الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الحب في الغرب

صاحب الربيعي

2005 / 10 / 23
الادب والفن


إن التقاليد والأعراف الاجتماعية السائدة في الغرب بشأن المرأة مختلفة تماماً عنها في الشرق فالغرب قطع أشواطاً متقدمة من التحديث في أنظمته السياسية والاجتماعية بل أصبح منتجاً أساسياً لمعظم العلوم والثقافة والتكنولوجيا والأنظمة السياسية الحديثة........فالإنسان أصبح غاية وليس وسيلة ووهج الحرية عكس معظم متطلبات وغايات الإنسان الذي خضع لتربية خاصة خلال عشرات من العقود لتكون نهجاً ومسلكاً في حياته العامة. وأصبحت الحرية خطاً أحمراً، لايجوز المساس بها أو التعدي على حدودها المكتسبة.
كما أن الدولة أصبحت الراعي الأساس لتلك الحقوق ومظلة حماية لأفراد المجتمع فهي تحتكم إلى الدستور والقوانين لحماية حقوق المواطنين، وبالمقابل ضعفت الأواصر بين الأفراد في الأسرة الواحدة وتراجعت الأعراف الاجتماعية والقيم الروحية إلى حدودها الدنيا لصالح مبدأ تحقيق المصالح.
المشاعر والأحاسيس الإنسانية بين الرجل والمرأة ضعف دورها لصالح الغرائز الإنسانية والمصالح الاقتصادية، وإن شذت عن تلك القاعدة فإنها لاتحمل نفس ووهج وفيض العواطف في الشرق. فالشرق مازال يمثل الضمير المستتر للعالم لأن جسده يعيش في الحاضر ويميل بكله إلى الماضي بحيث أصبحت لديه (مناعة مكتسبة!) من التأثيرات السلبية للحداثة لأنه يخضع (في أغلب الأحيان) لمنظومة العاطفة في مجمل حراكه الاجتماعي أكثر من منظومة العقل.
إن مفهوم الحب بما يحمله من مشاعر وأحاسيس في الغرب في الوقت الراهن، لايمكن قياسه بمفهوم الحب في الشرق بالرغم من أن المشاعر والأحاسيس الإنسانية متماثلة لكن يختلف وهجها تبعاً لاختلاف الأنماط الاجتماعية التي فرضتها سُبل التقدم الحضاري!.
لاتشكل المرأة في الغرب محوراً أساساً لعنصر الجمال والغزل لدى النخبة كما هو الحال في الشرق، وهذا ما يمكن لمسه من خلال العديد من قصائد الغزل والحب ووصف الجمال لدى الشعراء الغربيين الذين غالباً ما يتغزلون بجمال الطبيعة أكثر من تغزلهم بجمال المرأة. لكن يبقى مفهوم الحب الذي يختص بتبادل المشاعر والأحاسيس بين الرجل والمرأة، له بعض الخصوصية عندما تشذ العلاقة عن قواعد الأنماط المكتسبة للحياة الاجتماعية لتعود إلى فطريتها الإنسانية.
يرى ((رونيه أوبير))"أن الحب هو عطاء النفس، ودعوة إلى الحنان عن طريق فياض من الحنان ورغبة في الاغتناء بكل ما نمنحه نحن للمحبوب قبل التفكير بما يمنحننا هو. إن الحب هو شكل من أشكال فضيلة الكرم على كائن واحد لاغير".
إذا كان الحب في الشرق يميل (أكثر!) إلى إذابة الذات في الآخر لتحقيق التواصل الروحي ومنح الآخر كل شيء دون انتظار المقابل لأن العاطفة لاتحتمل تبادل المصالح. لكنها في وجها الآخر، تنتظر المشاعر والأحاسيس من الآخر لتأكيد الذات وإلا فإنها علاقة حب سلبية من طرف واحد يرفضها الطرف الأخر أو يستغلها لتحقيق حاجته من العاطفة لتحقيق ذاته وعلى حساب الآخر.
في حين أن علاقة الحب في الغرب، هي محاولة للبحث عن الذات في الآخر أو رغبة في الاعتراف المتبادل بين الطرفين. وشروط العلاقة هي الاعتراف المتبادل بالكيانات المنفصلة وغير الساعية إلى التوحد لتبادل المصالح وبغض النظر عن شكلها (عاطفية، جنسية، اقتصادية، متطلبات اجتماعية، أو التغلب على وحشة الوحدة.......).
يعتقد ((رونية أوبير))"أن الحب، يعني الامتداد والتفتح وتحقيق الذات عن طريق الآخر".
بهذا فإن الحب في الغرب، هو مساعى لتحقيق الذات وليس لنكران الذات بالرغم من أنه يتقاطع ومسارات العاطفة والمشاعر والأحاسيس التي لاتحتمل طغيان وفجاجة (مبدأ تحقيق المصالح) ضمن إطار علاقة الحب لأنها علاقة إنسانية بحتة متخاصمة أبداً مع أنماط الحياة السائدة، فهي تخلق أنماطها الزمانية والمكانية والذاتية لحظة إبرام علاقة الحب ذاتها!.
لربما علاقة الحب تحمل بين طياتها شكل من أشكال تحقيق الرغبات (المصالح!) ولا يمكن لها أن تستمر إذا تخطت سمة تبادل المشاعر والأحاسيس، كما لايمكن لأي شخص أن يكون منهلاً للآخر إلى الأبد......حينها يشعر بحالة الاستغلال وسعي الشريك لتحقيق ذاته وعلى حسابه. هذا السلوك الشاذ في علاقة الحب، هو مسعى لتحقيق الذات مقابل طمس ذات الأخر.
إذاً علاقة الحب تتطلب (إلى حد ما) مساراً متعاكساً في تحقيق الرغبات بين شركيين لإطفاء حالة الاستغلال وتحقيق ما يطلق عليه مجازاً بـ (تحقيق المصالح المشتركة!).
يشخص ((ماكس شيلر)) تلك الحالة قائلاً:"أن علاقة الحب تعني أعلاً وشخصنة فردية تسمو بمراتب القيم نحو الأعلى حيث يسعى من خلالها كل طرف لبلوغ الكمال لتأكيد الذات".
إن مفردات الاستغلال والمصالح وتحقيق الذات، هي من خاصة منظومة العقل وتتقاطع مع مفردات الإحساس والمشاعر والعاطفة التي هي من خاصة منظومة القلب وغالباً ما تتقاطع منظومة العقل مع منظومة القلب. وتسفر عنها حالة من الصراع حيث تتبادل مواقع الربح والخسارة وتُنحر علاقة الحب على مذبح المنتصر منهما. وبخلافه فإن الاتفاق بين المنظومتين يعني راعية كل منهما للأخرى تمنح حياة أبدية لعلاقة الحب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال


.. عمري ما هسيبها??.. تصريح جرئ من الفنان الفلسطيني كامل الباشا




.. مهرجان وهران للفيلم العربي يكرم المخرج الحاصل على الأوسكار ك


.. محمود حميدة يحمل الوهر الذهبي من مهرجان وهران للفيلم العربي




.. تفاصيل أول زيارة لمصر من الفنان العالمي كامل الباشا?? #معكم_