الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية الأشكال التنظيمية للإنتاج الزراعي في تطوير العلاقات الزراعية الرأسمالية / 2 - 4

كريم شكاكي

2015 / 9 / 30
الصناعة والزراعة


من المعروف أن العلاقات الزراعية بما في ذلك علاقات الملكية في الأرض الزراعية ، التي تشكل الجزء المكون للعلاقات الإقتصادية التي تنشأ بين الناس خلال عملية الإنتاج . وأن تطور العلاقات الزراعية يرتبط بإتجاهات السياسة الزراعية وأهدافها الستراتيجية وطريقة العمل في الحل الناجح للمسألة الزراعية ، وهي تشمل على الإجراءات والتدابير الموجهة نحو :-
-;---;--+ وضع وإقرار سياسة زراعية قائمة على تفعيل جهاز السوق وآلياته ،
-;---;--+ تحسين وتطوير علاقات الملكية في الأرض ،
-;---;--+ تحسين وتطوير البنية الإنتاجية في الزراعة ،
-;---;--+ تحسين وتطوير عملية التكامل الزراعي - الصناعي ،
-;---;--+ الحل المناسب للقضايا الإجتماعية والبيئية في الريف .
-;---;--+ تطوير فعالية العلاقات الإقتصادية الخارجية للزراعة .
-;---;--من الطبيعي أن أهداف السياسة الزراعية ومهام تحقيقها ينبغي أن تبنى على أُسس ومباديء وآليات منهجية تعبر عن متطلبات الجهاز السوقي الفاعل والواقع الموضوعي القائم . وبقدر ما يخص الموضوع تقييم عام للمسألة الزراعية وجوهر السياسة الزراعية خلال فترة الحكم البعثي الفاشي في العراق ، فإنها كانت تخدم مصالح الزمرة الحاكمة وأعوانها، وكانت تستند على منهجية مقلدة وقائمة على تمركز الوظيفة الإقتصادية في الأجهزة المختصة في الدولة والقيادة الحزبية ، من خلال سيادة القطاع العام - قطاع الدولة ، على حساب القطاع الخاص من خلال تحديد نطاق نشاطه وإلغائه بوسائل تشريعية وإقتصادية مختلفة. كانت هذه السياسة تمارس بشدة في عقد السبعينات والثمانينات ، بإستثناء السنوات الأخيرة من حكمه ، ونتيجة الأزمة الخانقة في جميع مجالات المجتمع ، والتي كان النظام يواجهها ، حاول تطبيق سياسة الإنفتاح الإقتصادي بإنشاء شركات خاصة . إلأ أن مفاتيح الإقتصاد تمركزت بيد أعوانه والعناصر الحزبية القيادية وتحت إشراف السلطة السياسية الحزبية .
-;---;-- وبقدر ما يتعلق بهدف بحثنا هنا سوف نركز إهتمامنا على نموذجين من تنظيم الإنتاج الزراعي – تأجير الأرض الزراعية والتنظيم التعاوني ودورهما في تطوير وتحسين طبيعة العلاقات الزراعية .
-;---;--
-;---;--عملية تأجير الأرض الزراعية :-
-;---;-- أصبحت ظاهرة تأجير الأرض الزراعية تمثل إحدى الأشكال التنظيمية واسعة الإنتشار للإنتاج الزراعي في البلدان الرأسمالية المتطورة وتلعب دوراً هاماً في توسيع وتطوير العلاقات الرأسمالية في الزراعة من خلال إجتذاب الرأسمال الخاص لإستثماره في الزراعة . 
-;---;--إن ظاهرة تأجير الأرض الزراعية قائمة منذ القدم وبأشكال مختلفة . تعتبر تجربة إنجلترة إحدى أقدم التجارب في إدخال العلاقات الرأسمالية الى الزراعة من خلال عملية تأجير الأرض ، التى تعود الى القرن التاسع عشر ، وتمثل الشكل الكلاسيكي لعملية تأجير الأرض الزراعية بالنمط الرأسمالي لتنظيم الإنتاج الزراعي ، حيث أنها تمكنت" مبكراً" من فرض أنضج الأشكال الرأسمالية حتى في الزراعة التي كانت ولا تزال تحمل بقايا الأشكال القديمة للعلاقات الزراعية وبشكل رئيسي علاقات ملكية الأرض . ومما ساعد الزراعة على هذا النمط الجديد للعلاقات الزراعية هو التطور الديناميكي المعاصر للتقدم العلمي - التقني الذي حمل أيضاً تغيرات جوهرية نحو ترسيخ الأشكال الرأسمالية في جميع الأنشطة الإقتصادية بما فيها الزراعة . ومع تطور الرأسمالية وبشكل خاص في الصناعة كانت ترافقها عملية تمركز ملكيات الأراضي الزراعية في أيدي كبار المالكين ، الذين بدورهم إلتجأوا الى تأجيرها الى المزارعين - الرأسماليين الذين يرغبون توظيف أموالهم في الإنتاج الزراعي بإستخدام العمل الأجير أو بدونه في تنظيم الإنتاج .
-;---;--إن ظاهرة تأجير الأرض الزراعية في واقع الأمر ساهمت على قيام علاقات زراعية - إقتصادية رأسمالية في الزراعة تجسدت منذ البداية بين ذاتيات ثلاثة – الأول - مالك الأرض الذي يعرض أرضه للتاجير ، والثاني - المزارع - الرأسمال المستأجر للأرض بهدف توظيف رأسماله الخاص في الإنتاج الزراعي ، والثالث – الشغيل الزراعي الذي يعرض قوة عمله في السوق . تنشأ العلاقة بين هذه العناصر من خلال السوق التي تنظم التفاعل المتبادل وتضبطها وتجسدها عبر الريع الأرضي الذي يحصل عليه مالك الأرض بمثابة تسويق إقتصادي لملكيته على الأرض كموضوع أي كمادة للإستغلال ، ومتفق عليه مسبقا مع الرأسمالي - المستأجِر، والرأسمال المستثمر ، وأُجرة العمل التي يحصل عليها العامل الزراعي الأجير مقابل الجهد الذي يصرفه في عملية الإنتاج . وإن الأهمية الإجتماعية - الإقتصادية للعناصر الثلاثة المتفاعلة في عملية تأجير الأرض في البنية الزراعية ، تجد تعبيرها في المعايير السوقية لدى تسويق الجزء السلعي من الإنتاج .
-;---;--إن تأجير الأرض الزراعية ليست ظاهرة منعزلة عن تأثير أسباب وعوامل إقتصادية وإجتماعية مختلفة تنشأ من الواقع الموضوعي الذي تجري فيه عملية التأجير . ومن أهم هذه الأسباب التي تدفع بأصحاب الأراضي الزراعية الى تأجيرها ، وبوجه خاص صغار ومتوسطي المزارعين الذين يفتقرون الى القدرة التنافسية العالية لمنتوجاتهم لمواجهة منافسة المزارعين الكبار الذين تتميز منتوجاتهم بجودة عالية وسعر تنافسي قوي بحكم قدرتهم على إدخال وإستخدام منجزات تكنولوجية عالية ألإنتاج وغالية الثمن التي يفتقر إليها صغار المزارعين والذين غالبا لا يستطعون تملكها وإستخدامها ، وبالنتيجة يتعرضون الى الإفلاس والخراب وبالتالي الى تجير أراضيهم . كما هناك أسباب أخرى للتأجير كعدم قدرة أصحاب الأراضي الزراعية على ممارسة العمل الزراعي المباشر بسبب الشيخوخة أو المرض وإنشغالهم في أنشطة أخرى . ولمعاجة هذه الأوضاع توجد شركات متخصصة تنظم إدارة المزارع بتأجيرها بموافقة أصحابها .
-;---;--تتلخص عملية تأجير الأرض الزراعية في شكل تعاقدي للإتفاق على علاقة معينة بخصوص الأرض بين صاحبها و الرأسمالي - المستأجر . إن أهم بنود الإتفاق كما تنص عليه القوانين والتشريعات المحلية هو تحديد هدف الإستئجار بتنظيم الإنتاج الزراعي ، وتحديد الفترة الزمنية للإيجار ، وقيمة الإيجار التي تسمى الريع الأرضي في ظروف الرأسمالية الذي مثلاً في الولايات المتحدة الأمريكية يتخذ شكل الريع النقدي الثابت وهو أكثر الأشكال إنتشاراً . وتتحدد قيمة الإيجار للأرض من سعرها السوقي الذي تبعاً يتحدد من خصوبتها الطبيعية وظروفها المناخية وموقعها الجغرافي ومن حالة السوق الزراعية . وهذه القيمة تمثل التسويق الإقتصادي بألنسبة الى مالكها لملكيته على الأرض ، فهي الدخل الذي يحصل عليه . يعتبر هذا الشكل التعاقدي بين مالك الأرض المستأجرة والمزارع - الرأسمالي المستأجر للأرض الزراعية بشروطه و بنوده الأساسية هو " الشكل المعاصر الأحدث للعلاقات الإيجارية والذي يستجيب لحاجة التطور الرأسمالي للزراعة *1."*(راجع الهامش المصدر1،ص14)
-;---;-- و إذا أخذنا تجربة إنجلترا كما أشرنا إلى أهميتها التأريخية فإن هذا الشكل التعاقدي لإستخدام الأرض المستأجرة كأحد أنضج أشكال العلاقات الإقتصادية في الزراعة لعب دوراً إيجابياً في تطور الزراعة في إنجلترا حتى عندما كانت الرأسمالية في شكلها ماقبل الإحتكاري ، وذلك بالتطبيق المبكر للأشكال الرأسمالية في العلاقات الزراعية ، ونؤكد على العامل المساعد لنجاحها هو منجزات التقدم العلمي - التقني التى وصلت اليها في نفس الوقت إنجلترا وإستمرار سياستها الزراعية وجهودها داخل السوق الأوربية المشتركة حول مسألة تطوير الإنتاج الزراعي بهدف حل المشكلة الغذائية . يتجلى نجاحها فى حقيقة أنها " تلبي في الوقت الراهن 80% من حاجاتها من المنتجات الزراعية من إنتاجها الوطني لها. 2(راجع الهامش المصدر 2،ص61)" *
-;---;-- 
-;---;--في العديد من البلدان المتطورة – أوربا الغربية اليابان يسود نظام القطع الصغيرة لملكيات الأرض الزراعية . وفي ظل التسهيلات المادية والمالية التي تقدمها الدولة للمزارعين بهدف تشجيعهم على إدخال وإستخدام المنجزرات العلمية - التكنولوجية المعاصرة ، يسعى أصحاب هذه المزارع الى توسيعها من خلال إستئجار أرض زراعية إضافية وضمها الى العملية الإنتاجية في مزارعهم . كما غالبا يلجأ كبار المزارعين الى هذا الإستئجار الإضافى ( الجزئي ) واسع الإنتشار ويشكل جزءً هاماً من المنتوج الإجمالي للمزرعة . إن الجانب الإيجابى لهذه الحالة هو بالذات في عملية تركز أي تجميع الإنتاجات الصغيرة في وحدات إنتاجية أكبر تستوعب إستخدام المنجزات المعاصرة بطاقتها الإنتاجية العالية . وتشير المعطيات الى زيادة متوسط المساحة المستأجرة مثلاً في الولايات المتحدة الأمريكية " في عام 1935 كان متوسط مساحة الأرض الزراعية المستأجرة من قِبل مزارع - رأسمالي مستأجر واحد قد بلغ 474 ديكار ، أما في عقد الثمانينات بلغ المؤشر 1776 ديكار."3-(راجع الهامش مصدر 3 ،ص 33 )*
-;---;-- 
-;---;--تزداد بإستمرار الأهمية الإقتصادية والإجتماعية لعملية التأجير في ظل المنافسة الحادة الجارية في الأسواق الزراعية ، يتجلى ذلك من النسبة التي يشملها التأجير من الأراضى الزراعية المستثمرة مثلا" في عقد الثمانينات شملت عملية التأجير مساحات واسعة ، ففي فرنسا أكثر من 50% من الأرض الزراعية كانت قد أستغلت بشروط التأجير في الولايات المتحدة أكثر من 40% ، في عام 1982 إستغلت بشروط التأجير 1547 مليون ديكار أي 39% من الأرض المستثمرة في البلد . وكانت هذه الأراضي تستغل من قبل 259 ألف مزارع - رأسمالي مستأجر وفي 656 ألف مزرعة خاصة مستقلة."4(راجع الهامش المصدر4،ص5) * 
-;---;--
-;---;--تبرز أهمية تأجير الأراضي الزراعية من حجم المدفوعات الريعية التي يدفعها سنويا المزارع - المستأجر الى أصحابها تشير المعطيات بهذا الخصوص " فى الولايات المتحدة الأميركية بلغ متوسط المدفوعات الريعية السنوية خلال فترة 1980-1986 حوالي 20 مليار دولار، بينما فى عام 1982 وصلت الى 22.3 مليار دولار"*5(راجع الهامش المصدر 2،ص73)
-;---;-- 
-;---;--و تعتبر هذه المبالغ أكبر من ضمن المدفوعات السنوية الأخرى مثلا القروض المرهونة ومدفوعات الإيجارات الأخرى . ولكنها ضمن التكاليف ألإنتاجية تشكل أقل نسبة .
( يتبع )
الدكتور / كريم شكاكي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة