الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حامي الأقليات يتاجر بالأقليات

مهدي محمود

2015 / 9 / 29
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


حامي الأقليات يتاجر بالأقليات
دأبت الدول الاستعمارية بعد الثورة الصناعية، على إيجاد أسواق استهلاكية للسلع التي تزيد عن حاجتها مما دفعها إلى مد نفوذها خارج حدود القارة الأوربية، ولما كانت سياستها الاستعمارية تقوم على مصادرة الحريات وقمع الشعوب، لذلك أوجدت ذريعة إنسانية تبرر وجودها على تلك الأراضي المغتصبة فعمدت إلى المتاجرة بحقوق الأقليات وحمايتها ليسهل عليهم التوغل والتدخل في شؤون تلك المستعمرات، ولما كان النظام الأسد هو امتداد لتلك الحقبة الاستعمارية يأتمر بأمرها وينتهي بنهيها لذلك لجأ إلى إثارة الفتنة الطائفة ليسهل عليه تمزيق البلاد، علُّهُ ينجح في تطويق المكون السني صاحب الغالبية الساحقة، ليلعب على تناقضات هواجس الطوائف المختلفة التي بتجنيدها تكون قد أدت خدمات عظيمة للنظام ويكون بذلك قد ضرب عصفورين بحجر واحد من خلال:
1- تجنيد أبناء أكثر من طائفة تكون رديفة لطائفة العلوية التي سيكون من الصعب عليها تطويق الأكثرية الساحقة
2- الترويج إعلامياً أن أي عمل ثوري ستكون دوافعه إقصائية وهدفه الوحيد الإطاحة بالنسيج السوري المتنوع ليثبت نفسه أنه الحامي الأقليات
ولقد نجح النظام إلى حد بعيد في تصدير نفسه على أنه الحامي الوحيد للأقليات عربياً ودولياً، فهو يُجيد الغزل على هذا المنوال، لأنه يمتلك منابر إعلامية لها تأثيرها الخاص في كافة مكونات النسيج السوري، ويُحسن التصيّد بالماء العكر من خلال توظيف حادثة هنا وحادثة هناك علها تعيد له شرعيته المفقودة، فكانت حادثة قلب لوزة التي راح ضحيتها 20 شاباً حديث إعلام الأسد طيلة هذه الفترة، وهو يهول ويضخم تلك السقطة التي وعدت جبهة النصرة بمحاسبة الفاعلين والمتورطين فيها، ولقد استنكرت أكبر خمس فصائل في سوريا تلك الحادثة وعلى رأسهم -حركة أحرار الشام- الجبهة الشامية- تجمع فاستقم كما أمرت- الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام- كتائب ثوار الشام وتعهدوا بإرسال وفد لمقابلة وجهاء القرية وتقصي الحقائق وإرسال التطمينات لهم بعدم تكرار ما حدث والعمل على تشكيل محكمة شرعية للفصل في النزاع.
لكن هذا النظام الأقلاوي الذي نجح وإلى حد بعيد بجعل الأقليات تدور في فلكه، وخرطهم في مشروعه الاستبدادي، من خلال تصوير المكون السني الذي يشكل 80% من سكان سورية على أنه الغول والبعبع الذي يريد أن يأكل الأخضر واليابس ويريد أن يرتكب مجازر وحملات تطهير عرقي واستئصال الطائفي، لذلك جند شبكة أقليات حوله وتمترس خلفها لتعينه على سحق المكون السني إذا فكر يوماً في الانعتاق من نير العبودية، إن الذي يحتاج حقيقاً إلى التطمينات هو المكون السني لأنه قد طعن أكثر من مرة، والمطلوب من كل طائفة فك ارتباطها بنظام الأسد والارتباط الوثيق بالمكون السني الذي دفع ضريبة اسقاط هذا النظام >>بامتياز<< نعم يحق للأقليات أن تخاف على مستقبلها وديانتها ولقد جاء في المادة 25 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان إلى حقوق الأقليات، وتؤكّد أنه »لا يجوز حرمان الأقليات من حقها في التمتع بثقافتها أو إتباع تعاليم دياناتها«
ولا نريد أن نحمل أي طائفة مسؤولية تسرب أبنائها إلى حظيرة الأسد، ولا نريد أن ننكأ جروحاً غائرة للتو حتى اندملت فالشبيح لا دين له ولا طائفة له، والمطلوب التبرؤ من الشبيح مهما كانت طائفته أو معتقده، فاليوم تشعر شبيحة الأقليات أن الأسد يتحين الفرصة لبيعهم كما باع شبيحة السنة وتخلى عنهم بعدما سقطت قراهم فلم يسمح لهم بالدخول إلى المناطق الساحلية خوفاً من أن يكونوا عبئاً عليه، وخوفاً من أن يلعبوا دور العميل المزدوج، ولسان حاله يقول: من لم يكن فيه خير لأهله، فلن يكون فيه خير لي.
ولقد كان مطار الثعلة العسكري الذي ترسل منه البراميل الموت المحملة بالحقد الطائفي، لتنهال على رؤوس أطفال درعا الذين كانوا الشعلة التي أوقدت هذه الثورة، كان هذا المطار شاهداً آخر على هشاشة الوحدة الوطنية التي استطاع الأسد عبر سنوات حكمه توظيف عملاء يمتلكون مواقع مفصلية، في دهاليز المكونات الطائفية، هدفهم تفريق الصف وزرع الضغائن بين أبناء الطوائف، إذاً هناك خلل في النسيج السوري الذي يوشك أن يتمزق بفعل مكر عملاء النظام والقوى العظمى التي تصدر نفسها الحامية لبعض الأقليات في الشرق الأوسط، وهنا يأتي دور السياسة (الائتلاف الوطني) الذي نصب نفسه ممثل لهذا الشعب دون تفويض منه، هل ينجح الساسة الائتلافيون من النضوج والترفع عن أوهامهم ونزاعاتهم الغير متناهية!
الإشكال الواقع في الجبل العرب (السويداء) هو إشكال سياسية بامتياز هو لا يحتاج إلى أكثر من لقاءات وتطمينات مع مشايخ العقل السويداء لسحب أكبر عدد من الشبيحة المحسوبون على الطائفة الدرزية، من محيط مطار الثعلة
وعدم الالتفات إلى الأبواق المأجورة التي يتزعمها بعض الساسة المأجورين في لبنان، والمحسوبين على نظام الأسد حيث طالبوا إسرائيل بحماية الدروز من الجيش الحر، والتي اعتبر مشايخ عقل السويداء كلامهم استفزازياً وتحريضياً أكثر منه عقلانياً.
ومن المعروف أن الائتلاف يضم ولاءات متلونة وأحزاب هدفها الأول والأخير هو إرضاء الدول الداعمة والممولة لأحزبهم وتطلعاتهم، ولكن ترسيخ الوحدة الوطنية وإيجاد ميثاق شرف وطني بين مكونات الشعب الواحد لا يحتاج كل هذا التردد والمماطلة، فهو يندرج تحت بند إصلاح ذات البين، بل ربما عادوا إلى لعبتهم القديمة مع هذا الشعب لعبة الانتهازية والابتزاز السياسي، ماذا يريدون كي يتحركوا ويؤدوا مهامهم في إخماد هذه الفتن؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي