الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عولمة الاعلام بين السياسة والاقتصاد

محمد زين الدين

2005 / 10 / 24
العولمة وتطورات العالم المعاصر


عولمة الاعلام بين السياسة والاقتصاد
يطرح عالم اليوم تحديات جد متنوعة بحكم إكراهات العولمة المتمثلة في وجود تفاعل ثقافي والاعلامي جد مكثفين حولا العالم ليس فقط إلى "قرية صغيرة"؛ بل إلى أسرة كبيرة تتوحد في نمط الاستهلاكها الاقتصادي وخيارها السياسي ؛ مثلما تتوحد في منظومتها الثقافية والإعلامية؛ بل إن هذا الأخير تحول إلى ساحة جد مفضلة لبسط مختلف التناقضات التي يشهدها المنتظم الدولي؛ فبين عولمة الاقتصاد وعولمة الثقافة أمسى الاعلام ساحة الوغى للاثنين بامتياز؛ مثلما تحول إلى حلبة للصراع الضمني بين السياسي والاقتصادي بهدف التحكم في المشهد الاعلامي إدراكا من الطرفين بأن من يتحكم في الإعلام يتحكم في دواليب المحيط الاجتصادي؛ فلا يمكن بلورة مشروع مجتمعي قوي في غياب نظام الاتصال فاعل وفعال..
إن هذه الجدلية بين الاعلامي والاجتصادي تجد شرعيتها ومشروعيتها على امتداد التاريخ الانساني؛ حيث نرصد نوعا من التوازن بين التطور الأفراد والجماعات وتطور وسائل الاعلام والاتصال من عصر الــــنقش على الأحجار إلى بـــــــــــــث الأقمار.

إن هذه السيطرة الممنهجة للمؤسسات الاقتصادية الكبرى على وسائل الاعلام توازيها سيطرة ذات صبغة سياسية قد يتداخل فيها المعطى السياسي مع المعطى الاقتصادي أو تأتي نتيجة لهيمنة العامل السياسي فقط مثلما هو عليه الحال بالنسبة للعديد من دول العالم الثالث؛ حيث مازالت سيطرة الاقتصادي على الاعلام تبدو ضعيفة نوعا ما مقارنة مع الدول المتقدمة التي أمست تجعل من الاعلام حصان طروادة لتمري خطاباتها السياسية واستراتيجيتها العسكرية حيث نستحضر على سبيل المثال لا الحصر إصرار إدارة الرئيس جورج بوش الأب على خلق قمر اصطناعي خاص بإنشاء قنوات تلفزية للاطاحة بنظام كاسترو؛ وفي نفس الاتجاه بدأ الحديث يجري بجدية في كواليس البنتاغون على خلق مركز لرصد نظام الاتصال التلفزيوني وهو في واقع الأمر نوع من الرقابة على القنوات التلفزيونية؛ ويترجم الامتعاض الذي أبدته إدارة جورج بوش الابن ضد "قناة الجزيرة" بسبب انفرادها ببث تصريحات " بن لادن" المناوئة للولايات المتحدة الأمريكية؛ مثلما يترجم الحملة الشرسة التي قامت بها الولايات المتحدة لثني بعض القنوات التلفزية العربية على عدم بث المسلسل التلفزيوني ب" فارس بلا جواد" بدعوى أنه يذكي مشاعر العداء للاسرائليين؛ فيما حرصت الولايات المتحدة الأمريكية على تقديم مسلسل " نهاية أميرة" وهو مسلسل يتعرض بشكل فاضح للحياة الخاصة إحدى الأميرات بالمملكة العربية السعودية؛ ورغم العلاقات الديبلوماسية الجيدة والمحاولات الحثيثة التي أجرتها السلطات السعودية إلا أن المشاهد الأمريكي تمكن من مشاهدة هذا المسلسل.
إن استعراض هذه الأمثلة يفيد بأن في زمن العولمة أمسى الاعلام بدوره خاضعا لمنطق النظام العالمي الجديد القائم في جوهره على تغليب منطق القانون والمبادئ الانسانية ليسود منطق الكيل بمكيالين؛فمثلما أمست العولمة خيارا استراتيجيا والنهج الديمقراطي خيارا سياسيا مفروض على الجميع فإن عولمة الاعلام جاءت كتحصيل للخيارين الاقتصادي والسياسي.
إن الأمر هنا يتعلق بإشكالية أعمق وأدق ألا وهي إشكالية دمقرطة وسائل الاعلام والاتصال في المنتظم الدولي المعاصر؛ وذلك بسن بروتوكول دولي يضمن الحق في دمقرطة وسائل الاعلام والاتصال بشكل يحقق لها الاستقلالية والحياد والموضوعية بعيدا عن أي تأثير للوبي الاقتصادي أو لصناع القرار السياسي.
إن هذه الاستقلالية هي التي ستحقق روح وجوهر الديمقراطية في أبعد تجلياتها؛ فقد عجزت جل الأنظمة الديمقراطية عن ترجمة إعمال فعلي لمبدأ" الديمقراطية حكم الشعب للشعب وبواسطة الشعب" لكن بإمكان وسائل الاعلام أن تحقق هذا الهدف مثلما بإمكانها امتصاص التوترات المجتمعية بفتح نقاشات جادة حول مصير مجتمع العولمة.
أستاذ بكلية الحقوق - المحمدية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا