الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو مقاربة واقعية للمشكلة الأقتصادية

أحمد إبريهي علي

2015 / 9 / 23
الادارة و الاقتصاد


كان المعدل اليومي لصادرات النفط الخام عدا كردستان 3.1 مليون برميل يوميا من بيانات شهري تموز وآب عام 2015. وسعر نفط برنت 49 دولار وغرب تكساس 47 دولار للبرميل تقريبا في 22 ايلول. وعند زيادة الصادرات إلى 3.350 مليون برميل يوميا، وسعر النفط العراقي 45 دولار، تكون قيمة الصادرات لسنة 2016 تقريبا 55 مليار دولار ما يعادل 64 ترليون دينار، وبسعر 50 دولار للبرميل يرتفع التقدير إلى 60 مليار دولار يعادل
71 ترليون دينار عراقي بسعر الصرف الرسمي الحالي. وبإضافة الإيرادات من غير النفط واقتراض لتمويل العجز بين 20 إلى 25 ترليون دينار يصبح اعلى سقف للأنفاق 100 ترليون دينار في العراق عدا كردستان. لكن هذا السقف ينطوي على قدر من المخاطرة ومن الأفضل مراجعة مقترحات التخصيصات وتهذيبها حول 90 ترليون دينار. ومراقبة تغير اسعار النفط والإيرادات غير النفطية وفرص تمويل العجز ووقائع الطلب على العملة الأجنبية خلال السنة وتعديل الموازنة تبعا لذلك كله.
ولا شك ان نقص العملة الأجنبية من المورد النفطي ( عجز ميزان المدفوعات الخارجية) والذي سوف ينعكس في استنزاف المزيد من الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي هو المتغير الحاسم في المنظومة كلها. فإذا انخفض طلب القطاع الخاص على العملة الأجنبية و/او ازدادت مبيعات وزارة المالية منها إلى البنك المركزي تتسع فسحة تمويل العجز من الداخل ويرتفع السقف المسموح به للأنفاق.
ومن المعلوم ان تقييد الأنفاق الحكومي يؤدي إلى تحجيم الطلب الكلي على مجموع السلع والخدمات، وهذا العامل يدفع نحو تقليص النشاط الاقتصادي وقد تزداد البطالة بهذا القدر او ذاك . وإن دفع النشاط الاستثماري للقطاع الخاص له أثر تعويضي يتناسب مع حجم الزيادة الممكنة لذلك النشاط . لكن لا تجوز المبالغة كثيرا من هذه الزاوية لأن استثمارات القطاع الخاص تتجه، عادة، نحو انشطة التوزيع والخدمات في اغلبها ومنها النقل والتجارة والسكن و خدمات السياحة وسواها. والتوسع في تلك الأنشطة يولد المزيد من الدخل ثم الطلب على السلع، واغلبها مستوردة، فيضغط مجددا على ميزان المدفوعات الخارجية وهو نقطة الضعف في الوضع الحالي.
إن هشاشة الوضع الاقتصادي نتيجة منطقية لتعثر او توقف التنمية لعقود خلت ما ادى إلى توسع الاقتصاد على قاعدة صغيرة من الإنتاج الزراعي والصناعي. وكأن التاريخ يعيد نفسه فبعد انحسار المورد النفطي ثم استنزاف احتياطيات البنك المركزي نهاية عام 1983 اعتمدت الحكومة على الاقتراض الخارجي، والداخلي من المصارف والبنك المركزي، حتى وصلت الديون الأجنبية إلى 82 مليار دولار نهاية عام 1988. وقدمت سنوات الحصار، فيما بعد، وصفا دقيقا لاقتصاد العراق عندما يجرد من المورد النفطي ن عندما وصل الناس في بلادنا حد المجاعة.
ومنذ عام 2003 جرى الترويج بحماس لتوجه جديد هو ان قطاع الأعمال الخاص والاستثمار الأجنبي، في ظل نظام الاقتصاد الحر، كفيلان بالازدهار الاقتصادي والتنمية وكأن هذه العملية المفترضة تجري بتلقائية تامة!. وما آل إليه الاقتصاد ان ناتج الزراعة و التعدين من غير النفط والصناعة التحويلية عام 2014 يقدر باقل من 20 ترليون دينار وهو أدنى من نصف الرواتب ومدفوعات التقاعد لمنتسبي الدولة كما في الجدول ادناه.
الناتج المحلي الإجمالي للعراق عام 2014
القطاعات الناتج المحلي الإجمالي
مليارات الدنانير
بالأسعار الجارية الأهمية النسبية من الناتج غير النفطي
% الأهمية النسبية من مجموع الناتج
%
الزراعة 10902 7.7 4.1
التعدين غير النفطي 934 0.7 0.4
الصناعة التحويلية 7608 5.4 2.9
الزراعة والتعدين غير النفطي والصناعة التحويلية 19444 13.7 7.4
الكهرباء والماء 4922 3.5 1.9
التشييد والبناء 20401 14.4 7.8
الأنشطة السلعية عدا النفط الخام 44767 31.6 17.0
انشطة التوزيع والخدمات 96944 68.4 36.9
مجموع الناتج عدا النفط
الخام
141711 100.0 53.9
النفط الخام 121131 46.1
الناتج مع النفط الخام 262842 100.0
مصدر البيانات: الجهاز المركزي للإحصاء، التقديرات الأولية الفصلية والإجمالية للناتج المحلي الإجمالي ، آذار 2015 ، الجدول رقم 5.
وبتعبير آخر لا تقوى الزراعة والصناعة الآن وحتى لثلاث سنوات قادمة على زيادة الإنتاج بما يساعد على تقليل المستوردات او زيادة الصادرات بمقادير لها اهمية بسبب ضآلة الوضع الابتدائي. كما انهما وعلى هذا الحال من غير المنتظر ان تسهما في تمويل الأنفاق العام حتى بما يعادل مبلغ الإعانة المتمثل بالقروض ودعم اسعار الحبوب وغيرها.
و لأن الموارد من جميع مصادرها محدودة يصبح التقشف لا جدال فيه ومن الأفضل تشذيب الأنفاق في سياق إصلاح اجهزة الدولة عبر إعادة البناء على الأساس الوظيفي ومبدأ الكلفة – الفاعلية. وإلى جانب هذا المسعى يعاد النظر جذريا بمنظومة الاستثمار الحكومي بكيفية مبينة في محلها.
ومع الأدراك بأن الصخب السياسي والعنف عناصر منافية لتشكل البيئة المناسبة لوضع الاقتصاد الوطني على المسار الصحيح، لكن الإصرار على مغالبة هذه الإعاقة هو الموقف الأكثر عقلانية. ولهذه الغاية، ورغم مختلف الذرائع وما قد يقال، يبقى الحل في المباشرة من الآن بإرساء المقدمات الضرورية لنمو موسع ومعجل محوره التصنيع.
اما في الأمد القصير من المفيد عدم تشتيت الموارد والجهود في التصدي للفقر والاكتفاء فقط باتخاذ الأسرة اساسا لسياسات الاقتصاد الاجتماعي. وفي البدء نقترح تعريف الفضاء الذي يحتوي الأسر الفقيرة بتلك التي لا يدخلها راتب من الدولة ، لمنتسب او متقاعد من افرادها، لنتحرى عن الفقراء ضمن هذه المجموعة بعد استبعاد الميسورين وهم الأغلبية، وهذا دليل بمنتهى الوضوح يتناسب مع الإمكانات الإدارية للدولة في راهنها. اما إعانة البطالة والضمان الاجتماعي للجميع والاهتمام بالشباب والمرأة والطفل فهذه يؤجل الحديث عنها إلى وقت مناسب . وذلك لأن التركيز والوضوح والقصد العملياتي في غاية الأهمية للسياسة الاقتصادية.
معالجة البطالة، ظاهرة ومقنعة، تتطلب طاقات إنتاجية مضافة لتوليد فرص عمل حقيقية بإنتاجية تسمح بالدخل الكافي لمستوى معيشي لائق. ومن المتعذر تأسيس طاقات إنتاجية دون تراكم رأسمالي اي استثمار في العراق يمول بالادخار الوطني. وهو من جملة المقصود بالنمو الموسع والمعجل والذي محوره التصنيع. وفي سياسة الاقتصاد الاجتماعي التي تتخذ من الأسرة اساسا لها يعتنى بالعاطلين عن العمل في تلك الأسر الفقيرة وليس الجميع لأن الإمكانات محدودة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيارة شي جينبينغ إلى فرنسا: تعاون اقتصادي مع باريس وبحث التو


.. إلى أي درجة يستطيع الاقتصاد الإسرائيلي تحمل تكاليف الحرب؟




.. هل يواجه الاقتصاد الإسرائيلي مخاطر الركود التضخمي؟ وما معنى


.. تعمير -هاني العسال وكيل غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 10-5-2024 بالصاغة بعد