الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسكوت عنه والمقموع في النص الأدبي

سعاد جبر

2005 / 10 / 23
الادب والفن



دراسة تطبيقية في نص شهاب للكاتب إبراهيم الداقوقي
يعد النص القصصي ، مساحة واسعة الإسقاطات الأديب اللاشعورية على النص ، وعوالم واسعة لبث المكبوتات ، ولغة المسكوت عنه والمقموع ، وهنا يرتقي النص الأدبي في لغة التعبير ضمن مساحات أوسع من لغة الثقافة المباشرة ، و تدور تباعاً فنيات الوصف القصصي في إبداعية التعبير عن المسكوت عنه والمقموع ، وملحمة صراع الخير والشر في الحياة ، و تتشكل في أتونها عمومية الأيدلوجية من اللوحة التفكيكية للواقع في تناثرات لغاتها الجزئية على النص في ظلال التفرد الإبداعي ، وتسليط الأضواء على الخاص ، في اختزالات الأديب للحظات مقتنصة من لوحة الواقع ، وتتنوع صورتها الفنية بين مساحات المتخيل في الماضي البعيد أو القريب أو الآن الحاضر ، وهنا تنبعث جذورها في ظل رؤى ايدلوجية للكاتب في الوجود والإنسان والحياة ، بحيث تتشكل في لوحة فنية إبداعية ، تصقل جمالياتها إبداعية التصوير الفني ، والمتتبع للروائع الأدبية يجد خطوطا متنوعة في فنيات التصوير الفني في القص ، التي تنقل القارئ ببراعة إلى مساحات الحدث المتخيل واستشعار كافة حراك اللحظات هناك ، في مقطع جزئي من لوحة المجتمع ، ولاتعد تلك الفنيات المبذولة لتشكيل تلك اللحظة حياة على النص مسألة عبثية ، وانما تعد مسألة جوهرية في النص و تحمل جذور رمزية في لغة التعبير، وبالأخص في تشكيل لوحة المسكوت عنه في النص ، لذلك نجد شارلز ديكنز في قصصه يأخذ القارئ إلى وصف دقائق الموقف بحيث لا يترك جرة ملقاة على الأرض أو قطة كانت منكمشة إلى جانب أحد السجناء ، بل انه يصف للقارئ نكهة الرائحة في الأزقة بحيث تنتقل معه إلى جو قصصه بجاذبية مطلقة وليس ذلك لغاية الحياة في النص فحسب ، بل لرؤى مخبأة يسعى الكاتب لإظهارها عبر المكان والشخوص وربما ما لانعيره اهتماماً في حياتنا ، في حين أن تولستوي يتسارع مع القارئ على هدير موجات بحرية متلاحقة ، فيجري بك جريا في وصفه ، فهو لا يكاد يقف بك في مكان واحد ، ولعله يسارع إلى وصف أنماط من البشرية يمثل لها ببعض الشخصيات ، ويهمه أن يصف لك ما يتعلق بالشخصيات اكثر من اهتمامه بوصف الأماكن ، وفي كلا الخطين هنا جوهرة واحدة تتناغم بينهما ، وهي التقاط الخاص من العام ، في رؤية تفردية إبداعية ، ولكن جذورها الكلية تعبر عن ايدلوجية عامة تؤطر الواقع وتبث رسالته في منظور فرداني ، تتشكل فيه رؤى الكاتب ومساحات اسقاطاته على النص في ظل لغة المسكوت عنه ، وربما مساحات الاستبداد التي تعتري عالمنا العربي ، أججت الإسقاطات التي تمكن الأدب عبر أجناسه الأدبية المتنوعة و بجداره من بث معالمها ، في حين أسرت الثقافة العربية في معتقل التدجين ولغة الصمت ، وهذه البؤرة التجريدية التي سلطت الضوء حولها ، تؤكد اجتياز الأدب مساحات واسعة في بث لغة المسكوت عنه والمقموع في لوحة الواقع الفسيفسائية المتضادة .
ويشكل نص ( شهاب ) للكاتب إبراهيم الداقوقي ، لوحة تفردية في عكس الرؤى الأيدلوجية للمجتمع في ظل اختزال لحظة تاريخية مكثفة ، في لغة السرد ، ويسيح النص في ظل معطيات ثقافة المقاومة التي تجتاح مساحات الاستلاب ، وتعلن ذاتها بإباء ، في ظل لغة سردية اتسمت ببراعة فنيات الوصف للشخوص المتحركة حياة على السطور ، وتنوعت الشخوص في النص في ظلال ملحمية ، تؤطر لغة الصراع بين الخير والشر ، والاستلاب والمقاومة من جهة ، وبين شخصية شهاب المركزية التي شكلت البؤرة المغناطيسية للنص ، والتي التفت حولها جميع الشخوص في كافة خطوطها نحو خدمة الفكرة الأم في النص ، والتي تشكل الرؤية المجسدة لثقافة المقاومة ورفض القمع ، والانطلاق من قيود المسكوت عنه ، نحو الحرية وبث الكرامة هيبة على السطور ، والتي تؤول في نهاية النص استشهادا على أبواب الحرية الحمراء .
وتتشكل منظومة الرؤى في شخصية شهاب المركزية على النحو الأتي :
ـ يعد مقطعا من رحلة الكفاح والكدح في مواجهة الظلم وكافة لغات الإقطاعيات في المجتمع
ـ تمثل جيل الشباب الساعي نحو التغيير ورفض كافة لغات الاستلاب في الواقع
ـ تؤكد على النهايات المشرقة في ظلال وحي الاستشهاد حفاظاً على المبادئ السامية في الحياة
أما مساحات رؤى الشخوص الثانوية في النص فتؤكد تنوع الرؤى لتلك البلورة المشرقة في سجل شرف الحياة ( شهاب ) وبين آدمية باردة الإحساس تجاهها وبين تماهيات جنون في تنظير الفلسفة هستيرياً على أعتاب الحياة .
وتتنوع الشخوص الثانوية في أطياف إبداعية في النص ، حيث صقلت مساحات التشويق فيه ، في ظلال عفوية ( زهرة ) وارتسامتها وردة تنبض بالحياة على السطور ، بحيث رصد النص حرراة شحناتها الانفعالية بكافة تجلياتها على النص ، وشخصية ( جاسم ) في سرد الحكمة جنونا ورفضا في الآن ذاته ، ورؤى المجتمع في أوراق شخوصه المبعثرة بين جمعية مطلقة تعشق الحرية ورفض الاستلاب وبين فردانية تحققت في أعلى تسامياتها في ظلال شخصية شهاب .
وتتشكل إبداعية الكاتب في النص عبر فنيات الوصف القصصي وحرية حراك الشخوص في النص ، في ظلال العفوية والفكرة الأم في النص ، بحيث تركت الحرية للسياق ليعبر عن ذاته ، بعيدا عن سيطرة واقتحام رؤى الكاتب النص ، مما نفى التكلف والتصنع في النص ،و أشرقت تباعا عفويته على السطور ، ومضت الشخوص لتعبر بعفوية وانطلاق عن اجوائها الرافضة وكافة أطياف ما تحمله من لغة المسكوت عنه والمقموع على مسرح النص ، في ظلال جماليات الوصف القصصي من جهة ، وواقعية العرض من جهة أخرى .
وانسكبت النهايات في النص في ظلال لغة الشرف و التفاني من اجل القيم والمبادئ السامية في الحياة ، ورفض حالة الاستلاب في كافة صورها ، وهناك ثنائية تختبئ خلف كواليس النص بين الماضي البعيد والحاضر في ظلال لغة الاستلاب في المشهد العراقي ، وهنا تمتدد مساحة شهادة شهاب في النص لتغادر في رمزيتها بعدها الفردي إلى مسرح المشهد العراقي في الماضي البعيد والآن الحاضر ، ليغدو السرد في شهاب هو حكاية الكل في الوطن والحلم في الحرية ومساحات الوطن في الوطن الحالم حرية وإباء على النص .
ولايسعني في نهاية مطاف عبور مساحات إبداعية فنيات الوصف القصصي وروائعها الأدبية إلا أن احيي إبداع الكاتب د. إبراهيم الداقوقي وكل إبداع وانت متتاليات إبداع لاتنتهي في سماءات الأدب الأصيلة .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟