الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في سوريا .. لا تنه عن أمر تفعله في اليمن

جعفر المظفر

2015 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


في سوريا .. لا تنه عن أمر تفعله في اليمن
جعفر المظفر
قال بوتِن أنه ذاهب إلى سوريا لأجل تحقيق هدفين أساسيين, أولهما حماية الدولة السورية وثانيهما القضاء على الإرهاب ولم يقل إنه ذهب إلى هناك لحماية بشار الأسد, أي حماية السلطة السورية ممثلة برئيسها.
ليست هناك مشكلة كبيرة في تحديد قوى الإرهاب الأساسية على الساحة السورية .. لدينا داعش وجبهة النصرة (القاعدة) ومجاميع صغيرة يمكن أن تدرج في نفس الخانة.
إن من حق الدول أن تحارب الإرهاب على أراضيها أو في أراضي دولة أخرى إذا ما تم إستدعاءها بطلب من حكومة تلك الدولة, وروسيا لم تفعل غير ذلك, اي أنها من الناحية القانونية الدولية أكثر إنسجاما مع مفهوم الشرعيات السياسية المتفق عليه والذي يمثله النظام الحاكم للدولة طالبة النجدة. بل لعلها من ناحية قانونية أكثر تجسيدا لمعنى الشرعية الدولية من الغرب نفسه الذي يتدخل في شؤون الساحة السورية مستظلا بشرعية (أخلاقية مطاطة) ذات قيمة إعتبارية وليست قانونية.
معنى ذلك, إذا إتفقنا على قانونية التدخل الروسي في سوريا المستهدف تحقيق أمرين منفصلين: القضاء على (الإرهاب) من جهة وحماية (الدولة السورية) من جهة أخرى, معناه: إطلاق سراح يد روسيا في محاربة كل (أعداء) الدولة وليس محاربة قوى الإرهاب لوحدها. لكن عندما يمتد القصف ليشمل فصائل غير مصنفة على خانة قوى الإرهاب كالجيش الحر مثلا فسنكون بحاجة للتمييز القانوني بين مفهوم الدولة ومفهوم السلطة: أين يلتقيان وأين يفترقان, بين معنى النظام والحكومة من جهة ومعنى الدولة من جهة أخرى, وأن نعثر على التعريف الدقيق لمفاهيم أساسية تضم معنى الشرعية القانونية التي تمثلها الدولة القائمة وفرقها عن الشرعية الأخلاقية التي قد تمثلها قوى الثورة المعادية لتلك الدولة, ومن منهما الأوفر حظا في عالم الشرعيات السياسية. حتى هذه اللحظة نجد أن نظام بشار ما زال يمتلك شرعية تمثيل الدولة السورية في المحافل الدولية وفي المقدمة منها منظمة الأمم المتحدة. تجميد عضويته في الجامعة العربية لا يعني سحب الإعتراف به عربيا كما أن الدول من خارج هذه الجامعة غير ملزمة بالمرة بقرار التجميد. ولهذا فإن الإعتراف بشرعية طلبه النجدة الروسية يعني في مضمونه الإعتراف بشرعية قصفه لكل القوى التي تقاتل ضد الدولة السورية الممثلة بنظامها الذي ما يزال العالم يعترف به رسميا.
لم أكن يوما مع نظام بشار الأسد دون أن يعني ذلك إنني أتعاطف مع خصومه من خارج الطبيعة الأخلاقية للثورة التي فقدت قيمتها الأخلاقية من خلال عامل التدخل الأجنبي وتصاعد هيمنة الإرهاب. أما الحقيقة الأكثر وضوحا فهي تلك التي تقول أن الشعب السوري هارب من كليهما : النظام وخصومه, وإذا ما إتقنا على دكتاتورية النظام وقسوته ودمويته فإن البديل المطروح لا يبدوة أقل وحشية ودموية بما يعني أن الإحتكام في النهاية يجب أن يتأسس على إعتبارات قانونية مجردة لا تتداخل مطلقا مع الإعتبارات الأخلاقية التي نجد أنفسنا منحازين إليها في وجه جميع الطغاة.
إن التعاطي مع المسميات والأحكام والمواقف القانونية, سواء أدت بالنهاية إلى إنحياز, ولو نسبي, لهذه المجموعة أو تلك, لا يعتمد مطلقا على ولاءات عقائدية أو أخلاقية أو محاباة شخصية, وإنما هو يخضع إلى ويتأسس على تعريفات تتفق المنظومة الدولية على مشروعيتها القانونية. ولا أعتقد أن المُشَّرِع الروسي كان جاهلا بالمشروعيات القانونية التي تأسس عليها التدخل العسكري, لا بل إنني أراه, من هذه الناحية بالذات, أكثر إنسجاما مع النظام الدولي الحالي من خصومه على الساحة السورية. فإن كانت هناك عِلَّة فلنبحث عنها في القانون الدولي وليس في القرار الروسي.
أما إذا دخلنا في حالة المقارنات فسوف ندخل مباشرة في مساحة قَرَف الإزدواجيات وعفوتنها الخانقة. هنا سنكون عاجزين عن فهم لماذا يكون من حق دول الخليج أن تتدخل في الساحة اليمينة إعتمادا على طلب من رئيسها الشرعي منصور عبد ربه ولا يجوز لروسيا ان تتدخل بطلب من رئيس سوريا الشرعي بشار عبد ربه. ولماذا كان جائزا أصلا لأمريكا وحلفائها (الخليجين, مثلا) إقتلاع الدولة العراقية من جذورها والإطاحة برئيسها صدام حسين, على الرغم من أنه كان أيضا عبد ربَّه.
هناك مثل عراقي يقول (اللي ما يفتح زنبيله .. مَ حَدْ إيعَبيلَة) وهذا المثل قريب في المعنى لحكمة أبي الأسود الدؤلي ( لا تنه عن خلق وتأتي مثله .. عار عليك إذا فعلت عظيم), وفي ظل الوضع السياسي العربي الراهن فإني أراه يستقيم مع القول ( لا تنه في سوريا عن ما تفعله في اليمن).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر عسكري: إسرائيل تستعد لتوسيع العملية البرية جنوب لبنان


.. لماذا يحتكر حزبان فقط السلطة في أمريكا؟




.. غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت والجيش الإسرائيلي يطلب إخلا


.. معلومات جديدة عن استهداف إسرائيل لهاشم صفي الدين




.. الحرب على لبنان | لقاء مع محمد على الحسيني