الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن رحيل على سالم

نصارعبدالله

2015 / 9 / 29
الادب والفن



خلافنا السياسى الشديد مع على سالم، ورفضنا القاطع لزيارته المشئومة للكيان الإسرائيلى العنصرى الغاصب، لا ينبغى أن ينسينا لحظة واحدة أنه مبدع موهوب نادر الموهبة، ...وأنه مجتهد أخطأ، حتى ولولم يعترف بالخطأ ، وظل حتى آخر لحظة فى حياته يدافع عما فعل،!! ... بعيدا عن السياسة ( إذا كان جائزا أو ممكنا أن نبتعد عنها ) وعلى المستوى الإنسانى الخالص فإن على سالم قصة نادرة من قصص الكفاح، ..نشأ فى أسرة دمياطية فقيرة مما حال بينه وبين التعليم الجامعى، لكنه قام بتثقيف نفسه ثقافة رفيعة يندر أن نجد لها مثيلا بين كتاب المسرح أو كتاب المقال ، ناهيك عن الممثلين والمخرجين ( كان على سالم مخرجا موهوبا وممثلا موهوبا أيضا، ولا أدرى لماذا لم يشتهر باعتباره كذلك، رغم أنه شارك نور الشريف بطولة : "سهرة مع الضحك" ، وكان ندا له بلا جدال)..ولقد ظل على سالم منذ أواخر الخمسينات وفى أوائل الستينات يعمل فى فرق مسرحية إقليمية محدودة الإنتشار قبل أن يجد عملا فى مسرح العرايس وينتقل من دمياط إلى الإقامة فى الفاهرة، لكنه ابتسم له الحظ عندما تقدم إلى مسابقة للتأليف المسرحى أعلنت عنها الهيئة العامة للمسرح وفاز فيها بالجائزة الأولى ، وكانت قيمة الجائزة 300جنيه وهومبلغ كبير بمقاييس تلك الفترة أولا، و ثانيا بمقاييس شخص لم يحدث قط ان تجاوز ما فى جيبه عشرين جنيها!، وحتى هذه، لم يكن وجودها فى جيبه متاحا دائما ...يوم أن قبض الجائزة دعا صديقه محمد بركات ( وهو ناقد كان يعمل فى دار الهلال، التفت مبكرا إلى عبقرية على سالم المسرحية ) ، دعاه إلى تناول الطعام فى أحد المطاعم الشهيرة ..وحين جاءهما الجارسون قائلا: " طلبات الباشوات إيه " ..أجابه على سالم بصوت مشحون باللهفة .. لحمة . عايز لحمة !!...عرفت على سالم فى أواخر الستينات من القرن الماضى ، وتوثقت عرى المودة بيننا عندما عرف أنى متابع جيد وشغوف بأعماله ، وتكررت دعواته لى لمشاهدة أعماله الجديدة طالبا منى فى كل مرة أن أحدد له الموعد الذى أرغب فيه فى الحضور، لكننى لم أحدد له موعدا قط ، كنت أدفع ثمن تذكرة الدخول كأى ممشاهد ، ثم أفاجئه عندما نلتقى على المقهى أو فى دار الأدباء بأننى قد شاهدت العرض ثم أبدى له ملاحظاتى عليه ، وكان هذا يسعده سعادة لا يستطيع كتمانها ..لا أنسى يوم أن وجه إلى الدعوة أنا وصديقى الكاتب الساخر محمد مستجاب لكى نزوره فى منزله لأنه كان كما قال شدبد الرغبة فى أن يعرف رأينا فى نص مسرحى جديد فرغ توا من كتابته ، ومضيت أنا ومستجاب إلى شقته بالمهندسين ، حيث استمعنا إلى أداء صوتى مكتمل لمسرحية: "عملية نوح" ، لم يكن على يقرأ، ولكنه كان يؤدى ويعبربحركات يده وملامح وجهه عن كل لحظة من لحظات المسرحية الخلابة التى يمزج فيها بين قصة نوح ومحاولة إنقاذ مكونات روح مصر قبل أن يغمرها الفيضان الجارف المتوقع !!..يومها أعدت لنا زوجته الفاضلة غداء بسيطا لكنه كان شهيا جدا ، شأنها فى ذلك ( رحمها الله) شأن أى طاهية دمياطية ماهرة!، وحين خطرلعلى سالم أن يزور إسرائيل شعرت بالصدمة الشديدة ، وواجهته بأن ما قام به خطأ فادح يرقى إلى مرتبة الخطيئة أو ما هو أكثر، لكنه كان مستمسكا بأن ما فعله كان اجتهادا صائبا ، وهو ما أدى إلى فتور فى العلاقة المتينة التى كانت تربط بينه من ناحية ، وبينى ومحمد مستجاب من ناحية أخرى ، لكننى رغم ذلك حرصت على ألا تنقطع العلاقة الإنسانية بيننا ، فأنا وإن كنت من المؤمنين بمقاطعة كل ما هو عنصرى وكل ما هو صهيونى ، لست من الذين يؤيدون أن نقاطع نحن العرب بعضنا بعضا ( كما فعلت بعض الدول العربية مع مصر فى أعقاب زيارة السادات المشئومة للقدس)، ولا أن نقاطع نحن المصريين بعضنا بعضا ، ناهيك عن أن نقاطع نحن الأصدقاء أصدقاءنا ، ونتنكر لما يربطنا بهم ، ..فى عام 1995..كنت مرشحا لمجلس إدارة اتحاد الكتاب ، وحين جاء على سالم ليدلى بصوته فوجىء بمقاطعة عارمة من الكتاب الذين كانوا جميعهم تقريبا يشيحون بوجوههم عنه ، وكان المرشحون أكثر الذين يشيحون ، لكننى يومها تمسكت بمبدأى: لن أتنكر لصديق أخطأ فى اجتهاده ، وعانقته عناقا حارا ، واغرورقت عيناه يومها بالدموع ( أظن أن ماجال بذهنه هو أنى لا أبيع الصداقة من أجل الأصوات الإنتخابية!!) ، وبالمناسبة فزت فى تلك الإنتخابات فوزا مبينا!! ..رحم الله على سالم وغفرله ، ذلك أنه لايبقى من المبدع رغم كل شىء إلا الإبداع الجميل، ولقد كان إبداعه جمبلا.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا لم يكن علي سالم علي خطأ
السير جالاهاد ( 2015 / 9 / 29 - 19:56 )

أحييك علي لفتة الإنسانية والصداقة
لكن علي سالم (ليرقد في سلام) لم يخطئ
وسيثبت التاريخ ذلك

لنا أن نتفق أو نختلف علي أن إسرائيل ( أو اليهود كما هو راسخ في النفوس) قد إغتصبوا أرض فلسطين أو إذا كان لهم تاريخيا أي حق أم لا

لكن واقع التاريخ هو أن الأرض كانت تؤخذ بالقوة وتصبح من حق الغالب
لم يتغير هذا حتي في العصور الحديثة نسبيا

لا يختلف الأمر بين إمتلاك بريطانيا لجبل طارق (الإسبانية) أو لجزر الفولكلاند (الأرجنتينية) وبين ما يسمي بالفتوحات الإسلامية لمصر والشام وغيرهما

لا أنكر أن هناك قضية وينبغي العمل علي حلها

لكنها قضية الفلسطينيون وليست قضية المصريون

نعم واجبنا مساعدتهم علي ايجاد حل

لقد إرتكبنا خطأ الدخول في حروب وصراعات من أجل ذلك

ويجب أن لا نكرر الخطأ

فالحروب في عصرنا هذا لن تحل أي قضايا

من المنطق إذا أنه بإمكان مصر المساعدة في إيجاد حل وربما في النجاح بالضغط علي إسرائيل من موقع محايد (أو صديق!) أفضل من موقع عدائي

إذا لم نعي هذا بعد 70 عام فلن نعيه أبدا

إسرائيل الان ليست دولة ناشئة أو مستحدثه

هي دولة تقف في صفوف الدول المتقدمة (مهما شعرت تجاهها) علميا وتقنيا واجتماعيا

اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع