الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب في سوريا تشعل نار الصراع بين القوى الامبريالية

الديمقراطية الجديدة( النشرة الشهرية)

2015 / 10 / 2
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


الحرب في سوريا تشعل نار الصراع بين القوى الامبريالية
في الوقت الذي يُقرع فيه جرس السلام في مقر الأمم المتحدة ( في 21 سبتمبر من كل سنة ) كدعوة لإحلال السلم في العالم ، تتواصل الحرب المدمّرة في سوريا بكل شراسة و تحصد أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء و تدمّر المنشآت الاقتصادية و البنية التحتية هذا زيادة عن الملايين من المهجّرين قسرا داخليا و خارجيا . وأمام استمرار الحرب لمدة تقارب الخمس سنوات – على عكس توقّعات ومخططات الامبريالية الامريكية وحلفائها الأوروبيين – احتدّ الصراع بين القوى الامبريالية و خاصة بين الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا وأصبح استعراض العضلات العسكرية بين القوتين والسباق نحو تكديس الأسلحة وتطويرها عملا يوميا تنشره مختلف وسائل الاعلام . لقد فهمت روسيا الاتحادية بزعامة فلاديمير بوتين منذ احتلال العراق سنة 2003 ، بل منذ حرب الشيشان الطائفية ومنذ ما يعرف بالثورات المخملية أو البنفسجية بأوروبا الشرقية أنها من أبرز المستهدفين من العولمة بزعامة الولايات المتحدة ، وأمام زحف الناتو تدريجيا نحو حدودها أسرعت روسيا إلى تحصين مواقع نفوذها وإقامة التكتلات الاقتصادية والعسكرية ضد أمريكا وحلفائها – أعضاء حلف الناتو – فمنذ 2003 استغلّت روسيا الطموح الصيني في التحوّل إلى قوة اقتصادية تهيمن على جلّ أسواق العالم لتقيم معها " حلف بريكس " الذي يضمّ إلى جانب روسيا و الصين كلاّ من الهند و البرازيل و جنوب افريقيا وهو حلف يمثل 20% تقريبا من الثقل الاقتصادي العالمي زيادة عن الثقل الديمغرافي الكبير (ما يقارب نصف سكان العالم ) و يطمح بريكس اقتصاديا إلى أن يكون بديلا عن البنك العالمي و صندوق النقد الدولي ، الأداتين اللتين تهيمن بهما الامبريالية الأمريكية و حلفائها الأوروبيين على الاقتصاد العالمي ، و عن نفوذ الدولار الأمريكي في المعاملات المالية عبر العالم . ولتحقيق هذا الهدف كوّن أعضاء بريكس " البنك الجديد للتنمية " ( New development Bank ) الذي فُتح مقرّه بشنغهاي في منتصف جويلية 2014 و ساهمت الصين ب 41% من رأسماله . و بالطبع تعرف الامبريالية الروسية المستنفرة للدفاع عن مصالحها وكذلك الصين أن الاقتصادي يتبعه حتما السياسي والعسكري لذلك قامت روسيا بتكوين حلف اقتصادي جديد هو " الاتحاد الاقتصادي الأوراسي" و يضمّ حاليا روسيا الاتحادية و روسيا البيضاء الواقعة على حدود بولونيا و أوكرانيا غربا وكازاخستان و قيرغيزستان الواقعتان على الحدود الصينية شرقا ، ودخل هذا الاتحاد الاقتصادي حيز التنفيذ في بداية عام 2015 وانضمّت إليه منذ أشهر أرمينيا وهو مفتوح لبقية الدول الآسيوية والأوروبية الراغبة في ذلك . ويمتدّ الاتحاد الأوراسي خاصة على كامل آسيا الوسطى الغنية بالثروات الباطنية وقد نعَت الخبير ومستشار الأمن القومي الأمريكي بريجنسكي أوراسيا ب" قلب العالم " وقال " إن من يسيطر عليها يمسك بقلب العالم " . وقالت هيلاري كلنتن في تصريح صحفي عن اتحاد أوراسيا منذ كان مجرّد مشروع " إن هذا لن يحمل اسم الاتحاد السوفييتي ، انه سيحمل اسم الاتحاد الجمركي أو الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وغيرها من الأسماء لكن ذلك لا يمكن أن يغالطنا ونحن نعرف الأهداف من تكوينه وسنعمل على أيجاد أنجع السبل لتأخير إنجازه أو إبطاله "... وفي إطار ارتماء النظام السوري في أحضان الامبريالية الروسية لإنقاذ نفسه من السقوط قدمت سوريا منذ شهرين طلبا بانضمامها للاتحاد الأوراسي وأمضت قبل ذلك على اتفاق مع عدد من الشركات الروسية لتطوير حقول النفط والغاز قبالة الساحل السوري وهذا يدعم الموقف الروسي ويحفّزه في إطار الصراع العالمي بين القوى الامبريالية للسيطرة على احتياطات وخطوط النفط والغاز الإقليمية والدولية . وقد سبق لبوتين أن كرّر عدة مرّات بأن " أنابيب الغاز القطري لن تمرّ أبدا عبر سوريا " وهو يريد أن يقول ضمنيا أن الشركات الروسية المنتجة للغاز وأهمها غاز بروم ستبقى المزوّد الرئيسي للبلدان الأوروبية بالشروط التي تفرضها روسيا . ويتنزّل الدمار الذي تتعرض له الأقطار العربية منذ ما يسمى بالربيع العربي إلى الآن في إطار هذا الصراع المحموم بين القوى الامبريالية على منابع النفط والغاز ومسالك عبورها ، وكلما زادت الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية لقُطرٍ ما كلما احتدّ الصراع حوله وطال أمده وهنا يأتي المثال السوري . فسوريا قد مثلت - منذ عهد الاتحاد السوفييتي – مجالا من مجالات النفوذ الروسي ، ومازالت قاعدة طرطوس البحرية شاهدة على ذلك . و رغم نجاح الروس في ضمّ شبه جزيرة القرم بما تحتويه من قاعدة بحرية في ميناء سيباسطوبول المطلّ على البحر الأسود فإن الامبريالية الروسية لا يمكنها أبدا أن تستغني عن سوريا التي تفتح من ناحية على مياه المتوسط الدافئة وتمثل من ناحية أخرى خطّ تماس مع حلف الناتو الذي تتركز قواعده في تركيا ، وبقدر ما تدعم روسيا نظام الأسد وتنقذه من السقوط بقدر ما تضمن نفوذها في إيران كسوق للأسلحة ومنتج كبير للنفط والغاز الطبيعي . لهذه الأسباب لا يمكن للامبريالية الروسية أن تفرّط في الأراضي السورية مهما كلفها ذلك . ومن هنا نفهم تكديس الأسلحة بمختلف أنواعها في سوريا بما فيها الطائرات بدون طيّار والقيام بتوسيع قاعدة طرطوس وبناء قاعدة جوية في اللاذقية وإرسال مئات الخبراء العسكريين لتدريب الجيش السوري على الأسلحة الجديدة . وتدعّم الموقف الروسي أكثر بإرسال الحليف الصيني قطعا حربية إلى السواحل السورية مرورا بقناة السويس . وفي المقابل لم تبد الامبريالية الأمريكية ومعها حلف الناتو – رغم تلطيف اللهجة تجاه النظام السوري – أيّ استعداد للتراجع عن مخططاتها التوسعية وبرامجها الهيمنية بل أصبحت تلوّح بالسلاح النووي من خلال الترويج إلى أنها " تستعدّ لنشر نوع جديد من القنابل النووية بإحدى القواعد الجوية بألمانيا " وفي نفس الوقت يعلن أمين عام حلف الناتو " عن استعداد الحلف لبحث مسألة تقديم المساعدة في إعادة بناء القوات البحرية في أوكرانيا وتقديم الخدمات اللوجستية والأمن الإلكتروني " ( صحيفة أخبار العالم ) .
من خلال هذه المؤشرات تظهر حدة التناقض بين الامبرياليات وتهيئه للانفجار في أية لحظة . ولم تسفر قمة الأمم المتحدة بين بوتين و أوباما عن أي حل ملموس بل أن الاتفاق ظاهريا على محاربة داعش قد يعجّل باندلاع الصدام العسكري بين الطرفين لأن الكل أصبح يعرف أن داعش أو النصرة ما هي إلاّ أداة من أدوات أمريكا والكيان الصهيوني ممولة من الرجعيات الخليجية لبث الفوضى وإعادة رسم الخريطة السياسية وفق المصالح الامبريالية والصهيونية في المنطقة والدليل أن أكثر من 5000 " ضربة جوية " نفذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد داعش لم تزد هذه الأخيرة إلاّ قوة و توسعا في الأراضي العراقية والسورية وأن مئات الجرحى من مقاتلي النصرة كانت تتمّ مداواتهم بالمستشفيات الصهيونية في تل أبيب و هكذا أصبحت أنظار العالم كله اليوم مشدودة إلى الوضع في سوريا وبدا أن أي حل لأي قضية سواء في اليمن أو ليبيا أو أوكرانيا ...مرهونا بما سيفرج عنه الصراع في سوريا وقد عبّر وزير الخارجية الروسي عن ذلك بكل وضوح إثر لقائه بنظيره الأمريكي كيري عندما قال : " إن مستقبل العالم يتوقف على كيف تُحلّ الأزمة السورية " . .... .. بالطبع إما حرب ودمار وإما وفاق وسايكس بيكو جديد. الثوريون و الموقف من الوضع السوري : - لا يجب الوقوع في وهم وطنية النظام السوري التي يسوّق لها البعض رغم استماتة الأسد في قتال القوى السلفية - لا فرق بين الامبريالية الأمريكية والامبريالية الروسية الكل ينهب ثروات الشعوب ويستعمل نفس الأسلحة العسكرية والفكرية ( الدين : السلفية الوهابية بالنسبة لأمريكا والشيعة والاسلام المعتدل بالنسبة لروسيا – انظر جامع موسكو - ).
لقد تمكنت الرجعية العميلة بمساعدة القوى الامبريالية من الالتفاف على الانتفاضات العربية وحولت وجهة الصراع من صراع ضد العملاء واسيادهم(الانتفاضات) الى صراع محموم بين الامبرياليات التي فرضت واقع الحرب في كل من العراق وسوريا وليبيا واليمن وهي تعمل على زعزعة الاستقرار في الجزائر وتونس... وفي ظل هذه الاوضاع المتفجرة هل تقدر القوى الثورية على قلب موازين القوى لصالح الشعب المضطهد كما سبق للينين ان فعل خلال الحرب الامبريالية الاولى ولماو اثر الحرب العالمية الثانية؟
ان انشغال الامبريالية والرجعية بالاقتتال يوفر الظروف الموضوعية لحشد الطاقات وتجنيدها ضد العدو الخارجي والعملاء المحليين وتحويل الحرب الرجعية الى حرب تحررية ولايمكن انجاز مثل هذه المهمة دون وجود قيادة ثورية قادرة على تجميع القوى حول برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية.
لذلك فان قضية توحيد القوى وفرز هيأة اركان ثورية اضحت قضية ملحة لاتقبل التأجيل .
الديمقراطية الجديدة (النشرة الشهرية)
اكتوبر 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة