الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجرة الشباب .. خسارة لمن ؟

زيد كامل الكوار

2015 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


يشهد العراق حاليا موجة مرعبة من الهجرة الجماعية للشباب العراقي منفردا كان أو مع عائلته، فالطوابير المرابطة على أبواب دوائر الجوازات العراقية وصلت إلى مسافات طويلة ولفترات طويلة أيضا ، فالمراجع يقف في الطابور منذ المساء حتى تبلغ ساعات انتظاره ثماني عشرة ساعة ، و ليس السؤال الملح في هذه الساعة ما هو سبب هجرتهم ؟ بل السؤال الأكثر واقعية هو لماذا انتظروا كل هذا الوقت ليتخذوا هذا القرار الجريء ؟ لم تكن الهجرة إلى خارج البلد حلما في سبعينيات القرن الماضي حين كان هناك بعض الاستقرار المادي والأمني للمواطن العراقي . وبلا شك لم يكن الاستقرار السياسي يضرب بأطنابه في البلد لكن الأهم في أوليات الشعب العراقي متوسط الوعي في سبعينيات القرن الفائت كان الاستقرار المادي والتطلع إلى بحبوحة العيش في مستقبل تضمن فيه تجارة الفرد أو صناعته أو أية حرفة أو مهنة . مع أن الهجرة في السبعينيات كانت موجودة بهامش بسيط ينحصر في المعارضين السياسيين لنظام الحكم الاستبدادي المتفرد الذي لم يدع لسياسي من أي حزب آخر فرصة ممارسة دوره الوطني سياسيا . فالذين هاجروا في تلك الفترة كانوا على الأعم الأغلب من الشيوعيين الذين لم يهادنوا السلطة حينها وبعض الإسلاميين من الأحزاب الإسلامية كحزب الدعوة والأخوان المسلمين .
أما اليوم فالاضطهاد الذي يعانيه الشاب العراقي من التهميش والبطالة والقلق الأمني المستمر وانعدام فرص العمل اللائق لحملة الشهادات منهم ، والضياع في دوامة العنف والقلق وانعدام الخدمات الضرورية لحياة المواطن من الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والخدمات البلدية الأخرى ، كلها أسباب جوهرية ومنطقية وحقيقية تدفع الشباب الطموح إلى مغادرة هذه الدوامة غير المنتهية من الضياع وانعدام الأمل ، فبعد سنين طويلة عاشها الشباب على أمل تحسن الوضع في البلد تدريجيا وجدوا أنه أمل كاذب ضاعت معه أحلامهم وأمنياتهم في العيش في بلدهم مع أحبائهم وأصدقائهم ينعمون بخيرات بلدهم ويحفهم الأمن والازدهار والاكتفاء بما يحفظ لهم كرامتهم وعنفوانهم . ولما يئس الشباب من قياداتهم السياسية وتخبطها الحائر في إصلاح شأن البلد نتيجة انعدام الخبرة أو النزاهة ، إذا نهب المفسدون والفاسدون خزينة الدولة على طول تلك السنين العجاف تحت ذريعة الاعمار وتقديم الخدمات للمواطنين فانتهبت أموال العراق بالعقود الوهمية الفاسدة ، ولما يئس أولئك الشباب من السياسيين قرروا الهجرة وإلقاء أنفسهم في لجج المهالك والمجهول أملا في الوصول إلى حيث يمكنهم مواصلة حياتهم بصورة يضمنون فيها صيانة وحفظ واسترجاع كرامتهم المهدورة إنسانيا، فركبوا عباب البحر مع علمهم ويقينهم بخطورة وحراجة تلك المغامرة التي يرون ويسمعون في الأخبار عن الضحايا التي تذهب يوميا من العراقيين والسوريين والأفارقة الذين يهاجرون هربا من المجاعات والتمييز العنصري ، فإلى متى يبقى الشباب العراقي يرزح تحت هذه الأعباء المضنية التي تقتل فيه روح الطموح والأمل فتسد في وجهه كل آفاق المستقبل الواعد ، باعثة في نفسه اليأس القاتل الذي يدفعه إلى ركوب الصعاب أملا في تغيير واقعه المحبط المرير ، ومن الذي يتحمل مسؤولية هذا الهدر المميت في طاقات البلد الشابة التي لو منحت الفرصة لغيرت مجرى الأحداث في العراق برمته نحو غد أفضل ، ومن المؤسف أن هؤلاء الشباب قد غادروا العراق بلا هدف محدد أو غاية مدروسة بل هو هرب مجرد مطلق من الواقع المرير إلى حيث يجد المعاملة الإنسانية لاجئا يتسول حفنة من الدولارات تمنحها له دول اللجوء التي تحترم الإنسان لإنسانيته غير ناظرة إلى دينه أو عقيدته أو جنسه أو عرقه . إلى هؤلاء يهرب الشاب العراقي فلا يلومنه أحد فالموت في انفجار سيارة مفخخة أو عبوة ناسفة لا يفرق كثيرا عن الموت غرقا في أحضان البحر الذي لا يرد زائرا ولا يطالب أحدا بتأشيرة دخول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا