تحت ظل قانون الدولة وقوته بينما يعيش العراقي وهو تحت تهديد أخطار كثيرة منها ضعف أو تلاشي قوة القانون الرسمي مع تزايد قوة القانون العشائري غير الرسمي الذي يوجه عقله الباطن لتعزيز مكانته وتمتين موقفه تحت ظل تلك المخاطر بانجاب المزيد من الذرية لا سيما الذكور مع امتهان نسبة كبيرة من العراقيين لمهنة الزراعة والرعي التي تحتاج بشكل غير مباشر لليد العاملة والتي تكون محفزا آخر لتعدد الانجاب وبالتالي تزويد السكان بدماء جديدة مقابل انخفاض معدل العمر الى 59 عاما كما أسلفت وبالتالي يمكن أن يوصف المجتمع العراقي بأنه مجتمع أكثر " شبابا " من المجتمع الألماني .

ان كون المجتمع العراقي مجتمع اسلامي لا يسمح بالممارسات الجنسية خارج اطار العلاقة الزوجية ( وهذا لا ينفي وجودها أو تفشيها في السر ) كان ولا يزال سببا للتوجه لاطار العلاقة الزوجية " المؤدية للانجاب " للاشباع الجنسي مقابل وجود علاقات جنسية بين الذكور والأناث في المجتمع الألماني خارج اطار العلاقة المقدسة " .. كما تشير الاحصاءات الى وجود 160000 من المثليين المعروفين اضافة الى عدد كبير من المثليين من غير المصرحين بعلاقاتهم الشاذة تلك وهذه أرقام لا يستهان بها " مما كان سببا مهما في وجود نسبة واضحة من العزوبية وبالتالي الى تناقص رفد السكان بدماء جديدة عن طريق الانجاب .. ناهيك عن كون المجتمع الألماني مجتمع حر يبيح المثلية الجنسية المتسببة بالاشباع الجسدي والتحرر من الاضطرار للجوء الى الزواج للحصول على الجنس على عكس المجتمع العراقي ذي الصبغة الاسلامية " مع وجودها بشكل غير معلن بسبب نظرة المجتمع المتدنية للمثليين " ..

لقد ساهمت سياسات الغرب بخلق أجواء مضطربة جدا في منطقة الشرق الأوسط كالعراق وسوريا كما ساهم سياسيو الصدفة من السراق والجهلة بتنفيذ تلك الأجندات لتكون الحصيلة النهائية رفد المجتمعات الأوربية بدماء شابة لأنقاذها من العجز والتدهور وافراغ تلك البلدان من أهم مقومات قدراتها وهي الشباب المنتج .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا