الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطي لا يُلدغ من نفس الجحر مرتين

مالوم ابو رغيف

2015 / 9 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الديمقراطية حسب الفهم الشرقي لها تتناقض بين اعتباراتها السياسية وبين مدلولات واقعها الفعلي في البلدان الشرقية التي تتبعها كنظام، مثل العراق ولبنان، فالمعنى الحرفي للكلمة يشير الى حكم الشعب، على افتراض كون الشعب واعيا سياسيا وثقافيا ومؤهل لتحمل مسؤلية الاختيار وقادرا ايضا على تصحيح الاختيارات الخاطئة، فالديمقراطي الحقيقي لا يمكن ان يلدغ من نفس الجحر مرتين.
الديمقراطية بمعناها السياسي تعني الوصول الى السلطة بنزاع سلمي غير انقلابي وغير تناحري وعبر صناديق الانتخاب، واذا كانت هذه الفرضية صحيحة عند الغرب، فان صناديق الانتخابات في دول الشرق هي من مستلزات الـعرض show)) وليس الفاصل، فالحسم دائما ما يكون خلف الكواليس.
في الغرب عادة ما يتناوب الحكم حزبان يكادان لا يتغيران، وان اختلفا هذان الحزبان في سياسة فرض الضرائب وطرق وسبل تخفيف معدلات البطالة، فهما غالبا لا يختلفان في ادارة سياستهما الخارجية، اذ ان المصالح interests هي التي تحدد نوع العلاقات وليس المبادئ principles،
ان المصالح التي تحظى بالاولية عند الحكومات الغربية، بقدر ما يتعلق الامر بالسياسية الخارجية هي المصالح الاقتصادية. بينما على الصعيد السياسي الخارجي لا يكترث كثيرا بمصالح الشعوب وان تناقضت المصالح مع مبادئها، او حتى لو تناقضت مع الشعارات والمباديء السياسية العامة للدولة، لذلك قالوا، لا توجد صداقات دائمة، انما مصالح دائمة.
وكمثال على التناقض بين الحكومات الغربية مع شعوبها هو استمرار بيع الاسلحة لتركيا وللسعودية ولدول الخليج رغم العدوانية السافرة لهذه الدول، او التناقض الفاضح بين مبادئ الحزب الاشتراكي الفرنسي المعلنة وسياسته في السعي الحثيث لتعزيز العلاقات مع دول لا تحترم حقوق الانسان ومتورطة في الارهاب مثل امارة قطر لقاء استثمارت قطرية في فرنسا تقدر بمليارات الدولارات. وكذلك التناقض المخزي بين سياسة الادارة الامريكية المعلنة ضد الارهاب وبين تدريبها وتمويلها وتسليحها للفرق والجماعات الارهابية كما كان الحال في افغانستان وفي سوريا اليوم.
بينما الديمقراطية الداخلية، وهي منظومة علاقات ومباديء الاجتماعية وسياسة وقانونية وثقافية، لا يمكن المس بها دون عواقب غير مسرة، ذلك انها تمثل كرامة الانسان التي يجب ان لا تخدش، ولا يمكن لأي ادارة حكومية غربية، ان تتناقض بشكل سافر مع مباديء الديمقراطية الداخلية، لأن ذلك يعني المغامرة بخسارة الانتخابات المقبلة، فالشعوب الديمقراطية مؤهلة لحسن الاختيار ولها القابلية الفكرية والثقافية على تصويب اختياراتها وتصحيح اخطائها.
الديمقراطية في الشرق من حيث الشكل لا تختلف كثيرا عن عن تلك الموجودة في الغرب، فالشكل يبدو متناغما مع شعارات مصلحة وحقوق الانسان ، لكنه شكلا مخادعا، اذ انه يغطي على تشويه يتناقض معه، ذلك ان جوهر الديمقراطية في الدول الاسلامية مبني على المبدأ المخادع ( امرهم شورى بينهم) وهو مبدأ راسخ في ذهنية الاسلامي الشرقي الخاضع فكريا وروحيا لرجال الدين وشويخ العشائر ورجال السياسة المتنفذين.
الديمقراطية الشرقية في حقيقتها نزاع تناحري عدائي وحرب غير معلنة بين اطراف همها الوصول للسلطة للانتقام والتشفي والتآمر والسرقة وخداع الناس والضحك على ذقونهم والتنصل من الوعود والعهود. ذلك وفي كل متغيرات الظروف والشروط يبقى حزب الحكومة هو الغالب دائما. هذه الغلبة قد تكون عن طريق التلاعب والتزوير او غلبة صحيحة، ففي مجتمعات التخلف تطغى الروح الانتهازية بقوة على اختيارات اغلب الشرائح الاجتماعية، ونعني بالروح الانتهازية هنا، روح الرضوخ لاغراءات الحكومة وضغوط كهنوت الدين وشيوخ العشائر.
ننائج الديمقراطية في الشرق غالبا ما تكون لصالح حزب الحكومة ، وتعني ايضا انعدام أي فرصة لفوز المعارضة في الانتخابات حتى لو كانت كل التوقعات تشير لصالح فوزها. لذلك جاءت المحاصصة الممكيجة بديمقراطية التوافق كأختراع لايهام الناس بتحقق الاجماع العام.
الديمقراطية السياسية حتى وان تحققت، لا تهم الناس كثيرا، اذ ان الالية التي تدار بها الدولة هي آلية فاسدة.
نقول آلية فاسدة، ذلك ان في الدول العربية والاسلامية، وعندما يدور الحديث عن الديمقراطية، فان المقصود دائما معناها السياسي وليس الاجتماعي او الحقوقي، لان معناها الاجتماعي والحقوقي يتعارضان مع مباديء الاسلام وجوهره المبني على مبدأ الخير ما اختاره الله.
الديمقراطية السياسية تصبح ليس ذات معنى اذا لم تتحق الديمقراطية الاجتماعية والحقوقية، ذلك ان اهم مباديء الديمقراطية هي الحرية الشخصية والحريات العامة وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، فــ بدون الحرية الشخصية والعامة وبدون المساواة وبدون العدالة الاجتماعية سيكون الشعب غير قادرعلى حسن الاختيار الذي يمثل حجر الزاوية في البناء الديمقراطي، فالشعوب التي لا تحسن الاختيار هي شعوب غير مؤهلة للديمقراطية بعد، لانها ستلدغ من نفس الجحر عشرات المرات ولنا في تجربة العراق دليلا على ما نقول.
الديمقراطية السياسية هي لعبة الاحزاب للوصول للثروة والنفوذ والسيطرة على السلطة، فاذا كانت الاحزاب وخاصة الدينية في الشرق عصابات ومافيات ووكالات للدول الاجنبية وواجهات لغسيل وتهريب الاموال، فاي نفع واي انجاز قد تحقق للشعب في العمل بها؟ الا تصبح الديمقراطية فخا لاصطياد المغفلين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثقافتين مختلفتين
nasha ( 2015 / 9 / 23 - 00:30 )
الاستاذ الفاضل مالوم ابو رغيف
قضية الديمقراطية في بلداننا تشبه استعمال برنامج كومبيوتر مصمم ليتوافق مع نظام ويندوز ويراد تشغيله على كومبيوتر ماكنتوش.
الفروق الثقافية وطريقة التفكير كبيرة بين ثقافتتا وثقافتهم.
لم ينجح اليسار ولا القومية في السابق ولنفس السبب لن تنجح الديمقراطية ايضاَ.
نحن المغتربين نعي ذلك تماماً لاننا عايشنا الثقافتين ومارسناهما ولكن الشعوب لا تعي ذلك ويستحيل اقناع الناس العاديين فوراً بالكلام بدون ممارسة فعلية.
الطريق طويل ويحتاج الى وقت وعدد كبير من المثقفين المنفتحين ثقافياً على الثقافات العالمية لتبديل طريقة تفكير الناس والاندماج في الثقافة العالمية العامة .
تحياتي


2 - القيم الجديدة
مالوم ابو رغيف ( 2015 / 9 / 23 - 09:26 )
الاخ ناشا
تحياتي لك
اتفق معك كليا، ان الديمقراطية ثقافة قبل ان تكون ممارسة سياسية، وهي ثقافة مجتمعات مختلفة كليا عن مجتمعاتنا الشرقية التي هي من صنف الثابت وليس المتحول.ـ
في الغرب، الثقافة والتطور الاجتماعي لا يعرف خطوط حمراء او محرمات يقف عندها ولا يحق له تجاوزها، اما المجتمعات الشرقية فان سلطة الدين والمجتمع تمنع كل شيء جديد، فالراديو ماكان ليسمح به رجال الدين لولا ان قيل لهم انه سيستخدم باذاعة القرآن ونشر الدين الاسلامي، لذلك كانت محطات الراديوا فتتتح برامجها بالقرآن وتنهيها بالقرآن، ولا زالت بعض المحطات مستمرة على ذلك اضافة الى بث الآذان.ـ
الشعوب الشرقية ضحية تثقيف خاطيء، لذلك تعتقد ان الدميقراطية هي الانتخابات فقط، لذلك تعتقد انها غير قاصرة على الادلاء باصواتها، ولا يخطر عليها ان الديمقراطية هي تربية فكرية وثقافية وقانونية وان حتى الدين في المجتمعات الديمقراطية اصبح ديمقراطيا، فقد انهارت كثير من القيم السابقة ودخلت قيم جديدة تتلائم كليا مع القيم الديمقراطية والتي لا يمكن للاسلام القبول بها.ـ
زهذا ما لا تستطيع المجتمعات الشرية فهمه واستيعابه، اذ انها ضد العصرنة والحداثة

اخر الافلام

.. القاتل الصامت.. ظهور أمراض فتاكة في غزة جراء تراكم جبال القم


.. شركة ألمانية تنجح بإطلاق صاروخ فضائي وقوده الشمع




.. محل نقاش | يحيى السنوار.. هل هو -مقاوم- أم -مغامر-؟


.. وفاة نجل رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان




.. مقتل 37 شخصا جراء فيضانات في البرازيل