الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافاتنا الى اين؟

امير عبد عباس

2015 / 9 / 30
كتابات ساخرة


احبتي .. اسرد لكم هذه القصة نقلاً عن لسان جدتي .. وأعتقد ان القصة جديرة بالملاحظة والاهتمام لانها تحاكي جزءاً مما يعانيه مجتمعنا من تراث اسطوري وخرافي وهمي ، وقانا الله واياكم شره , وقد يقول قائل ان مثل هكذا قصص لاتؤثر على عقول (العوام ) ، وانا من جانبي يمكن ان ارد واقول ، ان مثل هذه القصص هي احدى عوامل عقم العقول وتغييبها بل أجزم بانها ذو فاعلية واثر لايستهان به على عقول العوام , فلو توخينا الدقة لوجدنا بان تقديس بعض (القبور والمراقد) ناتجة عن تأثير هذه القصص الملفقة ناهيك عن مدى صحة هذه القبور ، فمن المؤكد ان اغلبها قبور ومقدسات وهمية وليس لها اساس من الصحة ، والامثلة كثيرة لايسعني المجال هنا لذكرها.على كل حال ساسرد لكم القصة واترك الحكم لكم.
تقول الحاجة وهي تروي قصتها ان هناك شابا في مقتبل العمر كان يريد ان يتزوج فذهب لخطبة عشرات الفتيات الا ان كل محاولاته باءت بالفشل فاعتراه حزن شديد واعتمر قلبه الاسى والحزن وكاد ان يموت مما حدى بامه ان تذهب الى مرقد ( سيد ) وكان معروف باستجابته للدعاء وانه لايرد اي طلب للناس التي تتبارك بزيارته من كل حدب وصوب. وطلبت منه ان يساعد ابنها على الزواج ، وتعهدت ( نذرت ) بان تهدي له كنتور (خزانة ملابس ) اذا ما لبى السيد طلبها .. وبالفعل فقد وافق اهل أول بنت ذهبوا لخطبتها على الشاب و (صارت القسمة) وعلى عجل تمت مراسيم الخطبة والزواج على احسن مايرام .
لكن الذي حصل ان والدة الشاب تقاعست عن بالايفاء بالنذر الذي عاهدت عليه ( السيد) واكتفت بالشكر والعرفان لهذا السيد الجليل لتحقيقه لها مرادها .
لكن الصدمة غير المتوقعة التي اصابت المراة كانت عندما رجعت الى البيت ودخلت الى غرفة ابنها ولم تجد ( الكنتور ) في مكانه .. يالللمصيبة ! ياللهول! وبعد بحث مضني عن الكنتور المفقود .. جاءت المفاجئة الاكبر والتي صعقت المرأة ( الناكثة ) للنذر هي انها وجدت كنتور ابنها داخل مرقد السيد الجليل صاحب الكرامات ومحقق المراد فلم تستطع المرأة تحمل الصدمة فراحت تجهش بالبكاء والنحيب وصاحت باعلى صوتها ( دخيلك يالسيد بعد مااسويها ) .. كانت جدتي تحكي القصة بقناعة مطلقة وكأنها تعيش تفاصيلها او كأنها كانت احد الشهود عليها .. كانت تحكي هذه الدراما وهي في حالة من الخشوع والتجلي ، مسلمة امرها لهذا السيد الجليل.
كنت أضحك في سري وانا استمع لحديث جدتي الحماسي .. جدتي التي اصبحت زيارة هذا السيد طقساً شهرياً ثابتاً في حياتها بعد ان حصلت هذه الواقعة العجيبة ..
بعد ذلك استاذنت منها بان اوجه لها سؤالاً ، فوافقت ، قلت لها لو سلمنا بان هذه القصة صحيحة ! وانها حصلت فعلاً .. الا يحق لنا ان نعتبر ان هذا ( السيد ) هو بالاساس سارق ( حرامي ) من طراز عجيب وان ما قام به يعتبر سرقة مفضوحة ؟ .( ها شتكولين .. حجية ) .. كانت كلماتي مستفزة لها الامر الذي جعلها ترمقني بنظرة غاضبة ثم قالت لي (انت صدك متصيرلك جارة .. دير بالك على نفسك هذا السيد عنده (شارة) .
مناسبة هذه القصة ، اننا نلاحظ بان مجتمعنا اصبح اسير لقيم متخلفة ومفاهيم مغلوطة غير ابه لما وصلت اليه البلدان المتقدمة من رقي وتطور على جميع الاصعدة ومما يساعد على انتشار هذه الظاهرة ، ان الكثير من تجار الدين والمرتزقين منه يؤيدون هذا الفكر وينعتون كل من يرمي سهام نقده بانه (خارج عن الملة) حسب تعبيرهم .
اقولها والالم والحزن يعتصرني بان الحياة على وشك التعفن والجمود والاهتراء بسبب هذا الفكر المتخلف .. لذلك اناشد كل المعنيين بالشان الثقافي والفكري بضخ افكار ودماء جديدة في مجتمعنا الراكد لكي نزيل منه ادران هذا الفكر الخرافي الظلامي , ونسعى الى معالجة فكرنا على ضوء الدراسات العلمية الحديثة ، بدلا من ذلك الاسلوب العقيم الذي لانهاية له ولاجدوى منه بحيث نضع كل مسلماتنا ومقدساتنا في غربال المنهج العلمي لناخذ الصالح منها وننبذ الطالح في سلة المهملات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل