الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صعلوك

نارين رياض

2015 / 9 / 30
الادب والفن


صعلوك... اول كلمة تخطر في بالي عندما اتذكر تلك الايام. لا اعرف بالتحديد معنى تلك الكلمة ومدى انطباقها على ذلك الشخص الذي استطاع جذب انتباهنا واهتمامنا بهذه الطريقة. ربما في النهاية كنا جميعاً نشعر بالخزي المشوب بالاحراج عندما نفكر في كيفية تمكنه من الاحتيال علينا بهذه الطريقة ولكن ربما كان احتياجنا لتلك الصحبة التي وفرها لنا اكثر اهمية لكل منا في تلك المراحل المختلفة من حيواتنا المختلة. جميعنا كنا نرى الاشارات ولكننا تجاهلناها بدرجات مختلفة حسب حاجاتنا لمكان امين لا اكثر. اما هو شخصياً فقد كان ذكياً ادرك حاجاتنا تلك او انه كان نصاباً محترفاً يعرف ان الاشخاص يكونون في اضعف حالاتهم عندما يلجأون لاشخاص مثله وفي مكان كذلك المكان. عندما تعود بي الذاكرة الى الايام الاخيرة في ذلك المقهى اجده غريباً كيف فاتتنا العلامات لانهيار ذلك المكان رغم انه لايزال اليوم مفتوحاً يستقبل الحمقى مع صاحبه الصعلوك. كانت الجدران تتهرأ يوماً بعد يوم بطلائها الرخيص القديم وأطر الشبابيك الحديدية بدأت تصدأ ولم يكن يهتم باجراء اعمال صيانة حتى الايام الاخيرة لقضائنا الوقت هناك منذ ان بدأ محور اهتمامه يتحول من مجرد رغبته النرجسية في لفت الانتباه الى قضايا اكبر فقد تغير نوع رواد المكان بشكل واضح واصبحت خدمات الزبائن تهمل ان لم يكونوا ذوي شأن او بحالة اقتصادية اعتيادية. لا انسى وجهه عندما كان يفتقد صحبة هؤلاء وكأنهم كانوا اهله منذ الازل. الغريب في الموضوع ليس الصعلوك بحد ذاته فالدنيا مليئة بالمحتالين بمختلف اشكالهم واساليبهم ولكن الامر الغريب يكمن فينا نحن. كنا اربعة اشخاص حتى قرر احدنا ان ينسحب منذ وقت مبكر وكان الاكثر فطنة منا ربما او انه كان الاصدق فينا مع نفسه. "محتال" هذا ما قاله لي ببساطة من خلال كلماته العديدة التي تجنبت تلك المفردة بالذات مراعاة لمشاعرنا. اما بقيتنا فقد صمدنا معه حتى في اوقات نظرنا فيها الى تلك الكراسي التي لم تعد تحمل اي ثقل اضافي ولم تكن هناك اماكن اخرى شاغرة في ذلك المكان فقد تحولت الى خانات مفصولة ومعزولة. كم كنا بحاجة لهذا المكان اذاً فلم تركناه في النهاية؟
اما الصعلوك فهو كأي محتال آخر يمتلك شخصية جميلة تجذب اليه امثالنا ممن يعانون الغربة او الوحدة او الاختناق في وسط لا يفهم اي من اللغات او المشاكل الاخرى. ربما مشاكل عادية مثل الشعور بالذنب نتيجة للظروف القاسية الي كانت تمر بها البشرية فحسب. لا يمكن ان يكون المحتال سوى شخص يمتلك شخصية لطيفة ومؤثرة والا فأنه سيصبح مجرد شخص آخر يمتلك مقهى اعتيادي متوسط الخدمة وسيء الاثاث. بعد سنوات من ترك آخر شخص لنا لذلك المكان الحقير لم نعد قادرين على الاجتماع في مكان واحد رغم اننا لم نكره سوى المكان فعلياُ او افتراضياً, ولكننا عندما حانت تلك اللحظة التي شهدنا فيها استبدال العقول بالاموال ربما وجدنا فرصتنا الحقيقية لنعرف ماذا نريد وربما حتى الاوقات الجميلة التي كانت تعيش في ذاكرتنا تذكرنا بكمية المشاعر السلبية التي حملها اصحاب المكان ورواده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل