الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواجهة الطائفية هي في مواجهة الاسلام السياسي

سمير عادل

2015 / 10 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


سياسة الاحتلال التي فرضت احزاب وقوى الاسلام السياسي على المجتمع، واستماتة تلك الاحزاب وتلك القوى بأدامة انتاج نفسها للحفاظ على نفوذها وامتيازاتها وسلطتها، تمكنت الى حد من تشويه الوعي الاجتماعي للمجتمع بأشكال مختلفة. اليوم تتحدث الجماهير وخاصة في المناطق المصنفة بالسنية حول تقسيم العراق الى فيدراليات طائفية بشكل يتناغم مع مطالب الممثلين السياسيين للاسلام الطائفي في العملية السياسية وخارجها، امثال سليم الجبوري والعيساوي وطارق الهاشمي وخميس الخنجر ومن لف لهم.
الفارق بين الممثلين السياسيي لاسلام السياسي الشيعي عن الاسلام السياسي السني، هو ان الاول يحاول ان ينأي بنفسه عن التقسيم لا للتخلص من طائفيته، بل على العكس لترسيخ طائفيته بعنوان قومي وتحت يافطة ان الاغلبية من الشعب العراقي هم من "الشيعة" وعليه يجب ان يكون العراق واحد دون تقسيم، لاحتكار الامتيازات والسلطة لوحده مع التنازل عن فتات لرفاقه من الجماعات العروبية المتلحفين بالغطاء الطائفي السني في العملية السياسية وخارجها. ومثلما تحدثنا من قبل على صفحات هذه الجريدة، ان الهوية "الوطنية" بمعناها تجاوز الطائفية والدين، قد ولت وضاعت بين اروقة ودهاليز سياسات الاحتلال والصراع السياسي في العراق، وان التغني بالوطن والعزف على وتر "العراق" اصبح في خبر كان ولا احد من مستمع ولا مستمتع به. وحلت محل تلك الهويات والاغاني الهوية الطائفية في الخطاب السياسي بشكل مباشر وغير مباشر ولكن دون اي حياء ولا خجل. وقد تكون مشروعية التقسيم الفيدرالي الطائفي للعراق يستمدها الانسان البسيط في المناطق الغربية، بأنه سئم التهميش، وارعبه بحر الدماء الذي يسيل في الانبار وصلاح الدين وديالى والموصل وبغداد وكركوك، وشبع قيئا من جرائم داعش وممارساته الاجرامية، واقفلت امامه ابواب الهروب والهجرة الجماعية في داخل العراق وخارجه، وتوصل بعد عقد من الزمن بأن الحل الاسلم لوضعه ومستقبل ابنائه وقضاء ما تبقى من عمره في امن وسلام. وهذه الصورة التي نتحدث عنها هي صورة سائدة في صفوف النازحين من تلك المناطق، وصفوف الذي عادوا الى مناطقهم بعد طرد داعش منها، وكانت واضحة في الاحتجاجات الاخيرة التي اندلعت في المحافظات المصنفة الشيعية حيث لم نسمع اية مبادرة شعبية وجماهيرية من المناطق الغربية او من اهاليها تتضامن مع المطالب الجماهيرية التي خرجت الاحتجاجات من اجلها. وكأنهم يعيشون في بلد غير العراق. وهنا لا لوم يقع عليهم ولا نقد يوجه لهم، بل هو واقع مفروض والمطلوب هو في كيفية التعامل معه لتغييره.
ان احدى عوامل نجاح داعش في ان ينفذ الى العراق ويرسخ سلطته هو الظلم الطائفي. لقد استطاع داعش ان ينجح في تمثيل نفسه بأنه الخلاص او المنقذ من الظلم الطائفي الواقع عن المنطقة الغربية. وهذا سر قوته وتمدده وصموده. وهذا ايضا ما لا يريد احد من عصابات العملية السياسية الاعتراف بهذه المسألة، بل على العكس فان ديمومة استمرار تلك العصابات وترسيخ نفسها هي ظهور داعش في العراق.
ان داعش ممثل الاسلام السياسي السني وهو الوجه الاخر لحكومة الاسلام السياسي الشيعي. فأذا كان الاول غير مقبول سياسيا واجتماعيا، فليس معناه ان الثاني هو الافضل. فالاول اصبح يفرض نفسه بالقوة على مدن الموصل والانبار وبعض مناطق ديالى وصلاح الدين، كما يفرض الثاني نفسه بالقوة على مدن بغداد والديوانية والحلة والبصرة والسماوة والعمارة والناصرية والكوت. والاثنين معا فرضت طقوسهما ومناسباتهما وتقاليدهما على المجتمع. واذا ما كتب الاستقرار للاسلام السياسي الشيعي في العراق فلن يكون حال العراق افضل من حال افغانستان في ظل طالبان واسوء من حال الجمهورية الاسلامية في ايران. لنتذكر قليلا مناسبة العاشوراء على سبيل المثال لا الحصر كيف تتحول المدن التي تسيطر عليها مليشيات الاسلام السياسي الشيعي الى قلعة ملتحفة بالسواد ولا تسمع منها غير صوت النواح والبكاء، وويل لكل من يعلو صوته فوق صوت اللطميات وضرب القامات. اي بعبارة اخرى ان الاثنين معا يمثلان كابوسا خيم على المجتمع العراقي ويجب التخلص منهما.
ان خلاص العراق وجماهيره لن يكن بالتقسيم الطائفي، ولن يكن عبر العودة الى التمسك بالهوية الطائفية، ولا بالامبالاة او غض النظر تجاه الاحاديث والنقاشات التي تدور في المجالس والبيوت وفي المقاهي والشوارع حول الهوية الطائفية عبر التفاخر والتمسك بها، ولا بابراز حسنات الاسلام او بطولات هذا الصحابي او ذاك عبر حشو التاريخ الاسلامي بقصص وبطولات وسوبرمانات خيالية كما ترويها الافلام والمسلسلات التلفزيونية والدعايات المدفوعة الثمن. وبموازة ذلك تسطر المناهج الدراسية وتوظف منابر الجوامع والمساجد لعتاة الطائفيين لنفخ سمومهم في المجتمع. واذا قال ماركس في "نقد فلسفة الحق عن هيجل" - فيما يتعلق بألمانيا، لقد انتهى، من حيث الأساس، نقد الدين، ونقد الدين هو الشرط الممهد لكل نقد- فأننا نقول فيما يتعلق بالعراق فأن نقد الاسلام السياسي هو الشرط في نقد الطائفية في العراق. ان نقد الطائفية يبدء من نقد الاسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني، وان شن الحرب على الطائفية لا يمكن دون شن الحرب على الاسلام السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |