الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغَضَبُ والعَجز

امين يونس

2015 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


بماذا يمكن أن نَصِف الحالة النفسية التي نَمُر بها ، هذه الأيام في أقليم كردستان والعراق عموماً ؟ هل هو اليأس الذي يَلُف حياتنا ؟ هل هو الحُزن الذي تَعّدى كُل حدود ؟ هل هو الشعور بالغضب المُتنامي كُل يوم ؟ هل هو الإحباط الذي يُكّبِلنا من الفاو إلى زاخو ؟ هل هو الإحساس بخيبات الأمل المريرة ، من جميع مَنْ كُنّا نتوسمُ فيهم الخَير ؟ هل هو الشعور المُخزي ، بالعَجز ؟ أنهُ كما أرى .. خليطٌ مِنٌ كُل ذلك .
خرجَتْ المُظاهرات المُعّبِرة عن الإستياء العارم من الوضع المُزري ، قبلَ شهرَين .. بدءاً من البصرة " كالعادة " وإمتَدَتْ الى بغداد مّارةً بِكُل المحافظات الجنوبية والوسطى .. وكادَ عرش أحزاب الإسلام السياسي ، يتهاوى ، تحتَ صيحات الجماهير في سوح التحرير .. ولكن كالعادةِ أيضاً .. نجحتْ الطبقة السياسية الحاكمة ، في التماطُل وإعطاء الوعود واللجوء الى الحلول الترقيعية ، وبعض محاولات التقشُف اللامُجدِية .. إضافةً إلى تعاميها المُتعمِد ، عن عصابات المافيات التي ، تخطُف الناشطين وتعذبهم وتخفي آثار بعضهم . سُلطة أحزاب الإسلام السياسي الحاكمة ، تمتصُ تدريجياً غضب الشارِع وتُمّيِع المُطالَبة بالحقوق المشروعة .. مُدّعِيَةً بأنها تقوم ب " إصلاحات " والحَد من الفساد .
ما كانَ على المُتظاهِرين ، أن يتعكزوا على [ دَعم المرجعية ] وما كانَ عليهم أن يُراهنوا على إحداث شَرخٍ بين الأحزاب الحاكمة والمرجعية . لأنهُ بِبساطة ، لولا هذه المرجعية الدينية المذهبية ، لما إستطاعتْ هذه الأحزاب ، إمتطاء السُلطة منذ 2003 ولِحَد الآن ، أساساً . لَولا هذه المرجعية ، لما تشكلتْ أكثر من ثلاثين ميليشيا مُسلحة ، تحتَ مُختلَف الحُجَج والمُسميات ، حتى أصبحتْ ، هذهِ الميليشيات ، على الأرض ، أقوى وأكثر فاعلية من الجيش والشُرطة ! .
كانَ على المُتظاهرين ، أن يتمسكوا فقط ، بشعاراتهم المُطالِبة : بدولةٍ مدنية / إلغاء المُحاصصة المقيتة / خدمات حقيقية / عدالة خبز حُرية .
ان ظهور مُعتمد المرجعية كُل يوم جُمعة ، وإعلانه وقوفه مع المتظاهرين .. بعيدٌ عن المَنطِق في إعتقادي .. فالدولة المدنية والعدالة والحُرية ( وهي جوهَر مُطالبات المتظاهرين ) ، إذا تحققتْ بالفِعل ، فأن في ذلك مَقتَل لل ( الإسلام السياسي ) وفصلٌ عَملي بين الدين والسياسة .
أرى ان كلاهما : العبادي من جهة ، والمرجعية من جهةٍ أخرى .. يُحاولان تفريغ المُظاهرات من محتواها الثوري التغييري .. وتحجيمها بحيث ، تتحول إلى حركة إصلاحية بسيطة تجميلية ، تُبقي على الطبقة الحاكمة الفاسدة مع تبديل بعض الوجوه من الدرجتَين الثانية والثالثة .
......................
رغم وجود بعض الفروقات الشكلية ، بين بغداد وأربيل .. فأن الأساس في أزمة الحُكم ، واحد . ف [[ الفساد ]] الضارب أطنابهُ في الجانبَين ، وسوء توزيع الثروة في كلاهما ، وإستحواذ الأحزاب الحاكمة على كُل مفاصل المال والتجارة وإحتكار السُلطة والتحكُم بأرزاق الناس ... الخ . هذه كُلها صفات مُشتركة بين الحكومة الإتحادية وحكومة الأقليم .
وصلتْ الأمور في الأقليم ، إلى خروج الناس الى الشارع والتظاهُر والإعتصام " لاسيما في مناطق السليمانية وكرميان وبعض أربيل " .. أعتقد ، بأن الشعارات يجب أن لا تقتصر على المطالبة بدفع الرواتب ، بل ترتقي لحد المُناداة ، بالعدالة في توزيع الثروات والشفافية والتداول السلمي للسُلطة .
.....................
تبقى المُظاهرات في بغداد والأقليم ، قليلة التأثير وبلا جدوى حقيقية .. مادامتْ تقتصرُ على النُخبة فقط .. فإذا لم تُشارِك الجماهير العريضة المُتضررة الأساسية من الأوضاع الراهنة .. وإذا لم تتحلى بروح المُثابَرة والنفَس الطويل .. فأن الواقع المُزري الحالي ، سيمتدُ الى مَدىً طويل .. كما سنبقى نحنُ العراقيين ، نُعاني من : الإحباط / الحُزن / اليأس / الغضب / العَجز .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل الجزيرة يرصد الأوضاع الإنسانية من داخل مستشفى كمال عدو


.. عاجل | مصدر لبناني للجزيرة: حزب الله فقد الاتصال بهاشم صفي ا




.. ما أغلى 5 صفقات لحراس المرمى بالعالم؟


.. مصدر أمني لبناني يكشف للجزيرة أن حزب الله فقد الاتصال برئيس




.. إسرائيل تواصل محاولة اكتشاف مواقع حزب الله في الجنوب اللبنان