الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمير المؤمنين بوتين

عمار عرب

2015 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم بافتتاح مسجد موسكو الكبير الذي بني في بدايات القرن العشرين وكلفت توسعته وتجديده حوالي ال 170 مليون دولار حتى أصبح تحفة معمارية حقيقية ودعى لافتتاحه مجموعة من قادة الدول الاقليمية الإسلامية والسؤال الجوهري هو لماذا قام الرئيس الروسي نفسه بهذا الافتتاح لمسجد موسكو وماهي رمزية هذا الافتتاح في ظل تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط ...وفي هذا الوقت بالذات ?
في الحقيقة لا يخفى على المتابعين سعي الرئيس الروسي الحثيث لإستعادة الأمجاد الروسية الضائعة ولكن ليس حسب النموذج السوفييتي باعتقادي و إنما حسب النموذج القيصري على أقرب تقدير مع ما يقابله من هيبة إمبراطورية ترضي جنون العظمة و حب الاستعراض المعروف به رجل الكرملين ..
وما يجري في سوريا و أوكرانيا اليوم من أحداث يؤكد هذا التوجه فالدولة القيصرية الجديدة التي يحلم بها بوتين على مايبدو هي دولة مركزية قوية عظمى مكتفية ذاتيا محاطة بمناطق واسعة من دول استراتيجية تمتد قدر الإمكان إلى منابع الطاقة في بحر قزوين وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وبالتالي حوض المتوسط و حتى جزء من أوروبا ...لاستكمال حزام أمني استراتيجي يحمي الدولة المركزية المخطط لها ...
وهذه الدول الحزامية الإستراتيجية هي دول يتم شراء ولائها عن طريق الحصول على جوائز عسكرية وسياسية ودعم دولي وحماية في مجلس الأمن كما يحصل مع سوريا بالتحديد وبعض دول آسيا الوسطى وإيران أو جوائز اقتصادية و إستراتيجية كما يخطط يتم التخطيط له بتأن مع دول كمصر و أيضا تركيا التي لازالت عقبة في وجه هذا المخطط بسبب ميل الأخيرة أيضا إلى نزعة توسعية في الشرق الأوسط على النمط العثماني مستغلة التاريخ المشترك و الخطاب الإسلامي ومن هنا كانت دعوة الرئيس التركي مثلا لافتتاح المسجد ليست مصادفة وانما أراد منها الرئيس الروسي القول لتركيا بأنه لامانع من تحصيل مكاسب توسعية معينة على صعيد النفوذ التركي في المنطقة وفي بحر قزوين و شمال سوريا و ربما بعض دول الخليج ولكن بشرط أن يتم ذلك تحت الظل الروسي و برعايته و التنسيق معه كدولة مركزية راعية لكل شعوب ودول الشرق و حتى الإسلامية منها كإيران وتركيا ...
كما كان وضع بعض دول الخلافة العباسية مثلا عبر التاريخ التي خضعت سياسيا لها ممالك ودول أخرى في المنطقة كدولة مركزية رغم استقلالها السياسي في أمور الحكم ... فذكرني مظهر الرئيس الروسي الداهية وسط هؤلاء القادة محتفلا بشعائر اسلامية لا يؤمن بها اصلا بحضور مؤسسة فقهية روسية اسلامية ومفتي للجمهورية مخلص لروسيا الاتحادية ورئيسها أمير المؤمنين الذي قتل بهمجية المسلمين المدنيين في الشيشان ....ثم عين رئيسا مؤمنا آخر بمساعدة مؤسسة فقهية صوفية شيشانية مستعدة لكل شىء في تسخيف وتسطيح العقول بالخرافات الدينية لجعل الناس قطعانا في خدمة الرئيس قاديروف و أمير المؤمنين الأعظم بوتين ...كيف لا فالرئيس الروسي اكتشف كيف يطوع الدين في خدمة السياسة ومن أفضل من المؤسسات الدينية الصوفية لتطويعها للعقول ومنعها الخروج على الحاكم في الشيشان وأيضا في دول آسيا الوسطى و حتى سوريا كما نرى اليوم ..
يذكرني هذا المشهد الغرائبي بما اقترفته يد الخلفاء عبر التاريخ من مؤسسات فقهية دمرت أصول الإسلام و أسست لظهور الفقه المتشدد كرد فعل اليوم وهما الذان لايمتان بصلة للإسلام الذي نزل على سيدنا محمد ص مما جعل الناس اليوم تهيم على وجهها بينهما باحثة عن خيرية دينها في كل إتجاه غير واثقة بمؤسسات السلطة الفقهية التي ليست إلا نتاجا تاريخيا لرغبات الحكام ...ولم لا فربما يحلم الرئيس الروسي اليوم بأن يكون حقا أمير المؤمنين القادم لدول الشرق بما يفعله ويخطط له ونقصد طبعا على الصعيد السياسي والاستراتيجي وليس الديني رغم التشابه الكبير في المشهد التاريخي بينهما
عموما وكي لا نخرج عن الموضوع السياسي للمقال نقول إن شحنات السلاح الروسي و بناء القواعد العسكرية الاستراتيجية في سوريا على المتوسط وربما قدوم الجنود الروس هو يصب تماما في الإطار التوسعي السابق مستغلة الضعف السياسي للرئيس الأمريكي أوباما..والذي أزعم بأنه أضعف رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية على الصعيد التخطيطي الاستراتيجي حتى الآن ...فالقضية في سوريا بالنسبة لروسيا هي منطقة نفوذ استراتيجي ضروري وموطىء قدم للإمبراطورية القادمة على المتوسط لايمكن التضحية بها بكل بساطة كما حدث في ليبيا مثلا ...
الموضوع في سوريا ليس موضوع بقاء أو ذهاب الأسد كشخص فهذا بالنسبة لبوتين شيء ثانوي ولكن الإصرار عليه هو فقط لإثبات انه في مناطق النفوذ الروسية في الشرق هي وحدها من يقرر من يذهب ومن يبقى ...وهي لن تقبل بأي نظام لا يعطيها الولاء المطلق ..ففي هذه اللحظات حتى الرغبات الإيرانية في الموضوع السوري أصبحت ثانوية فالدولة السورية بيعت لروسيا في مقابل تحول الرئيس السوري إلى قاديروف آخر ...يسبح بحمد بوتين ويدور في فلكه ..
أما أمريكا الضعيفة برئيسها الحالي والتي حاولت ملاعبة روسيا في المقابل عن طريق أوكرانيا ...فقد أدى تدخلها إلى مناطق نفوذ لبوتين أكثر استقرارا على الحدود الروسية وخاصة بعد استيلاءها عسكريا على شبه جزيرة القرم ...وإدخال الحكومة الأوكرانية الضعيفة الموالية للغرب في أتون حرب طويلة يجيد بوتين الخبير إدارتها على النفس الطويل حتى وإن خسر ولاء الحكومة الاوكرانية مؤقتا ولديه أوراق لعب كثيرة في هذا المجال لم يستخدمها بعد ..
أما أوروبا التي لايهمها حاليا إلا الشأن الاقتصادي فهي لا يمكن أن تتحمل خسارة السوق الروسية ولا خسارة الغاز الروسي حاليا ...
وبالنسبة للصين فعلاقتها مع روسيا تكاملية تماما ..
روسيا القيصرية عادت بقوة ياسادة ...و أصبح قيصرها خليفة سيحج إليه رؤساء الشرق قريبا ك أمير سياسي للمؤمنين ...وما افتتاح المسجد الكبير في روسيا في هذا الوقت بالذات في موسم الحج بحضور قادة المنطقة ..إلا ليقول للسعودية ...أنتم لديكم تحج الشعوب المؤمنة و لكن نحن لدينا تحج القيادات السياسية في الشرق ...
ومن لايرى هذه المعادلة برأيي فقد قصر نظره على أقل تقدير

د. عمارعرب 23.09.2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارب استراتيجي مع الزعيم كيم جونغ أون يقلق أكثر من بلد


.. أخبار الحملة الانتخابية: التجمع الوطني يقترح إلغاء -حق الأرض




.. مظاهرات في القدس تطالب باستقالة رئيس الحكومة الإسرائيلية نتن


.. بوتين يتوجه إلى كوريا الشمالية في زيارة نادرة هي الأولى منذ




.. مقتل 11 مهاجرا وفقدان العشرات بعد غرق قاربين قبالة السواحل ا