الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة الكروان من صيدا إلى العتبة الخضراء (3) فايزة أحمد ,ملحمة الحب والغناء

صفية النجار

2015 / 9 / 21
الادب والفن


(والدنيا إنت فرحتها,والفرحة إنت بهجتها, والبهجة انت ياحبيبي حلاوتها وابتسامتها)
أيّ فرحةٍ وبهجة,,وكيف يكون الابتسام وقد استكثرت الدنيا عليها متعة القطاف,,
ففيما كانت الإذاعات تصدح ليل نهار ناقلةً عبر أثيرها إلى الملايين تغريد الكروان الشجيّ وشدوهِ الساحر,كان كرواننا يضمّ جناحيه إلى صدره الصغير,منكسراً حزيناً باكياً,فقد أحسن القدر القاسي توقيت مصابه الجلل,,ليغيّب الموت من بين أحضانها صغرى أطفالها" أمل",,,
تقول "فايزة" في أحد لقاءاتها الصحفية بعد سنوات طوال من المأساة,,"عمري مافرحت من قلبي بعد موت بنتي"ويقول العامّةُ"أن من يفقد ابناً له ,يموت قبل الموت ألف مرة",,,و,,,من أين جاء كل هذا الشجن,وابنة أيّة أرض تلك الينابيع التي تفجرت من تلك الحنجرة المقاتلة,,يقول المؤرخ الفني والشاعر الغنائي "زهير صبري" (كان صوت فايوة أحمد صوتاً صارخاً بالشجن) ياله من تعبير,,,
هل من سبيلٍ للكروان الذي لم تعلّمه الطبيعة شيئاً سوى الغناء,,هل من مهمةٍ له في الوجود سوى أن يشدو لينكأ بمنقاره الرقيق –في سويداء القلوب والنفوس العالية-جراحاً يراودها النسيان,,
وحده الغناء كان فيه طبابها,,صفق الكروان بجناحيه,,ونفض عن رأسه الصغير كل مايبعده عما خلق له ,,وبسطهما مطلقاً في سماء التغريد "زفراتٍ"رغم الأنين عذبة,,لايهدأ ولايرتاح,,وبحبرٍ سريّ يبعث للعشاق رسائل لايقرأها سواهم,,
ماتحبنيش بالشكل ده,وتغير كتير من ده وده
الحب مش غيرة وشجن,دا الحب أجمل من كده
لحنُ لشابٍ يحبو في عالم الأنغام الذي ملك عليه كل وجدانه,,ليضع مع شدو الكروان وترديد عشاق الكروان الذين صاروا بالملايين,,يضع على سلم المجد في صرح الموسيقى العظيم أولى خطواته الواثقة ,,وكان هذا هو لحنه الأول الذي ذاع وشاع وانتشر كالنار في الهشيم بعد لحنين لم يعد يذكرهما أحد لمطربةٍ أخرى,,,
وبعده بنحو عام تقريباً ,,كان لحنه الأول للعندليب "عبد الحليم حافظ"تخونوه"
وصاحبت أنغام الساحر"بليغ حمدي" صوت الكروان لسنوات,,فأبدعا معاً" اتحسدنا",,,كل يوم كل يوم هجر وأسية,,ياحبيبي قول لي ليه,,باسألك فكر شوية,,إتحسدنا والا إيه,,كلمات "أحمد حلمي",,وقائمة تربو على ستة عشر لحناً,,منها"حسادك علموك,,ع الهجر وعودوك,,بكره مش حتلاقيني,,خليهم ينفعوك" من كلمات محمد البحطيطي,,وأيضاً غنت له,,.قلبي سألتو عليك قال أيوه أهواه واعبده,,تخلف ظنه ف حبك والا ,تقدر تسعده,,تسلم ليا عنيك الحلوة ,من عين العدو .تسلم لي",,إلى أن غرّد الكروان بدرتهما "حبيبي يامتغرب " قبل الوداع بقليل,,,,,,,,,,,
"لقاء محمد عبد الوهاب" مجرد لقاءه كان أمل كل الحالمين بالغناء..فمابالك بالغناء من ألحانه,,
فوجيء "محمد عبد الوهاب" بفتاة نحيلة تقتحم مسرعة عليه بهو الفندق الذي يقيم فيه وسط دمشق حيث كان أمّ سورية لإحياء مناسبة قومية ,,وترتمي الفتاة بين يديه باكية متشبثة بثيابه,"أستاذ محمد ارجوك اسمعني,مش راضيين يوصلوني ليك.....)هدّأمن روعها وأجلسها بجانبه وسألها بطريقته المعروفة"مالك يابنتي,ايه حكايتك"فقصت عليها كيف سافرت إلى القاهرة وكان كل أملها في لقاءها ولكن كلما سألت عنه قيل لها "في الحمام" أو مش موجود,,,ربت على كتفها وقال لها ,(لما تيجي مصر ابقي كلميني) وعادت تصرخ ,,مش حيوصلوني ليك,,فقال ضاحكاً"لأ ,ده الكارت بتاعي,تديه للبواب وهو حيوصلك عندي"
تُرى هل كان لفقدان "فايزة" لطفلتها تأثير في اختيار عبد الوهاب هذا,,أم تراه كان واثقاً كل الثقة من أنها خير رسول لتلك الكلمات وذاك النغم,,ولكن ,,هل كان يشك بأنه يهدي الكروان لحناً للخلود
تقول "الأسطورة" أنه في اليوم العشرين من شهر مارس في العام ألف وتسعمائة وثمانية وخمسين,,توجه الشاب "الرومانسي" الوسيم لزيارة أمه ,,ووجد المصعد معطلاً,,وكانت والدته تسكن الطابق السادس,,فصعد على السلم وما إن وصل باب شقتها حتى تذكّر أن الغد هو الحادي والعشرين,,إنه "عيد الأم",,لقد فاته إحضار هدية لها,,,ماذا هو فاعل,,وكيف سيعاود الهبوط ومن ثم الصعود "سنة طوابق" مرة أخرى؟؟؟
لم يضيع الشاب وقتاً,,جلس على السلم وأخرج من جيبه وريقة وقلماً وخط لأمه تلك الكلمات ,,,
ست الحبايب ياحبيبة ,ياأغلى من روحي ودمي
ياحنيّنة وكلك طيبة ,يارب يخليكي ياأمي
زمان سهرتي وتعبتي وشلتي,من عمري ليالي
ولسه برضو لدلوقتي ,بتحملي, الهم بدالي
أنام وتسهري وتباتي تفكري,وتصحي من الأدان
وتيجي تشقّري,,يارب يخليكي ياأمي
ياست الحبايب ياحبيبة
وضع يده على الجرس,قرعه,لتفتح "ست الحبايب" وليقدم لها ورقةً مطوية,,تفتح الأم الورقة دهِشةً,,لتقرأ,,وليتخيل كل منا مايشاء,,,بصي ياأمي بكره الصبح حتسمعيها في الراديو,,,
ويتصل بمحمد عبد الوهاب ,ويسمعه الكلمات ,ويكتبها عبد الوهاب ويلحنها في دقائق معدودات ,ويسجلها بصوته صباح يوم عيد الأم "اليوم التالي"على العود,,ويرسل ل"الكروان"فتوافيه في منزله ,لتحفظ اللحن, وتسجله في الإذاعة ,,حتى إذا ما دقت الساعة معلنةً العاشرة والربع مساء يوم الجمعة الحادي والعشرين من مارس العام 1958 كانت الإذاعة تبث عبر أثيرها لحن الخلود"ست الحبايب" بصوت كروان الشرق,,
و,,,تراهنني ,,أن الأمر لم يقف عند هذا الحد,,مع "عبد الوهاب"
قد نلتقي غداً لنواصل التحليق مع الكروان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب