الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة 6 اكتوبر

السعدي سعيد

2015 / 10 / 3
الارهاب, الحرب والسلام


إن هذا الوطن يستطيع ان يطمئن و يأمن بعد خوف، إنه أصبح له درع و سيف- محمد انورالسادات

بعد وفات عبد الناصر سنة 1970، عقد اجتماع لمجلس الثورة ،و قام باستفتاء منح من خلاله محمد انور السادات السلطة، الذي كان قبلها السادات نائب رئيس الجمهورية و كان اتباع عبد الناصر يراهنون على السادات للحفاظ على تركة ناصر. و حتى عام 1972 كان السادات ما زال ناصريا ثم بعد ذلك صار ينحرف عن السكة الناصرية و يصفي القوة الناصرية ،أبرزهم علي صبري الذي حوكم بتهمة محاولة الانقلاب على السادات.
وتحث ضغط الشارع المصري و الصحافة و المظاهرات الجامعية... لم يبقى لسادات خيار سوى اتخاذ قرار الحرب مرغم على ذلك،و كان اخطر قرار اتخذه السادات ،لعودة سيناء إلى مصر. وبدأ الإعداد للحرب تحث إشراف الجنرال سعد الدين الشاذلي ،و قبل اندلاع الحرب و العبور كان قد شكل السادات تحالف مع سوريا و السعودية، و كانت السعودية اقترحت نفسها كبديل للاتحاد السوفياتي ،و بتالي طرد السادات الخبراء السوفيات من مصر .و قد ازعج هذا القرار الناصرين كثيرا ،لان السوفيات كانوا أهم حليف لمصر على المستوى العسكري و السياسي ،أما على المستوى العسكري فبفضل المساعدات العسكرية السوفياتية كان الجيش المصري عندها أكثر عتادا من الجيش الفرنسي كما جاء في مذكرات سعد الدين الشاذلي .و إضافتا إلى التحالف بين الخطوط الأمامية للمواجهة و السعودية عمل الشاذلي على قومية المعركة ،و ساهمت معظم الجيوش العربية تقريبا بالقوات و الدعم المالي .و أرسل المغرب و ليبيا و الجزائر وتونس و الكويت و العراق و الأردن و السعودية و السودان قواتهما إلى خطوط المواجهة ،و ساهمت في الحرب ضد الاحتلال الصهيوني.
و في يوم 6 أكتوبر على الساعة الثانية بعد الزوال في عيد الغفران عند اليهود و شهر رمضان عند المسلمين ،انطلقت الحرب و عملية العبور التي سميت بعملية بدر ،تيمنا بغزوة بدر، وفي هذه الحرب انطلقت القوات المصرية مندفعة ببسالة نادرة وراء خطوط 1967، و دمرت في ساعات قليلة خط برليف الأسطوري الذي اعتقد العدو انه حصن منيع من كل تهديد .وكان قد انفق العدو في بنائه اكثر من 500 مليون دولار ،و تحت شعار الله اكبر ... الله اكبر، كانت تصنع الأمجاد المصرية على ارض مصر و ينتشل الشرف العربي بعد سنوات الذل و الهزيمة. و بتدمير الأسطورة الإسرائيلية بشكل شبه كلي على سيناء و هدم خط برليف الذي أصبح مثل كهوف ما قبل التاريخ، و اسر و قتل العديد من قوات العدو،قد خلق فاجعة حتى في قلب إسرائيل، لم تشهد مثلها أبدا كأنها في يوم الحشر. و في نفس اللحظة كانت قد انطلقت القوات السورية إلى الجولان المحتلة ،قبل ان تحتل مراكز عسكرية مهمة تم تتقهقر و تتراجع.
و بعد ثلاثة أسابيع تغير سير المعركة لصالح العدو، بعد فتح شارون لثغرة الديفرسوار في غفلة من علم السادات ،و فتح جسر جوي من أمريكا إلى إسرائيل يمد إسرائيل بأخر جيل من الأسلحة ،و بعد خلاف حاد بين السادات و احمد اسماعيل من جهة و الشاذلي من جهة أخرى حول نقل جنود من شرق القناة الى الغرب ،امتنع السادات عن ذلك و توسعت الثغرة وانقلبت موازين الحرب و ضيع السادات على مصر فرصة الاستفادة من مكتسبات الأسابيع الأولى للحرب على المستوى الدبلوماسي ،هل كانت وقعت الخيانة؟ الله اعلم يتسائل الشاذلي في مذكرات حرب اكتوبر (وعلى اثرها كاد ان يقدم استقالته الشاذلي).ودخلت القوات الصهيونية إلى الإسماعيلية وحاصرت الجيش الثالث، و بعد إعلان و قف إطلاق النار تجاهلت إسرائيل الأمر بغيت مزيد من المكاسب العسكرية تجعلها طويلة اليد على طاولة المفاوضات في خرق سافر لكل المعاهدات .وفي هذه التحركات للقوات الصهيونية كانت قد واجهت مقاومة شعبية عنيفة ،فقد تسلح الأهالي بالكاشنكوف و مدفعية الار بي دجي و ردعت العدو والحقت به شر هزيمة ،وجعلت دباباته المدمرة الى حد الان شاهدة على ان ارض مصر هي مقبرة الغزاة ،و ان خير أجناد الأرض هم أهل مصر.
وفي 23 أكتوبر توقف إطلاق النار بشكل فعلي، بعد ان تمرغت سمعت إسرائيل العسكرية في رمال سيناء، هذا المقاتل العربي الشرس كما يقول الشاذلي ،استطاع خلق انتصار هو الأول على إسرائيل رغم انه منقوص وغالي الثمن، بفعل غباء السادات العسكري و تعنته (فالسادات لم يشتغل في الجيش سوى اربع سنوات، اضافتا الى انه لم يكن يطالع الكتب الا قليلا) .و سيضيع ما تبقى من الانتصار في معاهدة السلام المر، كامب ديفد ،اما على الجبهة السورية فقد و صلت القوات العربية خاصة منها العراقية و استطاعت ان تعيد التوازن و تنقد ماء وجه حافظ الأسد من الهزيمة و تحرير القنيطرة ،بعد ان توغلت اسرائيل في قلب سوريا.
وانطلاقا من سنة 1974 ادخل السادات مصر في ما يسمى بالانفتاح على الغرب ،و قضى بشكل شبه نهائي على التركة الاشتراكية الناصرية والتوجه القومي، و ادخل على البلاد نظام للبيرالي جشع ،ووعد بلاده بالرخاء و التقدم لكن لم يحصل سوى العكس، و أصبحت مصر الحليف الأول للغرب واسرائيل في المنطقة،وارتفعت الاصوات الداعية لمقاطعة مصر من ابرز المثقفين و الساسة. و بلفعل فقد تحول مقر جامعة الدول العربية من القاهرة الى تونس بشكل مؤقت.
و حتى نكون منصفين لسادات فان حرب أكتوبر و حصار النفط التي قامت به السعودية ،ساهم في ارتفاع النفط إلى درجة كبيرة، مما عاد بعائدات مالية كبيرة و عاشت السعودية و الخليج في رفاهية و بذخ مالي من جراء ذلك. بينما بقيا الشعب المصري يتضور جوعا، فقد كتب عليه ان تكون المعركة على أرضه لكن من جنا ثمارها هو الخليجي، مما غير نظرت السادات الى الخليج و العرب و دفع به بالارتماء الى أحضان الغرب سعيا في غدا أفضل و الاستفادة من المعونة الأمريكية و الدعم الغربي.
من شان السادات ان ينهج أي سياسة يراها تعود بالنفع على البلاد، و من شانه ان يضع نفسه على سكة غير تلك التي أرسها ناصر، لكن العيب كل العيب هو التخلي عن الاقتصاد الوطني و الصناعة الوطنية التي كان قد أسس لها ناصر ،العيب هو العيش على الفتات الموائد الامريكية و مد اليد في حالة المسكنة و المذلة .فالعزة و الكرامة فوق كل اعتبار ،و الصناعة أم التحديث ،و كان على السادات أنداك ان يأكل مما ينتج ،و يلبس مما يصنع ،و يعلم أبنائه تعليم وطني و عربي... وهذا الذي نهجه سلفه ناصر لكن السادات انحرف عن كل ذلك بل صار يضرب في الحقبة الناصرية ناسيا او متناسيا ان حتى السادات جلوسه على الكرسي يستمد شرعيته من ثورة 23 يوليو كما يقول محمد حسنين هيكل ،و ناسيا ان الجيش الذي انتصر في حرب أكتوبر هو من بناء عبد الناصر،بل الاكثر من ذلك ان عبد الناصر كان مصمم على دخول حرب مباشرة بعد حرب الاستنزاف الا ان الموت كان لها راي اخر،وكما يؤكد الشاذلي ان عبد الناصر عرض عليه منح سيناء مقابل السلام، لكنه اعتبر ذلك مهانة لان هزيمة 1967 و ذلها كان مازال في الاذهام لذلك نهج طريق القوة العسكرية وخلق توازن في الرعب، لرد الاعتبار الى الكرامة العربية المسلوبة.
عودتا الى الوعود التي أعطاها السادات للمصرين بتحسين الوضعية على المستوى الاقتصادي، فلم يتحقق إي شيء من ذلك، بل ظهرت طبقة من الطفيليين اغتنت من اثر الحرب ،و دخلت في التجارة مع الغرب في العطور و مواد التجميل مما اثأر غيض الشعب و المثقفين الذين أطلقوا عليهم اسم القطط السمان، وشن السادات حملت اعتقالات مسعورة،و اعتقل كبار المثقفين ابرزهم حسنيين هيكل و رجال الأزهر مثل الشعراوي ،وفي الانتفاضة التي سماها السادات انتفاضة (الحرمية) و سماها هيكل انتفاضة (الخبز) عرفت مصر عدة أعمال تخريب و اعتقالات بالجملة.
و في نفس التوجه و عد السادات بزيارة إسرائيل، و حطت قدماه الأرض المحتلة في سنة 1977. فبمصافحة السادات غولدمائير و بيغن تزلزلت الأرض من تحت رجال السياسة و المثقفين في العالم كله من جراء هذا الحدث المثير للجدل .
واستمرت قرارات السادات المثيرة للجدل من بينها معاهدة السلام كامب ديفد سنة 1979، وخطابه ضد الجماعات الاسلامية الأخير الذي يقول فيه- الاخوان في السجن زي الكلب -وهنا قال بعض المحللون ان من خلال هذه العبارة وقع السادات على اغتياله.هذا و تجدر الاشارة الى ان السادات هو من اطلق جناح الاخوان بعد ان اطلق سراحهم و اعاد قيادتهم من السعودية و اصبح (الرئيس المؤمن) في مأمن من خصومه السياسيين الناصرين و اليسار عامتا، لان نية السادات كانت واضحة و هي ضبط التوازن السياسي وانعاش الشعبية السياسة بعد ان بدات تتأكل.
و في سنة 1981 وفي نشوة الاحتفال بذكرى حرب اكتوبر ،أطلق خالد الاسلامبولي وابل من الرصاص في صدر السادات .و هذا الحادث (حادث المنصة)مازال الى حد ألان لم يأخذ الدراسة الجادة. فمن قتل السادات؟ هل خالد الاسلامبولي الذي اعتقل السادات أخوه و رأى دموع أمه على خدها بسبب الحادث، و توعده بالثار و خاصة انه كان متأثر بالفكر الاسلامي الرديكالي؟ ام انه كان هناك من يحركه من الداخل او الخارج؟ كيف لا نطرح هذه الاسئلة و خالد لم يتم تفتيشه ولو مرة واحدة ،و جرت الأعراف العسكرية في الاستعراضات إن يفتش أكثر من مرة الجنود؟ ولم يجد أي صعوبة في تنفيد العملية، لنتركها لتاريخ إذن.
تميزت حيات السادات بكثير من التناقضات و كثير من إثارة الجدل ،فمن طرد الخبراء السوفيات الى حرب اكتوبر و العبور، الى تلطيف الحياة السياسية بخلق تعددية حزبية مزعومة ،الى إعادة الإخوان لخلق توازن بين الإسلام السياسي و اليسار و الناصرين ، الى الانتفاضات العارمة ضده،الى معاهدة السلام ،الى حادث المنصة و النهاية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : شهادة طبيب • فرانس 24 / FRANCE 24


.. -يوروفيجن- في قلب التجاذبات حول غزة • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الذكاء الاصطناعي يفتح جولة جديدة في الحرب التجارية بين بكين


.. إسرائيل نفذت عمليات عسكرية في كل قطاع غزة من الشمال وصولا إل




.. عرض عسكري في موسكو بمناسبة الذكرى الـ79 للانتصار على ألمانيا