الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشكالية الديموقراطية والأصلاح السياسي في العالم العربي

عواد احمد صالح

2005 / 10 / 23
ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي


تمثل قضية الديمقراطية والإصلاح في العالم العربي إشكالا مزمنا وبدرجات متفاوتة ومتقاربة في كل الأقطار العربية ذلك لسبب جوهري وحاسم : عدم توفر الشروط المادية والتاريخية المتكاملة للتغيير والإصلاح الديمقراطي رغم ان العالم يشهد اتجاها في المرحلة الحالية على المستوى العالمي نحو الديمقراطية والتعددية يجعل من الديمقراطية ربما خيارا ممكنا وواقعيا في المرحلة الراهنة على الأقل رغم أن ذلك لا يلغي خيارات أخرى الآن او في مراحل تاريخية قادمة . وذلك للأسباب التالية :
1. التخلف الاجتماعي الشامل وهيمنة الثقافات الدينية والعشائرية حيث ان هناك ركام من السلوكيات والتقاليد الموروثة مترسب في اللاوعي الجمعي للجماهير . ان عمليات التحديث الجزئي التي نشأت بعد مرحلة التحرر الوطني من الأستعمار وتغير اساليب الحياة لم يحد الا بصورة جزئية ومحدودة من ذلك التخلف .
2. غياب الأرضية المادية للتغيير الديمقراطي أي عدم تطور القوى المنتجة بالقدر الكافي ، عدم نشوء طبقة برجوازية ثورية تقوم بثوير وسائل الأنتاج ونقل المجتمع من تركيبته الهلامية العشائرية الدينية البرجوازية الصغيرة ، وهيمنة الطابع البطريركي والفلاحي في معظم مناطق الأرياف الى مجتمع صناعي حيث يكون الأنقسام الطبقي مركزا ومحدودا لصالح طبقتين رئيسيتين : البرجوازية والبروليتاريا .وذلك لسببين الأول موضوعي يتعلق بطبيعة النظام الرأسمالي الإمبريالي فقد اثبت كثير من المفكرين والكتاب الماركسيين وفي مناسبات عديدة ان آلية اشتغال النظام الأمبريالي تفرض تكريس علاقة غير متكافئة بين المركز الرأسمالي المتقدم والأطراف المتخلفة وذلك لضمان بقاء بلدان الأطراف اسواقا لتصريف المنتجات والحصول على المواد الاولية والتخلص من عامل المنافسة مع السماح بقدر محدود من الصناعة التحويلية المعتمدة اساسا على التقنية الرأسمالية ، وبذلك تكون البرجوازية المحلية تابعة لرأسمالية المركز وهامشية ومرتبطة دائما بالنظام الرأسمالي العالمي وقد اطلق الماركسيون عليها تسمية البرجوازية الكومبرادورية أي الرسمالية التابعة.
اما السبب الثاني فهو سبب ذاتي نابع كما اشرنا من الطبيعة الأجتماعية والسياسية للمجتمعات العربية فهي مجتمعات قولانية (تتقول اكثرمما تفعل ) واتكالية وقدرية توعز كل معضلات حياتها الى اسباب خارج ارادتها محكومة بشكل مطلق ببنية ثقافية قدرية ودينية تحاول دائما ايجاد تبريرات وتفسيرات لجميع ظواهر الطبيعة والمجتمع والصراع مع الآخر بناء على المعطى والموروث الديني والثقافي الناجم عن الطبيعة العشائرية والبطريركية لتلك المجتمعات .
هذه العوامل وغيرها تنتقل دائما الى البنية الفوقية للأنطمة والطبقات السائدة العربية وتمثل في معظم الحالات بمثابة كوابح وعوائق شديدة امام محاولات التحديث والتطوير الرأسمالي والديمقراطي ، فكلما جرت محاولات على هذا الطريق نراها بعد فترة تمر بمراحل نكوص وتراجع ، هذا مع ان التنوع الثقافي في العالم العربي والذي يصاحبه تنوع ديني وعرقي وطائفي يشكل دائما عامل اختلاف وتنازع ويسهم في المحصلة بأعاقة عملية الانتقال الى مجتمع الحداثة والديمقراطية ، وربما ستظل هذه العوامل لحقب قادمة عوائق امام الأصلاح السياسي الجذري للأنظمة القائمة وعقبة في طريق التحول الى ديمقراطية حقيقية على النمط الغربي .
ان التحول الديمقراطي والأصلاح السياسي سيظل مرهونا بالتطور الصناعي والتبدل الجذري في البنى الثقافية وفي مقدمتها التصرف والسلوك الفردي واحترام الرأي الآخر وسيكون ممكنا كلما خفت الهيمنة والسيطرة الإمبريالية مع ان هذا لايلغي ضرورة دفع المجتمعات العربية والأنظمة العربية واشعارها دائما ومن الخارج بأهمية وضرورة الأصلاح السياسي والديمقراطي كما لابد من تغير كثير من قناعات الناس وطريقة تفكيرهم وطبيعة نظرتهم الى الآخر المتقدم عنهم صناعيا وحضاريا والأستفادة من منجزاته على مختلف الصعد .
ان القوى الأجتماعية والسياسية ( العلمانية واليسارية ) والتي تفكروتعمل على تطوير وتحديث المجتمعات العربية مازالت ضعيفة ومعزولة ومحدودة التأثير في أوساط الجماهير لسبب هيمنة النسيج الفكري والعقائدي الموروث وتأثيراته في الشارع العربي حيث مازال الإنسان العربي يبحث دائما عن المثال في الماضي لا في المستقبل وفي كل الأوقات والظروف يستحضر ذلك المثال ويسحبة على الأحداث الجارية في الحاضر .
ان الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية العربية تجد امتدادها في التاريخ العربي والتكوين الإجتماعي والاقتصادي والفكري وارضيتها التي تقف عليها في التفكير الجماهيري السائد بضرورة طاعة ولي الأمر والانقياد لسلطته التي تمثل امتداد لسلطة شيخ القبيلة أو من قدسية سلطة المعتقدات. لذا فأن الفرد العربي ورث في اللاوعي الجمعي فكرة انمحاء شخصيته وضعفه امام مجموعة من السلطات المهيمنة والمقدسة سلطة الحاكم ، سلطة القبيلة ، سلطة الديانة المقدسة ، سلطة الخلافة والموروث الذي يعتبر دائما أنموذجا للخير والصلاح . ولذلك فأن جنوحه نحو التغيير والتطور يكون دائما ضعيفا ومحدودا جدا بل انه يخشى التغيير والإصلاح بحجة ان القادم قد يكون أسوء من الموجود ، من هنا فأن مسيرة المجتمعات العربية ظلت خلال مختلف العصور مسيرة سكونية (ستاتيكية ) وكانت التغيرات دائما تحصل من فوق وليس بفعل ارادة جماهيرية واعية .
ان الفرد العربي المعاصر بحاجة الى ان يعي ان نظرته الى ذاته والعالم المحيط به يجب ان تتبدل وان الأيمان بالتكافؤ والمساواة بين البشر واحترام وجودهم وحقهم في الحياة والتطور لابد ان تكون معايير ثابتة للتعامل مع الآخرين وان ذلك سيعيد التوازن الى الذات العربية المنجرحة ويخلصها من كثير من الأوهام الضارة والمواقف الشوفينية . وذلك لن يتم الا في اطار حركة اجتماعية شاملة تجعل من التغيير أسلوبها ومحتواها .. وعندما يصل الإنسان العربي الى مستوى الوعي والتفكير بضرورة التحول والتغيير .. ستكون اهم اللبنات قد وضعت على طريق الحداثة والإصلاح السياسي والديمقراطية .
22 أكتوبر 2005









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو