الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجرة الشباب

زيد كامل الكوار

2015 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


مما يثير الرعب والقلق في الوقت نفسه ما يقدم عليه الكثير من شباب العراق من ترك البلاد والهجرة إلى أوربا ، وما يحدث من هجرة تعدت مستوى الهجرة الاعتيادي له أسبابه المنطقية والمعقولة ، فالبطالة والوضع الأمني والاجتماعي القلق وتردي الخدمات وتحديد الحريات الشخصية وانعدام فرص العمل المناسبة والمتكافئة مع المؤهلات العلمية التي تحصل عليها الشباب العراقي وظلت حبيسة دواليبهم الشخصية أو معلقة على جدران صالات بيوتهم كمظهر من مظاهر الفخر والتندر أحيانا كثيرة ، فحامل شهادة الماجستير في علم النفس أو الاجتماع يصطف فجرا مع الأميين والعاطلين في أماكن تواجد عمال البناء أو الحرف التي لا تقتضي من ممارسها غير القدرة الجسمانية والبدنية على حمل الأثقال والأعمال الشاقة التي يعود منها " إن حصل على تلك الفرصة " في آخر النهار وقد انهار من الإعياء والتعب ليعاود الكرة من جديد مثابرا لعله يحوز إعجاب أو رضا أو تعاطف أحد أرباب العمل فيمن عليه بأن يجعله بعد تجريب طويل واختبار شاق أحد أفراد زمرة عمله الدائمين فيضمن بذلك استمراره في ذلك العمل الشاق المرهق فترة أطول ، ومع الحركة الاحتجاجية التي انبثقت في الكثير من مدن العراق وبأسلوب حضاري ديمقراطي غير مسبوق في العراق بل المنطقة عموما فالسلمية والمدنية التي امتازت بها تلك التظاهرات الاحتجاجية المطالبة بالقضاء على الفساد المستشري في مؤسسات الحكومة منذ ثلاث دورات انتخابية ، وقد كانت الشعارات المرفوعة تمتاز بالعقلانية والدعوة إلى مجتمع مدني خال من التعصب الديني والطائفي وإبعاد الرموز الدينية المعتبرة عن الوسط السياسي لكي تتشارك جميع مكونات المجتمع العراقي في إدارة البلاد والتمتع بحماية ودعم الحكومة من دون تمييز يذكر بين مكونات المجتمع العراقي على أساس الدين أو الطائفة أو العرق والقومية ، وقد استجابت الحكومة العراقية في الظاهر لبعض تلك المطالب فقامت بما أسماها رئيس الوزراء حزمة الإصلاحات الأولى التي أقال فيها نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء و تقليص أعداد حماية المسؤولين لتخفيف وترشيق نفقات الحكومة التي دخلت طور تقشف اضطراري نتيجة انخفاض أسعار النفط العالمية و عدم تمكن وزارة النفط العراقية من الإيفاء بالتزامها بخصوص كميات النفط المنتجة التي أقرت على أساس أرقامها التقديرية موازنة الدولة لهذا العام . وأمام هذه الوعود بالإصلاح والتغيير والضرب بيد من حديد على أيدي الفاسدين وتقديمهم للقضاء تنفس الشعب العراقي الصعداء وظن أن الأمور إلى انفراج وأن مسيرة التغيير المزعوم قد ابتدأت ولن تتوقف حتى يقدم كل الفاسدون إلى القضاء وتستعاد أموال البلد التي نهبت خلال تلك الفترة المظلمة من تاريخ العراق الحديث ، ولكن ومع تكرار أيام الجمع المتتالية وخروج مئات آلاف المتظاهرين لم يلمس الشارع العراقي على أرض الواقع شيئا عمليا وجذريا من تلك الإصلاحات المزعومة الأمر الذي أحبط الكثير من شباب العراق الذي يرى شبابه وعمره يتسرب من بين يديه ما دعاهم إلى المجازفة بحياتهم وهي أغلى ما يمتلكون بل كل ما يمتلكون فتركوا الجمل بما حمل تاركين بسلبية واضحة أمور بلادهم ومصيرها إلى من قرر التصدي والتعامل بإيجابية قوية مع المشكلة . ولا ألوم بذلك من هاجر من الشباب فلكل ظروفه وطاقته المحدودة عل التحمل والمغريات كثيرة وكبيرة حيث هاجروا ، فأوربا العجوز بمكوناتها ومواردها البشرية في أمس الحاجة إلى الأيدي العاملة الشابة رخيصة الأجور التي تقنع من الرزق بأقله نتيجة اليأس والقنوط الذين عاناهما المهاجرون إليها من العراق وسوريا وأفغانستان وأفريقيا وكل مناطق التوتر في العالم ما دعاهم إلى الهجرة على أمل الاستقرار النفسي والمادي ثم العودة إلى بلدانهم إن مد الله في أعمارهم كي يروا يوم الخلاص الموعود .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب