الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المطرقة الروسية تفتح أبواب الجحيم و النعيم

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 10 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


إن التـطير ممن كانوا يطـلـقـون على أنـفـسهم بمحاربـين لـ"داعش"، و يملئون الشاشات صخبا باستـنكارهم للتـنـظيمات الارهابية، من التدخل الروسي في سوريا لمحاربة الإرهاب، لا يحيل إلا إلى كونهم هم مدعمو الإرهاب من وراء عباءة محاربته. ماذا تـفعل روسيا الآن غير المحاربة الحقيقية للإرهاب في سوريا؟
لا يعدو التدخل الروسي في سوريا عن كونه دفاعا عن امن روسيا التي لازالت نيران الإرهاب كامنة في الشيشان و غيرها و تـنـتـظر من يدعمها و يوقـدها. هذا التـدخل الحـقيقي في القضاء على المجموعات الإرهابية الاسلاموية.
من الواضح ان الموقـف الـدولي العام قد تمخض عن ولادة حلفين متـقابلين برغم عبارات التخـفيف للتوتر. هناك انسحاب امريكي هو بالضرورة تعبـير عن نـتيجة دخول امريكا في حرب خاسرة في العراق سنة 2003. هذه الحرب التي أفرزت جميع التناقضات الحالية و خاصة دخول إيران في المعادلة العراقية و السورية بل اليمنية كذلك بكل قوة. أفرزت مقاومة الاحتلال الأمريكي من طرف المقاومة العراقية الشرسة اهتراء الأسطورة الأمريكية و مديـونية مرتـفعة و أزمة اقـتصادية بلغت ذروتها سنة 2008، و لم تعـرف الحل الجذري بعد. إنها أزمة الرأسمالية المالية التي حولت الاقـتـصاد من الحقيقي الواقعي إلى المتـضخم الافـتراضي ان صح التعبـير عبر البورصة.
و يبدو ان سوريا ليست إلا عنوان تـأزم العالم بـرمته. إنها أزمة الانـتـقـال على المستوى العالمي. انسحاب الولايات المتحدة الامريـكية نحو الانكـفاء على نـفـسها و بالتالي الدخـول في حروب التـفكك شأن كل الإمبراطوريات في التاريخ، و صعود سيد جديد للعالم هو روسيا كعنوان بارز و لكنه متعـدد الأقـطاب فعـليا. العالم القادم هو الصين كـقوى عالمية نافـذة اقـتـصاديا و ربما عـسكريا. كذلك المانيا التي من المفـترض أنها ستبتـلع كامل أوربا اقـتصاديا و سياسيا. كما ستـشهد دول أمريكا اللاتينية تكتلا اقتصاديا و سياسيا، و كذلك من شان مصر ان تكون تكتـلا عربيا سياسيا و اقـتـصاديا.
من الأكيد انه سيكون عالما أكثر عـدلا و أقـل حروبا و أكثر إنسانية. لكن العالم الجديد لن يولد إلا عبر نهر من الدماء، ذاك ان لغة العـقـل لا تسيطر إلى مدى ابعد من دوافع الغريزة البشرية في الخوف و بالتالي الهجوم، و الرغبة في النفوذ، و الرغبة في التمدد و الرغبة في عـدم الرضاء بما هو موجود. أي الحركة.
فهناك إسرائيل المرتعبة من اعتراف العالم بدولة فلسطين و من التدخل الروسي الذي ان حسم مسالة الإرهاب في سوريا، و بالتالي في مصر و جميع الدول العربية، فان الهجومات العربية للشباب الثائر ستـتجه نحوها. إضافة إلى ما يمكن ان يتحصل عـليه حزب الله اللبناني من دعم كبير في الأسلحة و التـدريـبات ، و هذا ما يشكل خطرا جـسيما بالنسبة لاسرائيل.
كما انه لا يمكن أبدا تصور ان أمريكا ستـنـسحب بهدوء عـقـلاني من المعادلة العالمية. من الأكيد ان القوى المختـلـفة التي تـدفع إلى صنع الـقرار في أمريكا ستـدفع إلى مواجهة عـسكرية مع روسيا برغم كل المخاطر التي يمكن أن تـنجم عن مثل هذه المواجهة، فانه من المرجح استـبعاد استخدام السلاح النووي.
.
و من جهة أخرى، و على مستوى الأنظمة فهناك تكتلات بين النظام السعودي و بين النظام الإيراني. انه ما يشكل أساس الصراع في سوريا و العراق و اليمن. لكن الحلف السعودي في سوريا و برغم ارتباطه الوثيق بتركيا اردوغان إلا انه متعارض مع مصالح و توجهات النظام المصري الحالي. فمصر لا تـنظر إلى الحالة السورية إلا من باب محاربتها للإرهاب الاخواني و لذلك لا يمكن لها إلا ان تـدعم النظام السوري الحالي. و مصر من شانها أن تلعب دورا محوريا و أساسيا في ليـبيا سواء لإنهاء الصراع فيها أو المساهمة في تـقـسيمها و بالتالي السيطرة على غـرب ليـبـيا، أو الدفع إلى سيطرة الجيش الليبي على كامل ليـبيا و ذاك بدعم من روسيا. هناك الجزائر كذلك و التي تبدو ظاهريا خارج الصراع و لكنها في قلبه من موقع المتحرك الخفي الذي لا يفتأ في دعم حماية نفسه بالتحالف مع روسيا.
هناك مفاجآت ستحدث و لكن المفاجأة الوحيدة التي من شانها الإسراع في إنهاء مشهد الدمار الذي لا يمكن التكهن بمداه و امتـداداته، هو تـدخل الشعـوب العربية بصدورها العارية في المشهد. ستـنـزع بذلك عـدة عوامل مؤثرة من الأنـظمة و من المخططين الممتـدين إلى واشنطن. و لكن التحـركات الشعبية إن لم تصطف وراء التـشبث ببناء أنـظمة سياسية ديمقراطية شعبية، فإنها ستكون مجرد لعبة عند الكبار و ضحاياها سيكونون مجرد شاهد على جحيم عالمي مهول.. ربما تحتاج الأرض إلى انـتـقاص كبير من أعـداد البشر. حرب بـين روسيا و أمريكا من شانها القيام بهذا الدور، و لكن بخلاف الحروب السابقة فان الدمار سيصيب أمريكا في أرضها هذه المرة. و البنيان الشعبي الأمريكي هش لأنه فـاقـد للتجـانـس و الوطنية، أما روسيا فتـكاد تكون كـتلة وطنية صماء و صلبة و هو ما سيحـسم أمر هذه الحرب. فكل حـرب يهزم فيها من يصيح مرتعبا جزعا مذهولا، و من الأكيد أنها ستكون أمريكا في مواجهة الصواريخ الباليستية الروسية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه


.. بسبب سقوط شظايا على المبنى.. جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ت




.. وزارة الصحة في غزة: ما تبقى من مستشفيات ومحطات أوكسجين سيتوق


.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟




.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د