الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل بدأت نهاية الإرهاب في سوريا ؟ ..

بدر الدين شنن

2015 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


الحرب الدامية المتصاعدة ، في التدمير ، والتقتيل ، والتشريد ، التي تشنها على سوريا ، قوى منظومة الإرهاب الدولي ، التي تضم دولاً استعمارية عريقة ، وكيانات إقليمية وعربية ، موالية لها ، وتنظيمات إرهابية متعددة الجنسيات ، منذ سنوات ، مفتوحة على سنوات أخرى ، تنذر بالمزيد من الدمار والدم ، ترجئ عند البحث عن مخارج لوقفها، وإنقاذ الشعب السوري ، والإنسانية ، من هذه الكارثة الفاشية اللعينة .ترجئ استخدام التنظير ، والفلسفة ، لتفسير انتقال الوجود الروسي العسكري في سوريا إلى مرحلة جديدة ، بناء على طلب من الدولة السورية ، مرحلة المشاركة العسكرية الجوية ، لدعم الجيش السوري ، الذي يحمل عبء حرب وطنية ، وإنسانية عالمية طاحنة ومديدة .. ودعم الشعب السوري الذي يدفع ثمن هذه الحرب على مدار الساعة خلال أكثر من أربع سنوات ، من دمه ، وعمرانه ، ووجوده الجغرافي والسكاني ، ضد القوى الإرهابية الفاشية المتوحشة . وتتطلب التعاطي مع التفاعلات الحربية ، بموضوعية ، وصفوف وطنية موحدة ، وعقول مفتوحة ، وقلوب ، متآخية .

الكل يعرف ، منذ عشرات السنين ، أن لروسيا قاعدة بحرية عسكرية في طرطوس ، ومن يتصور أن هذه القاعدة ، موجودة لإجراء أبحاث عن الثروة السمكية في المياه الشرقية للبحر المتوسط ، ولا تعنيها بشيء ، الحرب الفظيعة التي يشنها " حلف الناتو " بواسطة الإرهاب الدولي ، على بعد مئات الأمتار منها ، وهي مستهدفة في هذه الحرب ، هو أكثر من ساذج في السياسة .

والكل يعرف أيضاً ، أن بين روسيا وسوريا علاقات صداقة قديمة متعددة ، منذ العهد السوفييتي حتى الآن ، وأهمها الجانب العسكري . وإن لم تكن كل تجهيزات الجيش السوري العسكرية روسية المصدر ، فإن معظمها على الأقل هو روسي . فضلاً عن وجود تقاطعات ومصالح روسية سورية تاريخية مشتركة ، في كثير من المسائل الدولية ، وخاصة في مسائل احترام سيادة الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة . ومؤخراً في مسألة كسر احتكار القطبية الدولية ، ومخططات الهيمنة الأميركية على العالم ، ومسألة التصدي للحروب التي تشنها قوى الإرهاب الدولي ، لصالح هذا الاحتكار وهذه الهيمنة . ، على بلدان عدة ، وتهدد بلدان أخرى بما فيها روسيا ، من خلال ( 14000 ) إرهابي شيشاني ، هم الآن يقاتلون في سوريا والعراق .. وغداً سيقاتلون في الاتحاد الروسي .

ولذلك لم يكن من الغرابة بشيء ، أن تقوم روسيا ، وخلف ظهرها تهديد إرهابي جدي قائم ، وتصميم أميركي غربي ، على ضرب أعمدة استحقاق نهوضها ، كدولة لها الحق الكامل ، في السيادة ،وحركة السوق العالمية ، والتطور الحضاري والتكنولوجي ، أن تقوم بدعم الدولة الصديقة سوريا ، التي باتت تتقاسم معها مخاطر جدية ، تمثلها عدوانية منظومة الإرهاب الدولي ، التي تشتبك مع الجيش السوري ، في مئات المعارك ، على امتداد واسع من الأراضي السورية في وقت واحد . وجاء التحالف الأميركي الدولي ، المريب في بنيته ، وأدائه ، وأهدافه ، الذي يضم ستين دولة ، ليستبيح الأجواء السورية بذريعة الحرب على " داعش " . وليرفع من منسوب هذه المخاطر .

وبذلك يصح أن نطلق على الخطوة الروسية العسكرية الجديدة ، توصيف " المفاجأة " التي صدمت الطرف الآخر ، بكل تنوعاته ومسمياته ، سواء من حيث أنها قطعت مسار الحوارات المنافقة حول مصير سوريا ، أو السرعة في اتخاذ القرار وتنفيذه .
وارتداداً لهذه المفاجأة الصادمة ، أطلقت شخصيات دولية وإقليمية ، منخرطة في حرب الإرهاب الدولي على سوريا ، تصريحات متسرعة ، قلقة ، مضطربة ، ترفض أي تغيير في قواعد لعبة الحرب التي أشعلتها ، ومولتها ، وتبنتها :
- الرئيس الفرنسي " هولاند " أكد على مواصلة الحرب وإقامة منطقة عازلة يعود إليها اللاجئون السوريون .. وحظر جوي ..
- رئيس الوزراء التركي " أحمد أوغلو " : لا " للأسد " .. لا .. " لداعش " .
- ناطق باسم الرئيس الأميركي " لا استقرار في سوريا مع بقاء " الأسد " .
- وأخيراً صدر بيان مشترك " أميركي ، ألماني ، فرنسي ، بريطاني ، سعودي ، تركي ، قطري " ينتقد ما سماه التدخل الروسي في سماء سوريا .
أما ردود فعل السوريين الموالين لهذه الدول ، فهي تسقط من الحساب ، لأنها لا تعدو كونها تؤدي دور الكومبارس في مجال تحديد المواقف السياسية ، لأنها ليس لها ما يتحرك بفاعلية باسمها وينصاع لأوامرها فوق الأرض السورية .

بمعنى أنهم جميعاً يتمسكون بالتحالف الدولي الأميركي المريب ، لاستخدامه في مهام هجومية مدمرة ، على سوريا في وقت ما ، بدلاً من الهجمات المهزلة المزعومة على " داعش " . ويريدون بقاء الحرب مشتعلة في سوريا ، وتكريس بقاء التنظيمات الإرهابية كأمر واقع في المشهد السياسي السوري ، وفرض التعامل معها ، كطرف رئيس من أطراف الأزمة السورية ، عندما تصبح التسوية السياسية ملبية لشروطهم ومصالحهم .

الأمر الذي يستدعي ، إلقاء نظرة أعمق لخلفية الحضور الجوي الحربي الروسي في السماء السورية ، ولانعكاسات هذا الحضور ، على المنظومة الرأسمالية الكونية ، وانقساماتها ، وصراعاتها على القطبية الدولية ، وعلى عملية تقاسم النفوذ والمصالح الدولية .
من هذه الزاوية ، يمكن فهم الخطوة الروسية في سماء سوريا والحرب على سوريا ، كمشاركة في الحرب على الإرهاب الدولي ، وكمظلة أمان جوية في السماء السورية . وهي بذلك جعلت ، المخططات الدولية للتدخل العسكري المباشر ، في مناطق استراتيجية سورية حيوية ، وشديدة التأثير على البنى الحكومية والعسكرية السورية ، وإقامة مناطق عازلة وحظر الطيران السوري ، من الماضي ، وفتحت من الآن فصاعداً صفحة جديدة من العلاقات الثنائية الندية مع الولايات المتحدة الأميركية ، وفي العلاقات الدولية ، ووضعت القطبية الأميركية الدولية الأحادية موضع الإلغاء العملي . وزعزعت ، وأسقطت المعادلات ، والمفاهيم السياسية التي ألغت قيم التحرر الوطني والقومي ، وحق الشعوب في تقرير مصيرها ، التي بنيت على أن أميركا باتت في زمن " العولمة " سيدة العالم . ولابد من الخضوع لإرادتها ، وللأقدار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحددها للعالم كله .

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن روسيا المحكومة الآن بقوانين التطور الرأسمالي ، هي غير روسيا " الاتحاد السوفييتي " الذي كان محكوماً بقيم تحرير الإنسان والشعوب من الاستغلال والاضطهاد . وأن روسيا الآن جزء من النظام الرأسمالي الكوني ، لا تشكل معسكراً متناقضاً تناحرياً مع معسكر رأسمالي آخر . لكنها تشكل طرفاً رأسمالياً صاعداً متحالفاً مع مجموعة دولية " بريكس " تشاركه الطموح التنافسي المتحرر من عقلية التوسع والفتوحات الاستعمارية القديمة البالية ، مع طرف رأسمالي يحتكر القطبية الدولية والهيمنة على العالم ، من أجل بناء عالم متعدد الأقطاب يحترم سيادة الدول وخياراتها السياسية والاجتماعية ، ويلتزم بميثاق الأمم المتحدة . ما يؤدي إلى لجم المؤامرات ، المغامرات العدوانية ، لتسويق إنتاج قطاع الصناعات الحربية ، وللسيطرة على الطاقة ، والتحكم بمستويات المعيشة في قارات بكاملها ، وإلى فتح آفاق نمو اقتصادي عالمي محكوم بالتكامل ومستويات معيشة عادلة لكل الشعوب .

وعلى هذا المحور تحديداً ، تدور العلاقات والمصالح ، وتبادل الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري ، بين روسيا والدول الأخرى المتقاربة معها في الاتجاه العام ، ويشمل قوس هذه العلاقات ، دول مستضعفة مهمشة معرضة للعدوان والتدمير لنهب ثرواتها واستخدام مواقها الجغرافية المميزة ، خدمة للمصالح الإمبريالية .. بما فيها سوريا . وقد عبر عن ذلك خطاب الرئيس " بوتين " الأخير في اجتماع الهيئة العامة السبعين للأمم المتحدة ، الذي أكد تمسك روسيا بالمنظمة الدولية وبميثاقها ، بمعنى تمرير تطلعاتها الدولية عبر قرارات الأمم المتحدة وشرعيتها , فيما الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها ، يتجاوزون في كثير من الممارسات والحروب ، الأمم المتحدة وميثاقها بكل فظاظة . وما يجري في سوريا الآن والشرق الأوسط وشمال إفريقيا يبرهن على ذلك

وقد أدى انعكاس تصاعد الحرب على سوريا ، وتصاعد توسيع الإرهاب الدولي ، وتوجهه المكشوف للإفلات من السيطرة ، وتهديد للأمن والاستقرار في بلدان عدة في غير قارة في العالم ، إلى ضرورة قيام تحالف دولي فاعل ضد الإرهاب الدولي والقضاء عليه . وعلى هذه الخلفية نشأ " حلف بغداد المعلوماتي " ضد الإرهاب الدولي ، الذي سيبدأ عمله " التنسيقي المعلوماتي ، بين " روسيا وسوريا والعراق وإيران + جزب الله اللبناني " . والذي يعول عليه أن يرتقي إلى المستوى العسكري الشامل بين هذه الأطراف ، وأن يعبد الطرق للحسم العسكري .. وللحلول السياسية لاضطرابات وحروب الشرق الأوسط ، وخاصة في سوريا والعراق .

بيد أن ذلك لن يتحقق في الزمن والشكل المطلوبين ، من خلال الاعتماد على المبادرات والتحركات والتضحيات الصديقة وحسب ، وإنما أيضاً من خلال تعزيز قدرات الذات القائمة على الوحدة الوطنية ، وعلى إحياء المشروع القومي التحرري الديمقراطي ، وإحياء مفاعيله الجماهيرية أولاً ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة