الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

زيد كامل الكوار

2015 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


أثلج صدورنا ما قام به أبطال من المظلومين من منتسبي للسكك الحديد التابعة لوزارة المواصلات ، فقد كان قطعهم الشوارع بعربات قطاراتهم في بعض تقاطعات بغداد احتجاجا واعتصاما على الحكومة بسبب عدم صرف رواتبه التي كان من المفترض لهم أن يتسلموها قبل عيد الفطر ، كان ذلك التصرف الشجاع إجراء لا بد منه لإجبار الوزارة على دفع رواتبهم ورفع مستوى قضيتهم لتكون قضية رأي عام ، والأمر الذي دعاهم إلى هذا التصرف الذي تسبب في أزمة خانقة في انسيابية المرور في المناطق التي أوقفوا عن هو أنهم قد أسقط في أيديهم ولم يعد لهم حل سوى ما فعلوه لأنهم علموا من التجربة التي شاهدوها بأم أعينهم فيما يخص عمال وموظفي التمويل الذاتي الذين تظاهروا مرارا وتكرارا للمطالبة بتحويل رواتبهم على الموازنة العامة للوزارة، متبعين الوسائل السلمية المتحضرة لإعلان احتجاجهم وإيصال أصواتهم إلى آذان المسؤولين التي يبدو أنها أذن من طين والأخرى من عجين ، ولم تفلح تلك التظاهرات السلمية العديدة في تحريك مشاعر الحكومة المتحجرة اتجاه هذه الشريحة المهمة والكبيرة ، فقد استمرت معاناة منتسبي التمويل الذاتي لوزارة الصناعة منذ تشرين الأول من العام الماضي ولم يحصلوا على غير الوعود المهدئة الكاذبة ، فلم يشأ منتسبو السكك الحديد تجربة المجرب وإعادة محاولات التظاهر السلمي لعدم جدواها ففعلوا ما رأوا أنه الحل الأنجع فكان ما فعلوا وقد أفلح مسعاهم وبسرعة مذهلة فما هي إلا ساعات حتى أرسل وزيرهم من يبلغهم بالاستجابة لمطالبهم فورا لاحتواء الأزمة المرورية الخانقة التي تسببوا فيها وقد اختار وزيرهم للرد عليهم وتعنيفهم عبارة أبي جهل المشهورة حين قال إنه أمر دبر بليل ، لتشويه صورة عملهم الشجاع وإظهاره على أنه مؤامرة. أقول: فليكن الأمر كذلك ولتكن هذه الفعالية مؤامرة فعلا ! وأتساءل هنا ، أليس من حق الإنسان أن يدافع عن مصدر رزقه ورزق عياله بكل السبل والوسائل المشروعة المتاحة ؟ أم أن الجرح الذي يصيب غيرك لا يؤلمك كما يقال ؟ لقد عمل هؤلاء العمال ذوي الجراءة والشجاعة المتناهية بقول الشاعر :
وما نيل المطالب بالتمني * ** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
ويجب أن يقتدي بهؤلاء النخبة الخيرة كل ذي حق مغتصب مهضوم ، نعم فهم الذين علموا ذوي الحقوق المغتصبة درسا بليغا ، فالحقوق والمطالب المشروعة تؤخذ وتنتزع انتزاعا ولا يظنن أحد أني أحث أو أحرض على العنف ، فما فعله هؤلاء من قطع الطرق لا يفرق كثيرا عن قطعها بالتظاهرات والاعتصامات سوى أنه لافت للنظر بصورة أكبر ، فما الذي يستطيع فعله عمال الشركة العامة للصناعات الجلدية مثلا ومن أين لهم بالقطارات وعرباتها إذا ما أرادوا أن يضغطوا على وزيرهم المعاند ؟ وماذا سيفعلون ؟ وينطبق الوصف كذلك على الكثير من المطالبين برفع الحيف وتحصيل الحقوق من شرائح الشعب التي تكابد المأساة والمعاناة في شتى مفاصل الحياة اليومية فالمواطن العراقي لا يحصل على الكثير من حقوقه التي ينبغي للحكومة أن تقدمها له كما يجب أن تكون العلاقة بين الحكومات ومواطنيها ، فمعاناة العراقيين من الكهرباء تشملهم جميعا ومنذ الاحتلال الأمريكي الغاشم الكافر ، والحصة التموينية التي أصبحت أثرا بعد عين ، والماء الذي هو عصب الحياة يصل المساكن إن وصل غير صالح للشرب بالمرة ، والخدمات الصحية البائسة السيئة ، أو الخدمات البلدية ، أو خدمة حفظ أمن وأموال المواطنين التي تشكل المعضلة الأهم والأكثر حساسية وضرورة . إنها غيض من فيض الهموم والمطالب المشروعة لأغلب شرائح المجتمع العراقي الذي بات يفكر بجدية في قول الشاعر العربي :
إذا غامرت في شرف مروم *** فلا تقنع بما دون النجوم فطعم الموت في أمر حقير *** كطعم الموت في أمر عظيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: نظام ري قديم للمحافظة على مياه الواحات


.. مراسل أوكراني يتسبب في فضيحة مدوية على الهواء #سوشال_سكاي




.. مفوضية الانتخابات العراقية توقف الإجراءات المتعلقة بانتخابات


.. الصواريخ «الطائشة».. الفاشر على طريق «الأرض المحروقة» | #الت




.. إسرائيل.. انقسام علني في مجلس الحرب بسبب -اليوم التالي- | #ر