الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-ولد الشعب - يترنح يمينا مرة تلو أخرى

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2015 / 9 / 30
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


لمّا ساند طيف واسع من اليسار والقوى الوطنية والتقدمية في تونس ، ترشُّ الرفيق حمة الهمامي تحت راية الجبهة الشعبية في رئاسية 2014 ، كان الرّهان الغالب هو الدِّفاع عن رمزية اليسار التونسي الموحّد في مواجهة مشاريع الرجعية والليبرالية المتوحِّشة ، وسعيا لتوحيد قوى التقدّم في مرحلة لاحقة ، ضمن حراك أو جبهة وطنية حداثية ذات طابع إجتماعي تحمي الجمهورية وتُأصُّل نظام حكمها الديمقراطي على أسس العدالة الاجتماعية.
كان الأملُ الغالب ، أنَّ الرفيق النّاطق الرسمي بإسم الجبهة الشعبية قد حدَّد بوصلته بشكل حاسمٍ ، قاطعا مع ما سبق من تكتيكات وخيارات سياسيّة جعلته يلتقي مرارً مع "الحركة الاسلامية " قبل وبعد 14 جانفي ، تحت مُبرِّرات هشّة من قبيل "احتواء الإعتدال " ووحدة الصفِّ في مواجهة الديكتاتورية ... الخ وغاب على رفيقنا أنَّ "إلتقائته" مع الرجعية الدينيّة منحتها بطاقة العبور الأولى لإختراق الحركة الديمقراطية ، أعقبتها بطاقة ثانية مكّنتها من إختراق الدَّولة لمّا جرّتهُ الى خيار "مجلس وطني تأسيسي" تحت مُسميّات الانتقال الديمقراطي !! وهاهو رفيقنا "ولد الشعب" يُواصل نفس النَّهج ، لا همَّ لهُ الّا الحفاظ على رمزيته الخاصّة الفردية أو "الزعاماتية " ، بعد أن خلنا أنَّه تعلّم دروس الثلاث سنوات الماضية و عقد من الزمن أو أكثر قبلها من الثورجيّة والشُّعبوية ، لِيُعدِّل إتِّجاه سيره يسارا نحو وحدة حقيقية لقوى الاشتراكية الديمقراطية ، مُستثمرا تجَمُّعها حوله في رئاسية 2014 ، ليتقدّمها في مواجهة سياسية صريحة ضدَّ الرجعية الدينية بكلِّ تلويناتها ومناقضة لليبرالية المتوحشّة بكلِّ عناوينها . فكانت الرسالة التي وجّهها الرفيق محمد الكيلاني ، وهو أحد مُؤسسي حزب العمال الشيوعي التونسي رفقة حمة الهمامي ، الى جانب كونه كان من المُعارضين السياسيين والفكريين الشّرسين لمقولة إمكانية مقرطة جزء من الحركة الاسلامية ، ودفعها للتراجع عن مقولاتها المؤسِّسة المُشبّعة بالرجعية ورفض الحداثة والتقدُّم ومنها على سبيل الذكر كُرّاسات " الحركة الديمقراطية في مُفترق الطُّرق " و" خطاب مفتوح لمناضلي حزب العمّال...." و "الاوضاع العامة وعوائق التشكل الديمقراطي " ...الخ ، كانت الرسالة سعيا لاستثمار رمزية الرفيق الناطق للجبهة الشعبية ، وخياره السليم آنذاك في الترشح للرئاسة مُتمايزا عن الضدين الليبراليين ، ودفعا له وللقوى اليسارية عموما لتصحيح مسارها نحو وحدتها الاستراتيجية على قاعدة الديمقراطية الاجتماعية .
ولكن رفيقنا الناطق الرسمي باسم الجبهة ، ومرشّح رئاسية 2014 ، في تعاليه لم يستثمر اللحظة السياسية التي جمّعت القوى حوله ، فلم يُطوِّرها الى وحدة يسارية ، وواصل نهج الدعم السلبي (عبر الصمت والتخاذل ) لمنظومة الحوار الوطني المنقوصة والعاجزة ، والتي أفرزت زواج المُتعة السياسي-الدولاتي بين قوى اليمين الليبرالي بشقيها "الديني "و"الحداثي" ، لتتطوّر كل يوم ومع كل موقف الى تحالف حكومي إستراتيجي بينها ، يُؤصِّلُ له رموزه كلَّ يوم ومع كل خطاب وحدته الفكرية و"التاريخية" (فبلغ الأمر براشد الغنوشي أن يُصرِّحَ أنَّ الدساترة والاخوان مُشتركي الأصل يتحدَّرون من رمزية واحدة مرجعها عبد العزيز الثعالبي و صحبه ) فهاهو نفس الشيخ ينقلب بشكل براغماتي فجّ على المرزوقي وحلفائه ويُعدّل موقفه من نظام الأسد والقضية السورية كما إنقلب سابقا على إحتياطييه من المجموعات السلفية ، وهاهو "ابو البورڨ-;-ية" ورئيس حزب النداء ينقلب على ناخبيه وعلى خطابه الانتخابي ويَمُدُّ يديه الإثنتين لفرع الاخوان بتونس في تحالف يبدو أنَّه إستراتيجي ودائمٌ ، كُلُّ هذا في ظلِّ عجز قيادات اليسار والاشتراكية الديمقراطية في تونس على تطوير أسس وحدتها وتخليق أدوات عملها المُشترك ، رغم وحدة الأطروحات المُؤسسة وتشابه وتشابك المراجع ، أو بالأحرى في ظل تخاذل الرُّموز وقبولهم الانخراط في المنظومة القائمة بوصفه لاحقا ، مُكمِّلا ، بُهارا ...الخ لا غير لاضفاء النُّكهة لهذا المزيج ، النُّموذج التونسي المُعَدِّ سلفا حول إمكانية إنجاح التزاوج الليبرالي بين حداثة كسيحة وتديُّنٍ سياسي مشبوه ، بما يُعيق طموح الشعب في الانعتاق الاجتماعي والحضاري ، سواءا بسواء . إنَّ "ولد الشعب" عجز مرّة أخرى على تصحيح وجهته يسارا ليتقدَّم الحركة ويوجُّهها مُتماهية مع إتِّاجهات حركة التاريخ ، أو هو يَترَنَّحُ يمينا مرّة تلو الأخرى لا يسعه التملُّص من خياراته وأطروحاته التي أوصلته الى حركة 18 أكتوبر ذات 2005 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف المحتجين يخرجون في مدينة مالمو السويدية ضد مشاركة إسرائ


.. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين المطالبين بإسقاط




.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين يطالبون بإقالة الحكومة في تل أب


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق احتجاجات في تل أبيب ضد الحكومة ونتني




.. آلاف المتظاهرين يخرجون في شوارع تل أبيب