الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسطورة الحزب الاشتراكى العام

محمد مجدى عبدالهادى

2005 / 10 / 24
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


يحاول البعض الترويج لتصور تنظيمى عن حزب اشتراكى عام يجمع كل التيارات الاشتراكية ، متصورين أو مدعين ان هذا التصور يخدم القضية ، و يدعم موقف الحزب و الاشتراكيين ؛ انطلاقا من ضرورة الوحدة و فوائدها ، و ما تضفيه من قوة على المتحدين ، الخ...من الفوائد المعروفة للوحدة غير واعين الى ان هذا الحزب -الحزب الاشتراكى العام -هو حزب اصلاحى بالضرورة
و الحق ان بعض دعاة هذا التصور يصدرون فى دعوتهم عن انبل البواعث و النوايا ، غير واعين لسذاجة فهمهم للمبدا الذى ينطلقون منه ، -والشكل الذى يجب ان يتجلى به فى حزب ثورى -، اى المبدا القائل بان الاتحاد قوة
اما باقى دعاة هذا التصور ، فلا يمكن فصل دعوتهم هذه عن حقيقة انتمائهم الاصلاحى، فاغلب دعاة هذا التصور ينتمون لليسار الاصلاحى ، و لا شك فى ان لهذه الظاهرة اسبابا وجيهة اول هذه الاسباب و اهمها على الاطلاق ، هو ان اليسار الاصلاحى لايتضرر باى حال من الاحوال من انضواءه و اليسار الثورى تحت لواء حزب واحد ، خصوصا ، وانه غالبا ما ينعقد له لواء القيادة فى هذا الحزب، والسبب فى هذا واضح و جلى ،هو ان الوضع الثورى دائما و بحكم طبيعته وضع استثنائى ، و لهذا تسود التيارات الاصلاحية دائما ، فكما اكد لينين ، تسود التيارات الاصلاحية فى الظروف العادية ، و هذه قاعدة عامة ، يمكن تطبيقها على القوى داخل الحزب ، كما تطبق على قوى الشارع السياسى عموما ، و اذا حدث خلاف ذلك ، و تمكن اليسار الثورى من الاخذ بزمام الحزب ،فهذا غالبا ما يكون وضعا استثنانيا ، لا يستمر طويلا ، و اذا استمر ، فان الحزب لا يستمر بصورته نفسها ، و على حالته ذاتها ، بل يتحول الحزب ، فاما يتطهر الحزب ذاتيا بخروج الاصلاحيين الغير قادرين على تحمل سياسته الثورية ، او يقوم الجناح الثورى بتطهير الحزب ليصبح حزبا ثوريا نقيا ، او تفقد قيادة الحزب تدفقها الثورى ، و تصبح مجرد بيروقراطية تمثل عبئا على الحزب ، لا دافعا له -؛ و ذلك نتيجة لأنه سيحاول التصالح او التكيف مع الجناح الاصلاحى الذى لم يخرج او يخرج من الحزب-،مثلها مثل القيادة الاصلاحية ، منتهية بالحزب ذات النهاية التى يريدها له الاصلاحيون
اضافة الى الجناح الاصلاحى يفضل احتواء الجناح الثورى ، واحيانا استغلاله كاداة ضغط عند الضرورة ، فيعمد الى دفعه للمواجهة مع النظام القائم ؛ لتخويفه و دفعه الى قبوله -الجناح الاصلاحى- و التعاون معه ، مقدما نفسه باعتباره البديل اليسارى -المقبول رسميا-الذى يمكن تقديمه للجماهير و القادر على تصفية اى اضطرابات قد تهدد بقاء النظام الاجتماعىالقائم ، و الذى يدين له اليسار الاصلاحى بالولاء
لهذا فاليسار الاصلاحى لا يتضرر باى حال من الاحوال من دعوة الحزب العام ، الذى يجمع كل التيارات الاشتراكية ، الاصلاحية منها و الثورية ، شريطة بقاء هذا الحزب تحت قيادته
اما اولئك الثوريون اصحاب النوايا الطيبة الذين ينادون بالوحدة ، فهم و ان كانوا على حق فيما يخص فوائد الوحدة ، فانهم مخطئين فيما يخص فهمهم لمعنى الوحدة ذاتها
فالوحدة ليست تلك الوحدة الكمية لمجموعة من المفردات ، حتى و ان كانت متنافرة و غير متجانسة -اذ تصبح فى هذه لحالة مجرد وهم و صورة زاهية لجوهر فارغ و واقع بائس ، تتجلى كارثيته فى ساعات الحسم-، بل الوحدة -بالاساس و فى الحقيقة- وحدة نوعية لمفردات متجانسة و متوافقة ، تؤدى وحدتها الى حاصل عام ايجابى نوعيا اكبر فى حجمه و قيمته من الاحجام و القيم المفردة لمفرداته
فالوحدة التى ينشدها الاشتراكيون-والتى يجب ان تكون كذلك-هى اساسا وحدة المواقف و الاستراتيجيات ، الوحدة الفعلية التى تخدم القضية و لا تضرها ، لا الوحدة الميكانيكية الشكلية ، فهذه الوحدة ليست مطلوبة لذاتها ،بل لخدمة القضية ،و ذلك بدعم المناضلين من اجلها ؛ لهذا فليس لهذه الوحدة من قيمة الا فى الحدود و الشكل الذى يساعد فى تحقيق هذا الغرض
فاذا كان هؤلاء الاشتراكيون ، ثوريون ، اى اصحاب رؤية ثورية ، و استراتيجية ثورية ، فيجب ان تقوم الوحدة التى ينشدونها على اساس هذه الرؤية و تلك الاستراتيجية ، فوحدة استراتيجية الحزب وحدها تكفل الوحدة الحقيقية لمجمل كفاحه و مواقفه ؛و ذلك بما يؤدى الى زيادة قوته ،و صلابة مواقفه فى لحظات الحسم
و لهذا ففكرة الحزب العام الذى يجمع كل التيارات الاشتراكية ، انما هى مجرد اسطورة ، فهذا الحزب - الذى سيكون له بالضرورة استراتيجية واحدة-و نقصد بالطبع الاستراتيجية الفعلية ، و ليس المرسومة على الورق- لن يعبر بالطبع عن كل هذه التيارات المنضوية تحت لواءه ، بل سيعبر فقط عن الاستراتيجية الخاصة باحد هذه التيارات ، و الذى يتسلط على الحزب بباقى تياراته ، او فى احسن الاحوال سيعبر عن استرلتيجية توافقية عامة ، لا تكفل وضوح الرؤية و بالتالى تحدد المواقف
و اذا قلنا ان جميع التيارات يمكن تصنيفها و تمييزها بصفة عامة الى تيارين كبيرين هما الثورى و الاصلاحى ، فالذى نجده فى الواقع هو سيطرة احد هذين الحزب- وبالتالى سيادة استراتيجيته-،و هو غالبا التيار الاصلاحى و ذلك للاسباب التى سبق و ذكرناها ، وهذا الوضع لا يستمر كثيرا-خصوصا اذا حدثت تطورات فى الوضع السياسى العام،اذ غالبا ما يدفع هذا الوضع التيارات الاخرى للا نصراف عن الحزب ن سواء بالخمول او بالانشقاق و الاتجاه لتكوينات اخرى ن موجودة او يجرى ايجادها
لهذا فدعوى الحزب العام دعوة ايديولوجية تخص اليسار الاصلاحى ؛ لهذا لا نستغرب ان يكون ابرز المدافعين المنافحين من اجلها ، ايديولوجى اصلاحى مثل الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع ن صاحب نظريات الاسقف المنخفضة و الوسطية و التجمعية ن وغيرها من النظريات التى انتهت بالحزب الى ذلك الوضع المذرى الذى هو عليه
و لا شك ان تجربة التجمع كافية لمن يريد التعرف عى مدى صحة هذه النظريات ن التى ادت باحزب الى فقدان قواعده الجماهيرية نو تفكك عضوته و خمولها ؛ ليفقد الحزب وجوده فى الشارع نويصبح مجرد و جودا اعلاميا ، بعد ان هجر الحزب -اليسارى !- الشارع و الجماهير ؛ ليصبح مجرد حزب برلمانى ن يهرول خلف اصوات الانتخابية ، و يعقد الصفقات المشبوهة ، و ذلك كله بالطبع تمشيا مع السياسة الاصلاحية التى تتبناها القيادة الاصلاحية للحزب
كل هذا يؤكد فشل الفكرة و اسطوريتها ن و المؤسف ان نحناج الىالتاكيد على هذا المعنى القديم ن فقد سبق و اكد انجلز و من بعده لينين على ضرورة و ضع و تحديد الحدود و بكل دقة داخل الحزب ،مؤكدا ان كل انشقاق داخل الحزب ن اذا كان مبعثه الخلافات الايديولوجية بشان المسائل الاستراتيجية ، و ختى بعض المسائل التكتيكية ذات الاهمية ن نقول مؤكدا ان كل انشقاق يحدث لهذا السبب ن انا يدعم الحزب و يقويه ؛لنه يدعم وحدة استراتيجيته نو بالتالى تكتيكاته و مواقفه ، وذلك عبر تطهيره من الخلافات و التناقضات التى يمكن حلها ن و التى قد تشكل خطرا على مستقبل الحزب كحزب ثورى ن و مدى قدرته على خدمة قضيته ن و كل هذا دون القضاء على حرية الخلاف داخل الحزب فيمادون ذلك
كذلك ن لا ننسى كفاح لينين المرير ضد الانتهازية اليمينية و الطفولية اليسارية داخل الحزب ،و تطهيره المستمر للحزب ؛ حفاظا على ثبات استراتيجية الحزب و وحدة صفوفه ن دون القضاء على الديموقراطية الداخلية ، و فى حدود التزام -هذه الديموقراطية - بضرورات المركزية ؛ انطلاقا من مبداالمركزية الديموقراطية
و لهذا فالمبدأ الذى يجب ان يستند اليه فى بناء و وجود الحزب ن، هو مبدأ "وحدة الاستراتيجية" من حيث ثوريتها و اصلاحيتها فى كل مدى زمنى (قصير-نسبيا-متوسط-طويل) ، و ذلك بالاساس ن دون تناسى التفاصيل
اما عن المواقف و التكتيكات ، فلا حاجة بنا للتاكيد على امانية التنسيق بشأنها بين قوى اليسار-بل وغير اليسار-المختلفة ن ثورية و اصلاحية ، دون التنازل او التسامح فيما يخص الاستراتيجيات و ثوابتها
و لهذا ن فعلى اليسار الثورى بناء حزبه الثورى النقى المستقل ن الثابت الاستراتيجية =دون تناسى ضرورات التكيف العملى مع الظروف -،المبدأى الواقف ،فهذا وحده يكفل قوة الحزب و صلابته فى لحظات الحسم ؛و ذلك بما يحقق علة وجوده ن كطليعة للجماهير الشعبية على طريق الثورة الاجتماعية













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ




.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب


.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام




.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ