الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يعني شيئاً

عبد الرحمن جاسم

2005 / 10 / 23
الادب والفن


لا يعني شيئاً أن لا نرى النور... لا يعني شيئاً أبداً... ولا يعني كذلك أن نقف بعيداً عن الشمس ونقول أنها غير موجودة، أيضاً ذاك لا يعني شيئاً... لا يعني شيئاً أن نحاول اخفاء الضوء بأيدينا، ونتبجح بأنه لا يُرى، وبأن العتمة هي سحر الأشياء... فمهما قلنا.. الحقيقة لا تقبل الشك... أو لربما غداً...
لا يعني شيئاً أن نقف بصمت في وجه وسط يتكلم، لإننا لن نستطيع سماعهم، في حالنا هذه، وهم لن يتوقفوا عن الكلام، وما حالنا هذه؟ إنعدام الثقة بين الداخل والخارج، بين فسيفساء روحك، والأنغام الخارجية لها... مزج الشيئين ببعض ينتج أنت، وتمزقهما... يخلق مسخاً... أو لربما غداً...
لا يعني شيئاً أن نستيقظ في الصباح، ونقول لم يأتي يومٌ جديد، والفجر لم يظهر ههنا، الفجر خرج منذ وقتٍ بعيد، لم يعد لعندنا، لأننا لم نرد...بعد... الذنب ليس ذنبه أبداً... الذنب ذنب من؟ سؤال فلسفي... والجواب.. للأسف الجواب جداً منطقي... أو لربما غداً...
لا يعني شيئاً أن تكفر بأفكارك، وتعود للإيمان بها مدعياً اختبارك لصحتها ومتانتها، لماذا كفرت بها إذا؟ أنت عدت لها لأنك لم تجد أفضل، لا لأنها تريحك، ولكن لأنها أفضل السيء... ولأن اختياراتك الباقية محكومة إما بالفشل... أو الضياع... أليس ممكناً؟ أو لربما غداً...
لا يعني شيئاً، أن تغير عاداتك وصفات روحك... لا يعني شيئاً، لأنك -وبكل هدوء أقولها- لن تحرز شيئاً، فروحك لا تغير، هي كبصمتك الجينية، غير قابلة للنسخ أو التطابق مع غيرها، ثم إن عاداتك، هي نتاج عشرات السنين، وحتى مئاتها، منذ زمن جدك الأكبر وحتى يومنا هذا... لا يعني شيئاً... أبداً... أو لربما غداً...
لا يعني شيئاً، أن تقول لا يضايقني شيء، فأنت كذاب، ولكي أكون لطيفاً، قد تكون واهماً، لأنك بطبيعة الأحوال متضايق، من حياتك، من بيئتك، من ظروفك... فحتى الأغنياء، ليسوا بسعداء، وسواء بعدت الأسباب أو قربت من بعضها... فالنتيجة واحدة... الإنزعاج والحزن... هما من صفات الكائن البشري... وليس اختياراً... فلا يمكنك بالتالي... رفضه... أو لربما غداً...
لا يعني شيئاً أن ترى خطأً فتهز برأسك ساخراً، فأنت لم تغير شيئاً، لم تحدد مساراً ليمشي عليه أحد، ولم تقف معارضاً، ولم تقبل. باختصار، كنت لا شيء.. أجل لاشيء... لم تقف مكان الأبيض أو الأسود، حتى لم تكن حجر شطرنج قديم... فأنت لم تمثل دوراً حتى... باختصار شديد... لم تكن شيئاً... أو لربما غداً...
لا يعني شيئاً، أن تخبر أشخاصاً لا يريدون أن يعرفوا، بأنهم لا يعرفون، تلك مهاترة، فأنت تجهد نفسك، وتتعبها، وتتعبهم، وعقولهم الصغير... فلا أنت تحرز تقدماً، ولا هم يتغير فيهم شيء، النتيجة المؤثرة، تعبٌ وأرق يصيبانك، وملل وكراهية يصيبانهم.. أو لربما غداً...
لا يعني شيئاً، أن تفلسف كل الأمور، وتتحدث كما لو أنك تفهم في كل الحقول، فأنت تعرف أن هذا غير صحيح، وأنك لا تعرف كل شيء، ولا حتى الأشياء التي تتباهى بمعرفتها، هي معارف كلية، فمهما تطورت معرفتك، لا يزال علمك قليلاً، فلا يعني شيئاً تباهيك بمعرفة... فمن يعرف... يعرف أنك تكذب... أو لربما غداً...
لا يعني شيئاً، أن تحول أن تعود للطبيعة، وتجعل من نفسك نباتياً، وتحدث الناس بفوائد العودة والرجوع، مع أنك تعرف أنه حتى الطبيعة اليوم، هي ليست طبيعية، وبأنه حتى النباتات تأكل المواد الكيماوية التي تأكلها أنت، إن لم تأخذها من المزارع أخذتها من المستهلك مباشرةً... فتخيل أن تتحدث عن النباتية وأنت تستهلك تفاحاً، أكل البارحة "همبرغر"... أو لربما غداً...
لا يعني شيئاً، أن تعلن رفضك للإيمان، فأنت تعرف أنه لابد من خالق، أو صانع، أو مبدع... يمكنك أن تنكر كي تتحداه، كي تريه بأنك موجود، ويمكنك القيام بذلك، يمكنك لكن لا يعني شيئاً، فهو إما لا تعنيه، فهو لا ينظر إليك أبداً، كما تعتقد، إما لأنك لا تهمه، لأنه –ببساطة- لو اهتم لأمرك، لتصرف... يضايقك الأمر، لكن لا يعني شيئاً... أو لربما غداً...










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-