الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجحيم السوري والرغبة القيصرية

موفق الرفاعي
كاتب وصحفي

(Mowaaffaq Alrefaei)

2015 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



إذا كانت الجنة "عرضها السماوات والأرض" - كما في القرآن- (على سبيل الاستعارة لا الحقيقة كما ذهب جل المفسرين)، فلاشك أن الجحيم لا حدود لها حتى ولو على سبيل الاستعارة.
ها نحن نشهد الجحيم، كيف يعبر الحدود متنقلا من غير ما حاجة إلى تأشيرة دخول ولا جواز سفر.
الخليفة، سَكَّ الدنانير الذهبية وقام (حسب مراسلون وشهود عيان) بإصلاحات خدمية، وأنشأ (الدواوين)، لكنه لم ينشغل في إصدار جوازات السفر لرعايا دولته. لأنهم ليسوا بحاجة إليها... فهم "يمرون بالدهنا خفافا عيابهم/ويرجعن من دارين بُجر الحقائبً".
هل هم في ذلك البديل او المقابل الموضوعي لصواريخ "توما هوك" عابرة القارات؟
- ربما...!
يخطئ مَنْ يفسر الهجرة الأخيرة للدب الروسي أنه جاء من أجل المشاركة في إطفاء الجحيم أو كما يزعم هو.
الدب الروسي كما يبدو سئم أجواء سيبيريا المنجمدة واراد الاستمتاع بأجواء الشرق الوسط الدافئة وبمياه بحاره الدافئة هي الأخرى.
(إنها رغبة قيصرية قديمة حاول السوفييت تحقيقها بعد ذلك بواسطة الآيديولوجيا وكان النجاح محدودا، قَلِقاً، انتهى إلى طردهم من قبل أنور السادات العام 1972).
توماس فريدمان يتوقع أن تتحول سوريا إلى أفغانستان أخرى. إذن ليس العرب وحدهم من يتوقعون هذا وجرَّ عليهم سخرية الإيرانيين الذين صاروا مؤخرا يعتقدون بعصمة بوتين..!
البعض ينفي ذلك مستندا إلى المتغيرات التي حصلت منذ الغزو السوفييتي لأفغانستان وإلى اليوم.
آخرون يستندون في استبعادهم هذا حقيقة إلى ان "الشياطين الحمر" الذين كانوا الذريعة وراء شرعنة القتال "الجهاد" في افغانستان آنذاك، لم يعد لهم وجود في روسيا اليوم، متناسين أن بوتين ذاته كان أحد تلك (الشياطين)، ومن أقبية الـ "كي بي جي" تحديدا.
معلوم، ان الغزو السوفييتي لأفغانستان قد اقتضى نشأة "القاعدة" وما تفرعت عنه لاحقا من منظمات راديكالية أخرى، وأن الإسناد الروسي للنظام في سوريا.. السياسي في مجلس الأمن والعسكري بواسطة إيران عبر مليشياتها اللبنانية والعراقية والأفغانية قد ألهب خيال "ابو بكر البغدادي" ليبتدع (دولة العراق والشام الإسلامية) "داعش" التي تحولت في مرحلة لاحقة إلى (دولة الخلافة الإسلامية) بعد أن أدرج العراق فيها، فمن غير المعلوم ما الذي سوف يستجلبه لنا التدخل الروسي المباشر الأخير، من منظمات أحفورية في المستقبل القريب..!
قد تطفو جثة "بن لادن" من قاع البحر يلقيها على سواحل المتوسط أحد الأعاصير التي تمور بها المنطقة..! وهو ما سوف يُسعِّر الجحيم ليمتد إلى ما هو أبعد من سوريا والعراق، بدلا من إطفاء حرائقه.
قطعا، ما اضطر الروس اتخاذ قرار كهذا، هو فشل من كانوا يديرون حربهم بالوكالة أو بالنيابة عنه.
لم تتمكن إيران بكل ما لديها على الارض السورية من مستشارين ومن مليشيات وقف تدهور النظام في سوريا وتراجعه المتواصل. حتى بات لا يسيطر إلا على اقل من عشرين بالمائة من مساحة سوريا.
كان التدخل الروسي المباشر، اضطراريا. لم يكن خيارا. روسيا تدرك جيدا ان تدخلها هذا ربما كلفها الكثير وهي الدولة المحاصرة اقتصاديا، وان أمريكا ودول اوربا ودولا عربية إضافة إلى تركيا، تتربص بها الآن. ومع هذا تدخلت.. "فإنْ لم يكن إلا الأسنة مركبا/فما حيلة المضطر إلا ركوبها".
إشعال الحروب أو افتعالها لا يحتاج إلى كثير عناء، وبإمكان أية دولة صغيرة كانت أم كبيرة إشعالها. لكن تبقى المعضلة في إطفائها.
إيقاف الحرب عملية ليست في السهولة التي يتصورها الحمقى الذين أوقدوا نيرانها، والمغفلون من مؤيديهم الذين هتفوا لهم أو دعوا لهم بالنصر.
إيقاف الحروب يحتاج إلى جرأة في اتخاذ القرار وشجاعة في التحرر من الخطب البلاغية التي استوجبتها من أجل الحشد لها. والأهم، تَقبٌل التراجع والخسارات، وتَجرّع المرارات، وأحيانا حتى كأس السم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل | مدير الاستخبارات الأميركي: لا دلائل على تراجع قوة روس


.. -مستقبلهم ضاع-.. أطفال غزة بلا مدارس ولا تعليم للعام الثاني




.. وسط الدمار.. فقرات ترفيهية لأطفال غزة خلال حملة التطعيم


.. أم تحكي عن آآثار نفسية عالقة في قلوب أطفالها بسبب الحرب في غ




.. مجموعة السبع تلوح بعقوبات شديدة على إيران حال تزويد روسيا بص