الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-انتحار- كنعان، بداية النهاية للنظام السوري

زوهات كوباني

2005 / 10 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



معروف لدى القاصي والداني أن غالبية الأنظمة في الشرق الأوسط هي أنظمة شمولية استبدادية، عمادها الأساسي هم العسكر الممسكين بالمنظومة الأمنية التي بدورها تتحكم بكل تفاصيل ومفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلاد. ويعتبر النظام الأمني من أشد النظم اضطهاداً لمجتمعاتها، وأكثرها استبداداً وتركيزاً على دور الفرد القائد الضرورة المهيمن على السلطة بكل شراسة, دفاعاً عن شخصه وعن مصالح حاشيته الموالين له. ومن هنا، يظهر جلياً الأهمية الكبيرة التي تليها هذه النظم للشخص المترِّبع على سدة الحكم الأمني، باعتباره حاكماً مطلقاً واحداً أحد، لا شريك أو كفؤ له. وهذا الشخص، أياً كانت هويته، له باع طويل في آليات ترسيخ نظامه وأمنه وحمايته بكل ضراوة، ومهما كلفه ذلك. وبالتالي، فالنظام الأمني كالهرم المقلوب على رأسه، بذهاب هذا الشخص، ينهار النظام كله. كما حصل مع دكتاتور العراق. كما أن هذه الأنظمة تعرف من خلال الرموز الفاعلة والمؤثرة الموجودة فيه. وهذه الرموز، محصورة ضمن دائرة ضيقة تزداد ضيقاً حتى تصل إلى الرئيس. لذا، فإنهم يعدون على أصابع اليد، كما هو الحال في سورية. فقدان أي حلقة من السلسلةالأمنية المحيطة بالرئيس، يحدث خللاً واهتزاز كبير في تلك السلسة الأمنية. وهذا بحد ذاته يعتبر مؤشراً خطيراً على حالة الارتباك والتضعضع في المنظومة الأمنية.
غداة استجوابه من قبل المحقق الدولي ديتلف ميليس في جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري ، وعشية إعلان الأول عن نتائج تحقيقه، تناقلت وكالات الأنباء العالمية، نقلاً عن وكالة الأنباء السورية " سانا " نبأ انتحار وزير الداخلية السوري اللواء غازي كنعان. وآتى هذا النبأ صاعقاً ومخالفاً للتوقعات و التكهنات التي كانت تتمحور في توجيه الاتهام لكنعان الذي كان بمثابة الحاكم السوري على لبنان لمدة تجاوزت العقدين. لم يكن أحد يتوقع هذه النهاية المفاجئة لهذا الجزَّار القاتل وبهذه البساطة وفي هذا الوقت بالذات؟!. وقد أثار مقتل كنعان زوابع من الأسئلة التي لم تستطع المنظومة الأمنية الحاكمة في دمشق ترقيع أو تضليل ملابساته، واكتفت بذكر أنه حادث انتحار...؟ والسؤال الذي يفرض نفسه : لماذا ينتحر؟ ما هي الدوافع الموجودة لديه حرضته على الانتحار؟. ثمة سيناريوهات عدة لهذه الحداثة تتقاطع في أنه من المستبعد جداً أن يكون الحادث انتحاراً. كما أن وزير خارجية النظام السوري فاروق الشرع لام الإعلام، وحمَّله مسؤولية انتحار كنعان...!! فلو كانت فرضية الشرع صحيحة فلماذا لم ينتحر صهر الرئيس ورئيس شعبة المخابرات العسكرية آصف شوكت ورستم عزالة والكثير من رموز الأمن السوري الذين طالتهم الشبوهات الإعلامية في مقتل الحريري؟!.
إذا، هل انتحر كنعان أم نُحِر؟. من هو الشخص المنحر أو متى يصل الإنسان إلى درجة التفكير في الانتحار؟ هل فقد كنعان حبيبته التي هربت مع غيره حتى يفكر في الانتحار؟ ..لا.هل تعرضت شركاته ومؤسساته للإفلاس؟..لا. هل كان شخص مختل عقلياً غير مسؤول عن تصرفاته؟..لا. هل كان يعاني من ضغوط نفسية عالية وهائلة لا تحتمل؟..لا. إذاً..لماذا ينتحر من يمتلك مئات الملايين من الدولارات ووزير الداخلية ويملك السلطة والجاه والمال.. لماذا؟؟.
على الأغلب أنه نُحِر وقتل من قبل النظام السوري كما قتل رئيس الوزراء السوري الأسبق محمود الزعبي، وقيل وقتها أنه انتحر. يبدو أن أسهل طريقة يلجأ إليها النظام السوري في تصفية أقطابه الذين باتوا يشكلون عبئاً عليه هو الانتحار. غازي كنعان كان بالنسبة للنظام السوري بمثابة خزانة الغسيل القذر للنظام السوري في لبنان على مدى أكثر من عشرين عام، وليس فقط سر جريمة اغتيال الحريري. ويجب أن تدفن هذه الخزانة معها كل أسرارها إلى الأبد. فإذا بقي حياً، ربما يكشف عن جرائم الاغتيال الأخرى التي طالت كمال جنبلاط رينيه معوض آخرين.
حين سماع ميليس خبر انتحار أحد أهم الشهود أو المشتبه بهم في الجريمة المذكورة، طلب ميليس من النظام السوري إجرا التحقيق وتشريح الجثة. وكما تواردت الأنباء عن عائلة كنعان أنها تلقت تهديدات من الأمن السوري بعدم طلب تحقيق دولي وتشريح جديد لجثة كنعان، تحت طائلة المعاقبة بتهمة خيانة الطائفة العلوية الحاكمة. كما سرت شائعات أخرى مفادها أن كنعان قبل انتحاره حاول اللجوء إلى سفارة غربية، إلا أن السفارة لم تستقبله. ولأنه كان خاضعاً للرقابة اللصيقة خوفاً من أن ينفذ بجلده ويهرب ويلحق برفعت الأسد الذي ربما يشفع له عند الأمريكان والسعوديين، أمر بشار الأسد بقتله فوراً ودون تردد. وربما كانت هذه هي الفرضية الأرجح حالياً. خاصة أن ميليس قد كشف عن فحوة تقريره الذي اتهم فيه مسؤولين أمنيين سوريين رفيعي المستوى بقتل الحريري، من ضمنهم آصف شوكت وماهر الأسد شقيق الرئيس السوري. كما اتهم النظام السوري بعدم التعاون مع التحقيق، واتهم وزير الخارجية بتضليل التحقيق. مع ذكر معلومات خطيرة وكثيرة جداً توضح ملابسات جريمة اغتيال الحريري. ومن هنا وعلى ضوء ذلك، فأن النظام السوري قد بدأ عده التنازلي لانهياره. ربما نسمع في الأيام المقبلة أخبار انتحار أسماء جديدة. لأن (الانتحار) السياسي، أو بالأحرى أن التصفية السياسية صارت موضة رائجة في دمشق هذه الأيام.
النظام السوري الشمولي الاستبدادي الطائفي العلوي في سورية يلفظ أنفاسه الأخيرة. وما على الشعب السوري وقواه الديمقراطية إلا التوحد في صف واحد تحسباً لما سيأتي من النظام الذي بات كالعقرب المحصور في زاوية، ويشعر بدنو الخطر، فيبدأ بلدغ نفسه.

بروكسل/22/10/2005














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج