الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون المصالحة الإقتصادية مع رجال الأعمال في تونس :المآلات

محمد محسن عامر

2015 / 9 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


المشهد السياسي الراهن متحرك يأبى الثبات ؛فبعد ان اعتلى الإسلاميون صهوة السلطة في تونس عجزوا على مدار ثلاث سنوات على تثبيت المشهد السياسي و الإجتماعي بل اتجهوا نحو تركيز هيمنتهم داخل مؤسسات الدولة من إدارة و أمن و ألقوا من حساباتهم الملفات الإجتماعية السبب الرئيسي لاندلاع الإنتفاضة .إضافة إلى محاولة تفكيك النسيج الإجتماعي بإطلاق يد المنظمات الفاشية كرابطات حماية الثورة و التواطئ مع المنظمات ذات الخلفية الجهادية المتطرفة كأنصار الشريعة.
الإسلاميون المتلهفون للسلطة بعد عقود من الإقصاء السياسي و الواثقون حد اليقين في ثبات وضعهم المسيطر و دعم الفاعليين الإقليميين ؛ هيؤوا البلاد لتدخل في نفق اجتماعي و سياسي أعاد للأذهان عشية العشرية السوداء الجزائرية مع تفجر للإحتجا ج الإجتماعي ضد التمشي الإقتصادي النيوليبيرالي و الفاشية التي بدأت تركز في البلاد .
هذا المشهد السياسي و الإجتماعي أمام ضعف القوى السياسية ذات التوجه المعادي للنيوليبيرالية جعل اللحظة مناسب ليطل النظام القديم برأسه من جديد و يطرح نفسه بديلا قديما جديدا للإسلاميين .
السقوط المفزع للإخوا ن المسلمين و صمود النظام السوري و تغير المعطى الدولي و الضغط الداخلي جعل الإسلاميين يعيدون النظر في حساباتهم يتلافون السقوط بقبول تقاسم امتيازات السلطة مع النظام القديم الأكثر تجانسا و الأكثر قوة ؛ و تم خلق توليفة سياسية من أجل توازن رأى كل الفاعلين أنه في حكم الظروري .

هذه التوليفة السياسية الغير متجانسة الحاكمة في تونس التي وضعت النهضة و النداء على كرسي حكم واحد على قاعدة تقاسم الغنيمة السياسية و الإمتيازات الإقتصادية على قاعدة لا غالب و لا مغلوب و المثل التونسي "يمين الأخرس في قلبه" . توازن بين المهيمنين في إطار نفس التمشي الإقتصادي اليبيرالي العاجز في بنيته التبعية على حل المغضلات الإجتماعية المتفجرة ؛بالتالي كان التوافق أساسه إدارة أزم النظام الحاكم و حقنه من جديد بمهدئ يمنعه من التفتت و الموت .
تسوية تركة الماضي و ترتيب الوضع القديم الجديد:
الأحزاب السياسية في حقيقتا الإجتماعية أعوان اجتماعية معبرة عن مصالح الإجتاعية المتحركة داخل بنية اجتماعية محددة و المدافعة عن امتيازاتها.
وجدت تكتلات رجال الأعمال في نداء تونس معبرا عن مصالحها في مقابل صعود تعبيرات رأسمالية جديدة مهيمنة قد تكون وجت في الإسلاميين معبرا و مدافعا عن مصالحهم . وصل السجال في ما بينها إلى تقاسم امتيازاتها الإقتصادية و بالتالي ضرورة خلق توازن سياسي و إن كا هشا.
قانون المصالحة الإقتصادية يصب في هذه السياقات . قدم رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي مبادرة تشريعية من ثلاث أجزاء على إثنا عشر فصلا سميت "مشروع مصالحة وطنية" تتمحور حول مفاهيم ثلاث "العفو" و "الصلح"و "تسوية الوضعيات".مبادرة من منطلقها تقني تتناقض مع أحكام الدستور الذي يلزم في فصله ال١-;-٤-;-٨-;- الدولة بتطبيق منظومة العدالة الإنتقالية في إطار هيئة مستقلة هي هيئة الحقيقة و الكرامة ؛بالتالي خلق آلية موازية لها نفس الصلاحيات و أدوار هيئة الحقيقة و الكرامة .
حقيقة الخروقات ليست دستورية و إن كانت منها ؛ الأهم انها خرق تاريخي و سياسي و أخلاقي لمبادئ انتفاضة أردت مئات الشهداء . إنها في عمقها الإجتماعي و السياسي مكافية لرجال المال على دعم نداء تونس و حركة النهضة .فالقانون في مضامينه تهرب من المحاسبة و ترتيب لوضع اجتماعي يعترف للمهيمنين اقتصاديا و بالتالي سياسيا بهيمنتهم و يضمن لهم وضعهم ذاك .إذ كيف يكون حاميها حراميها كما يقول المثل المصري ؛ كيف يمكن ان يقوم المسيطر بأمر رجال الأعمال بتصفية نفسه عن طريق محايبة الفاسدين الذين يمثلون عموده الفقري حزبيا و اقتصاديا . كيف ينتظر من الإسلاميين التراجع عن صفقات التسوية مع رجال الأعمال التي ملأت الجيوب بملايين الدنانير ؟ هكذا يرتب الحاكمون والساسة أمر الدولة و المجتمع مقابل تفاقم المعضلات الإجتماعية التي أنتجت البطالة و الفقر و الإرهاب.
أزمة ضعف المجابهة السياسية و الشعبية للقانون
رغم أن القانون لاقى رفضا كبيرا من القوى السياسية داخل البرلمان إلا أنها فشلت في تحويل هذا الرفض البرلماني إلى بركان شعبي عارم . الأسباب هي ضعف التنظمات السياسية الإجتماعية داخل البرلمان و تواضع وزنها الجماهيري . هذا الضغف أفشل محاولة خلق ارتداد من قبة البرلمان نحو الشارع و فشلت بذلك محاولة تحكيم لشعب بقي أمام موقف الأخرس الحنق . الشارع التونسي يمر بأسوء لحظاته ؛ إنه يبدوا كتلة هامدة غيبي صماء تختزن إحباطا صامتا يربوا بنفسه عن تصديق كل السياسيين و يقبل منهم رغم ذلك بكل غرابة ما يقولون .إنه يصدقهم و يكذبهم في ذات الوقت . الأسباب النفسية و الإجتماعيةالتي خلق هذا الوضع الشعبي غاية في التعقيد.
مجمل القول أن الفاعلين الكبار م أحزاب حاكمة و منظمات ذات وزن كاتحاد الشغل و اتحاد الأعراف أجمعت على تسوية ءجتماعية تبقي على دار لقمان على حالها و ترضي الجميع في فعل غفران كاذب في مقابل شهادة خرساء لشارع محبط و صامت أو مسكت . يبقى خيار الرفض عاجزا على التجذر يبقى الطاعون الليبيرالي سيدا للمشهد محددا فيها بإرادة نداء تونس و مبازكة مقدسة من شيخ النهضة راشد الغنوشي .إنه مشهد مجهول المآلات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-