الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسية والإصلاحية - الفصل الثالث - الجزء الثالث والاخير -

احمد حسن

2015 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ليسمح لي القارئ أن استعير هذا المقتطف الطويل من مقدمة اليسار الثوري لمقال تروتسكى " لكونها تحتوي علي إيضاح هام في تلك القضية:
"لا تعرف الماركسية اللينينية (الثورية) أي تحالف “سياسي” أو “انتخابي” مهما كان ظرفياً أو مؤقتاً، ومهما كان هدفه، مع أي قوى إصلاحية أو ليبرالية أو وطنية. ولا تدعو، مهما كان الحال، لتحالف مثل هذا. إذ أنها تسعى لتميز موقفها و”راياتها” حتى في المعارك التي تجد فيها نفسها تناضل بجوار قوى إصلاحية، تسعى لاستقلال خطابها السياسي والاحتفاظ بحريتها في نقد أي مسلك انتهازي أو أي تردد أو مناورة يقوم بها الإصلاحيون أو الوطنيون، فالاستقلال السياسي والتنظيمي لحزب يسعى أن يكون ممثلاً للمصالح الكلية والتاريخية للعمال والجماهير الفقيرة هو أمر لا غنى عنه لاستراتيجية طبقية ثورية.
إن أدنى خلط للرايات، أدنى اشتراك في المنشورات، أدنى مساومة توفيقية في الدعاية أو تحديد المواقف يصب بالضرورة في طاحون أحد تمثيلات رأس المال، فلا فرق بين أي منهم في محاولة الحفاظ على النظام الطبقي البرجوازي وحمايته من الجماهير، وهدم هذا النظام تحديداً هو الهدف العام للماركسيين الثورين، وهو هدف لا يمكن تصور تحققه أو الاقتراب منه بدعم جناح رأسمالي ضد آخر، إصلاحي ضد رجعى أو ليبرالي ضد إسلامي أصولي وإن كان صحيحاً أن هؤلاء الممثلين لرأس المال جميعاً يقفون بالنسبة لنا على الضفة الأخرى من النهر، إلا أن ظروف المعركة الطبقية وتناقضاتها قد تجعل أحدهم – في لحظة معينة – أشد خطراً عن غيره من أعدائنا الطبقين، ظرف مثل هذا يفرض علينا توجيه ضرباتنا نحوه، ولكن لن نضطر إلى اعتبار الآخرين من أشقاؤه الطبقين حلفاء سياسيين، ولو مؤقتاً.
سنركز الهجوم على الخطر الأشد، دون أن نغفل عن التحذير من الخطر التالي الممثل في البدائل الأخرى للرأسمالية، لن نعمل على تقوية أحد أعمدة النظام الرأسمالي، سنحترم درجة الخطورة، فمن يطلق علينا الرصاص ليس كمن يكتب ضدنا، من يتصدى للمظاهرات بالعنف ليس كمن يحاول أن يستغل مظاهرات الجماهير لأهدافه السياسية الخاصة، سنسعى أولا لنزع السلاح الموجه ضدنا دون الكف عن التحذير من ألاعيب ومناورات الجناح الآخر في المعسكر العدو، ومن ثم فمن البديهي أن نوجه – نحن والليبراليين في ذات الوقت – هجومنا ضد هجمه استبداديه أصولية في لحظات معينة، إلا أننا لن نخلط راياتنا براياتهم، ولن نسمح بتمويه أو تذويب أهدافنا بإيهام الجماهير بأنه لا فرق بين الاشتراكين والإصلاحين أو الليبراليين، بأن نسير معاً دون استقلال في الرايات والشعارات والأهداف، هذا إن خاض هؤلاء نضالاً حقيقاً على الأرض، ومن باب أولى لن ندخل أبداً في تحالف سياسي أو انتخابي معهم في أي وقت.
واكثر من ذلك، إذا تبنى ليبراليون مثلاً موقفا من تشريع رجعى يقيد حرية الجماهير، بلا أدنى شك سنؤيد هذا الموقف، ونهاجم نفس التشريع أيضاً ولكن من وجهة نظرنا، وسنسعى لتحويل الأمر ضده إلى معارك على الأرض، وسندعو الإصلاحين أن يناضلوا وأن يخوضوا معارك حقيقيه ضده بين الجماهير، وسيتبين هؤلاء المخدوعون في الإصلاحين أو اللبراليين الفرق في الاستعداد الحقيقي للنضال مع الجماهير، الفرق بين النضال والمساومة الانتهازية، بين قادتهم وموقفنا، سنكسب بذلك الجماهير، ونهاجم هذا التشريع بقوة، دون تقييد أيدينا للحظة بأي تحالف مع هؤلاء القادة ودون أن نحمل – أمام الجماهير – خطيئة وانتهازية هؤلاء الإصلاحيون والليبراليون المناورون.
الستالينية وحدها هي من حرف هذه المبادئ اللينينية الثورية، بدفعها للشيوعيون في الدول المستعمرة للتحالف مع برجوازيتها (الوطنية) وتذيلها سياسيا وقصر الاستراتيجية على “التحرر الوطني “، أي رفع هذه البرجوازية إلى مقاعد الحكم من خلال ما سمي بـ”الجبهة الوطنية”. هذه الجبهة التي أفضت في المستعمرات إلى حمامات دم للشيوعيون على أيدى حلفائهم “الوطنيين”.
وهى من دفع الشيوعيين في الدول الأوربية إلى تذيل الجمهوريين والديموقراطيين في المعركة ضد الفاشية، وإلى الوقوف عند حدود هدف استعادة “الجمهورية الديموقراطية” رغم أن الشيوعيين هم من نظم وقاد عمليات المقاومة، وكان له السيطرة الفعلية في صفوف الجماهير، هي من دفعهم إلى “تسليم السلاح” للجبهة الشعبية والجناح الجمهوري والعودة إلى العبودية “الديموقراطية” لرأس المال، تلك كانت تعهدات ستالين لحلفاء نظامه الإمبرياليين، والتقسيم الإمبريالي الذي اتفقوا عليه لمناطق النفوذ في العالم.
يعمل الشيوعيون – من حيث المبدأ – على حشد وتوحيد قوى الطبقة العاملة في نضالاتها، لذلك يقبلون بالعمل “القاعدي” المشترك مع التيارات العمالية ولو كانت ذات توجه إصلاحي أو محافظ، فمن خلال هذا العمل المشترك يتحقق هدفين؛
الأول هو أن يشكل العمال قوة موحدة وقادرة على تحقيق مكاسب في معاركها، وأن لا تفتت قوتهم بسبب اختلاف تياراتهم.
والثاني هو أن هذا النضال المشترك سوف يصطدم بالحدود المحافظة والمناورات المختلفة للإصلاحين ويكشفها أمام الجماهير التي ستفقد ثقتها فيهم وتزيد ثقتها بنضالاتها وبإخلاصنا لقضيتهم.
هذا العمل المشترك لا يتطلب تحالفاً سياسياً، إنه يحتاج فقط إلى الوحدة العملية في المعارك الطبقية مع احتفاظ كل طرف باستقلاله وحرية حركته.
هذا إذا استدعت المعارك التي يخوضها العمال إلى هذا العمل المشترك، وتقدم لنا التجربة التاريخية حالتين نموذجيتين لضرورة العمل المشترك مع إصلاحين أو وسطيين داخل صفوف الجماهير، أو لأحزابها نفوذاً على قطاعات من الجماهير، كليتهما تتعلقان بوجود خطر جسيم يهدد مصير الطبقة العاملة ونضالاتها ربما لعشرات السنين؛
الأولى هي أن نكون بصدد ثورة أو حالة ثورية يتقدمها العمال وتتعرض لهجوم عنيف من قطاعات الثورة المضادة يمكن أن يسحقها، مثال ذلك قوات الجنرال القيصري “كورنولوف” التي كانت تزحف على مدينة بتروجراد التي يهيمن عليها لجان العمال وتعد مركز الثورة، لسحق الثورة العمالية في روسيا سنة 1917. وكان الحاكم الرسمي هو كرينسكى ممثل الاشتراكين الثوريين “حزب برجوازي صغير إصلاحي” الذين لهم نفوذ معين داخل لجان العمال. وأجبره البلاشفة على العمل المشترك ضد هجوم كورنويلوف رغم عدائه للبلشفية والماركسية.
والثانية هي حالة الخطر الفاشي الذي يهدد منظمات العمال ونقاباتهم ويسعى لكسرها بالعنف، حيث دعا تروتسكى للعمل المشترك مع “الاشتراكين الديموقراطيين” الإصلاحين داخل الطبقة العاملة، لتوحيد قوة العمال في مواجهة خطر الفاشية.
العنوان المشترك للحالتين هو (الجبهة العمالية المتحدة) وهى جبهة عمل على الأرض، نضال دفاعي ضد خطر عام، وليست “تحالفاً سياسياً” أو ” انتخابياً”، جبهة تضم أجنحة مختلفة داخل صفوف “طبقة ” العمال وليست جبهة“طبقات” وطنية أو شعبية أو أيا كان مسماها، فليس ثمة عمل مشترك يمكن تصوره بين الماركسيين وأى تمثيل لرأس المال.”1
بل حتي الاشتراكيين ، قبل تلك السقوط في تلك المراجعة التحريفية للماركسية ، كان يفهمون الأمر بنفس الطريقة … لننظر إلى الاقتباس التالي من مقال نشر في جريدتهم " الإشتراكية الثورية " عدد يناير 1994 :
"ما تطرحه بعض الفصائل اليسار الراديكالي حول استخدام تكتيك الجبهة المتحدة، أي السير على حدة والضرب في اتجاه واحد، استخدامه بشكل مرن بين طرفي الصراع، وحسب الظرف الذي يطرحه الصراع في لحظتها، أي استخدام هذا التكتيك مع الدولة ضد الحركة الإسلامية في المواقف التي تستدعي ذلك، واستخدامه بالعكس، مع الحركة الإسلامية المسلحة وضد الدولة في المواقف التي تستدعي الحالة العكسية، إن هذا الطرح يعين من وجهة نظرنا عدم فهمم واضح لمعنى تكتيك “الجبهة المتحدة”، فالجبهة المتحدة تكتيك للتنسيق بين الفصائل المعبرة عن المصالح الحركة العمالية بشكل أو بآخر، نقابية أو راديكالية أو ثورية أو حتى فوضوية، حيث يتم التنسيق في مواقع الصراع الطبقي ذاتها، وبهدف إظهار قوة ووحدة الحركة العمالية في مواجهة أعدائها الطبقيين، أما استخدامه بالشكل المقترح، في الحالتين المذكورين، فإنه يتحول ببساطة ليصبح تنسيق مع الأعداء الطبقيين للحركة العمالية.”2
اعتقد الآن أن المقصود بالاستقلال بات جليا، انه استقلال تام في صور الدعاية والتحريض والحركة ووضع التكتيكات والاتصال بالجماهير، استقلال يقدم الثوريين كمنافس راديكالي لهؤلاء الإصلاحيين (لا اقصد مطلقا الإخوان بالطبع) وليس كأصدقاء أو حلفاء لهم، يسمح لنا بان نسجل النقطة تلو النقطة عليهم لنفضحهم ونشهر بهم، وان لا تختلط رايتنا أو مواقفنا أمام الجماهير، في ظروف استثنائية فقط يمكن الاتفاق معهم علي العمل المشترك، وليس أبدا في المعارك أو الحملات الدعائية، ليس أبدا لكى نبدو اكثر مما نحن عليه فعلا، ليس أبدا للتشهير بهذا الموقف أو ذاك من مواقف النظام، وحتى في العمل الدفاعي – المشترك – لن نخلط الرايات، لكننا سنوحد فرق الدفاع فحسب.
لقد تحرك هارمن جيئة وذهابا في موقعه، مراوحا ما بين التصميم علي موقف ماركسي طبقي وثوري، وبين محاولة تخطي المنظور الماركسي للإصلاحية، تاركا ثغرات في تحليله استخدمت في ما بعد.
حافظ الاشتراكيون علي رؤية ماركسية في قضية الإصلاحيين وفي تحليل الإخوان في كتيبهم عن التغيير، ثم هجروها كليا دون أن يقدموا تفسيرا أو نقدا.
ومثل كراس نجيب عدة خطوات واسعة – إلى الخلف – مقارنة بكراس طريق الاشتراكيين إلى التغيير و بموقف هارمن، وفي كل الأحوال لم تجري مراجعة نقدية أو يقدم تفسير.
إن هذا الذي يطرحه كراس نجيب على انه استقلال أمر مختلف تماما، انه ذوبان فعلي في الجانب السياسي والتحريضي والدعائي، اختلاط ومحو حدود أمام الجماهير، هذا ما حدث بالفعل بالنسبة للاشتراكيين، ولن تكون هناك قيمة لملاحظة نقدية اقدمها حول حلفائي من وقت لأخر بعد ذلك.

يشكر الكاتب الزملاء والرفاق على اهتمامهم وحسن متابعتهم ... وسيتم رفع الكراس كاملا بدى اف بتنسيق جيد خلال ايام قليله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران