الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روسيا تقلب الطاولة على أمريكا ومن يدور في فلكها

ناجح شاهين

2015 / 10 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الآن، يولد عالم جديد:
روسيا تقلب الطاولة على أمريكا ومن يدور في فلكها

كان أوباما قد وافق على ما يبدو على بناء منطقة محظورة الطيران فوق سوريا لقاء موافقة اردوغان على استخدام الطيران الأمريكي لقاعدة انجرليك التي تجعل المسافة لميدان المعركة في سوريا 15 دقيقة طيران لا أكثر. من الواضح أن هذا الفعل كان قميناً بتقويض الدولة السورية على نحو جذري وتحويلها إلى دولة فاشلة تماما. تحرك بوتين بسرعة واستبق الفعل الأمريكي-الغربي-التركي بنشر سريع لقواته وطيرانه في ميدان المعركة. وقد كان ذلك مذهلاً بالفعل وغير متوقع على ما يبدو على أي نحو، والدليل على ذلك الارتباك الواضح الذي يميز ردود فعل الدبلوماسية الأمريكية التي تختبئ الآن بدرجة أو بأخرى وراء الألعوبة التي تسمى فرنسا. ويبدو لسان حال المعسكر الروسي-السوري-الإيراني يقول: إذا كان لا بد من خسارة اليمن، فلا مناص من ربح سوريا. لا مجال لخسارة الحربين أبداً. غير أن الأمور قد تسير على نحو أسوأ من ذلك بكثير بالنسبة للمعسكر الأمريكي وما يدور في فلكه من أقمار: ليست اليمن لقمة طرية سهلة المضغ ناهيك عن الهضم أبداً.
خططت الولايات المتحدة لمعركتها في سوريا جيداً. اصطنعت كما ينبغي لها العذر الأخلاقي الضروري: بالتعاون مع مخابرات بندر بن سلطان السعودية تم تنفيذ هجوم غاز السارين الشهير في العام 2012، وكان المقصود طبعاً إرباك العالم بكذبة من العيار الثقيل حول استخدام الجيش السوري بأوامر من بشار الأسد لغاز فتاك وقاتل. وقف لافروف بصلابة تامة مشككاً في أدلة الولايات المتحدة، وذهب في ذلك الوقت بعيداً باتجاه اتهام رئيس الخارجية الأمريكية كيري بالكذب. ولكن الظرف لم يكن ناضجاً على ما يبدو إلى درجة أن توقف روسيا الأمريكان وحلفائهم بالقوة المطلوبة. كان الموقف الروسي دفاعياً تماماً. ولو لم يكن كذلك لطالب بفحص الأدلة ومعاقبة المذنبين. وما كان صعباً إثبات تورط السعوديين وأسيادهم الأمريكان في الأمر. ولكن الروس لم يكونوا قد وصلوا إلى مستوى المطالبة بأن يكونوا أقنوماً آخر في العالم يناكف الأقنوم الأمريكي علانية. من هنا اقتصر الجهد الروسي على حرمان الأمريكان وذيولهم من الاستفادة من الواقعة المفبركة.
اليوم يقدم الروس علاجهم لمرض الإرهاب الأمريكي باستخدام ترياق عملي: تقديم الدليل على أن قطع دابر الإرهاب الجهادي الأمريكي-الخليجي ممكن بالفعل، وأن ما كانت تفعله الولايات المتحدة وحلفاؤها في حربهم ضد داعش كان ستاراً رخيصاً لتدمير بنية سورية التحتية وصولاً إلى تفكيك الدولة السورية عبر حرب تستمر إلى ما لا نهاية مثلما أوضح المسؤولون الأمريكيون عشرات المرات بأقوال وتصريحات من طائفة: "إن الحرب ضد داعش قد تستمر ثلاثين سنة." أطول من الحروب العالمية وحرب فيتنام معا. الروس اليوم يكشفون للعامة قبل الخاصة النفاق الأمريكي السخيف الذي اتكأ في الماضي على استفراد الوحش الأمريكي بالكون وعدم وجود من يفعل شيئاً في وضح النهار يسلط الضوء على عورة أمريكا المغطاة بورقة توت مثقبة.
عندما كنت في الولايات المتحدة في العام 2007 طالباً في دائرة العلوم السياسية أذكر أن الصحفي المرموق (واليميني بالمناسبة) سيمور هيرش كتب أن الولايات المتحدة لا تعدم وسيلة لتغذية الإرهاب السني من أجل إضعاف سوريا وحزب الله وإيران. ما تغير شيء في المشهد، ولذلك لا يجب أن يثير دهشتنا في شيء أن نجد أن المقاتلين "المعتدلين" المدربين على يد الأمريكان بالمال السعودي والقطري على أرض الأردن يعبرون الحدود إلى سوريا، وسرعان ما ينضمون لجبهة النصرة التي تعمل في كل شيء هذه الأيام، وخصوصا في بيع الناس هويات وجوازات سفر مزورة تثبت انهم لاجئون سوريون هاربون من ارهاب الأسد لكي يستخدموها في طلب اللجوء الى اوروبا. وذلك بالطبع كله جهاد مشروع من وجهة نظر المعتدلين والمتطرفين على السواء. الولايات المتحدة تقول إنها لا تسيطر على المقاتلين بعد عبورهم إلى سوريا، ولذلك فهي غير مسؤولة عن انضمامهم للنصرة، لكن يجب أن يكون المرء من النوع الذي يحب التسلية الساذجة كثيراً لكي لا يرى كيف تترك جبهة النصرة لتفتح مكاتب في اربد شمال الأردن، تبيع فيها كل شيء وتشتري كل شيء، بما في ذلك الأنصار والعملاء الذين يتم شحنهم إلى سوريا وأحياناً إلى لبنان. ذلك يتم بمباركة الولايات المتحدة وحلفائها بطبيعة الحال. روسيا تضع حداً للعبة have fun in Syria & Iraq التي بدأها بوش. الآن يتم تعرية الموقف الأمريكي وتحطيم أضلع صنائع الولايات المتحدة الذين سيتضح على ما نعتقد قريباً أنهم كانوا نموراً من ورق استقووا على الدولة السورية بفعل تكالب عربي ودولي منقطع النظير.
كانت مواجهة الأمم المتحدة رائعة بالفعل. قال أوباما إن بلاده أقوى بلد في العالم، وأنها ستعمل ما في وسعها بالوسائل كافة لحماية حلفائها وحماية الديمقراطية. وقد رد بوتين على هذه الغطرسة مواجهاً رئيس أمريكا لأول مرة منذ زوال الاتحاد السوفييتي مبيناً أن حديث أوباما عن الديمقراطية مجرد هراء وأن ما أحضروه لليبيا كان الفوضى والخراب. ونحن لن نسمح بتكرار ذلك. لقد حاول أوباما أن يوقف روسيا منذ بعض الوقت، فطردت من مجموعة الثمانية التي أصبحت مجموعة السبعة، وشرع إعلام واشنطون "الحر" في تصوير بوتين على أنه طاغية مجنون ومعزول. لكن بوتين ينسق مع الصين، والبريكس، ودول أساسية في المنطقة مثل ايران وسوريا.
العالم الذي يولد الآن قد يكون فيه فرصة أكبر للاستقلال والنهوض، وربما أن قوى التقدم والقومية العربية تلتقط هذه الفرصة وتشرع فوراً في تنظيم نفسها، والتقدم لأخذ دورها في بناء الأمة وقيادتها نحو مستقبل مختلف عن الماضي القريب الذي وصل إلى الحضيض الذي لا بد له أن يتوقف هنا والآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف مهدت والدة نيكو ويليامز طريقه للنجاح؟


.. لبنانيون محتجزون في قبرص بعد رحلة خطيرة عبر قوارب -الموت-




.. ستارمر: -التغيير يبدأ الآن-.. فأي تغيير سيطال السياسة الخارج


.. أوربان في موسكو.. مهمة شخصية أم أوروبية؟ • فرانس 24




.. ماهو مصير هدنة غزة بعد تعديلات حماس على الصفقة؟ | #الظهيرة